أميركا تُشدّد على تثبيت وقف النار وإجراء «انتخابات ليبية نزيهة»

خلال زيارة أول وفد من واشنطن لطرابلس منذ تولي الدبيبة والمنفي السلطة

صورة وزعها مكتب رئيس المجلس الرئاسي الليبي لاجتماعه أمس في العاصمة طرابلس مع الوفد الأميركي
صورة وزعها مكتب رئيس المجلس الرئاسي الليبي لاجتماعه أمس في العاصمة طرابلس مع الوفد الأميركي
TT

أميركا تُشدّد على تثبيت وقف النار وإجراء «انتخابات ليبية نزيهة»

صورة وزعها مكتب رئيس المجلس الرئاسي الليبي لاجتماعه أمس في العاصمة طرابلس مع الوفد الأميركي
صورة وزعها مكتب رئيس المجلس الرئاسي الليبي لاجتماعه أمس في العاصمة طرابلس مع الوفد الأميركي

أجرى وفد أميركي رفيع المستوى، بقيادة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى جوي هود، أمس، زيارة مفاجئة إلى العاصمة الليبية طرابلس، أجرى خلالها محادثات مع رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي.
وقال المنفي إنه استعرض لدى اجتماعه بالوفد الأميركي العلاقات الثنائية بين البلدين، ومسار العملية السياسية في ليبيا، ومساعي المصالحة الوطنية، وتعزيز وقف إطلاق النار، بينما لم يفصح الدبيبة عن فحوى محادثاته مع الوفد، الذي ترأسه هود، وضم السفير الأميركي والمبعوث الخاص إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، وعدداً آخر من مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية. لكنه أوضح أن الاجتماع تم بحضور وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، ونظيرها للنفط والغاز محمد عون.
وخلال اللقاء، طالب المسؤول الأميركي بوقف جميع التدخلات الخارجية، والتأكيد على وقف إطلاق النار في ليبيا، وأكد في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع وزيرة الخارجية الليبية على مشاركة بلاده دبلوماسياً في الشأن الليبي، ودعمها لمسيرة الشعب الليبي في اتجاه النقاط الأساسية التي تم التوافق بشأنها. مشدداً على ضرورة أن تجرى الانتخابات دون تدخل خارجي، ورفض بلاده أي تدخل مسلح في الشأن الليبي، ووجود المرتزقة والمقاتلين الأجانب، وكل التدخلات العسكرية بجميع أنواعها.
من جهتها، شددت المنقوش على أهمية إنجاح مؤتمر برلين والعملية السياسية في ليبيا، ولفتت إلى ضرورة تنسيق المواقف الدولية تجاه الأزمة الليبية.
مؤكدة ضرورة دعم الولايات المتحدة لحكومة الوحدة الوطنية لتحقيق أهداف خريطة الطريق، ومن أبرزها توفير السلطة التنفيذية الشروط اللازمة لإجراء الانتخابات، وتعزيز الشرعية السياسية في البلاد، عبر معالجة القضايا الأمنية، وبسط السيادة الوطنية على كامل التراب الليبي، وإنهاء الوجود الأجنبي، مع توفير الأمن للمواطن، وإنهاء حالة النزاع المسلح.
كما شددت المنقوش على «أهمية توحيد مؤسسات الدولة، وتحرير القرار السيادي الوطني من أي إكراه مادي أو معنوي، داخلياً أو خارجياً. إضافة إلى تحسين الخدمات والأداء الاقتصادي، وتطوير عمل مؤسسات الدولة، والإدارة الرشيدة للموارد العامة، وإطلاق عملية المصالحة الوطنية الشاملة».
وبعدما أكدت تطلع حكومة «الوحدة» للعمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة ومبعوثها، من أجل الإيفاء بجميع الوعود الخاصة بخريطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، دعت المنقوش أميركا للمساعدة في الضغط على المجتمع المعني للوفاء بالتزاماته، واحترام قرارات الأمم المتحدة، ودعم وقف إطلاق النار، وتنفيذ نتائج لجنة «5+5»، التي تضم ممثلي الحكومة والجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر. مؤكدة على ضرورة افتتاح السفارة الأميركية والقنصلية في طرابلس وبنغازي، لما لهما من أثر في توجيه رسالة إلى المجتمع الدولي لدعم استقرار ليبيا وأمنها.
وتعد زيارة هود لليبيا هي الأولى من نوعها لمسؤول أميركي، منذ تولي السلطة التنفيذية الجديدة لمهامها رسمياً.
وكانت وكالة الأنباء الليبية قد أوضحت أن هذه الزيارة «تكتسي أهمية لكونها تأكيداً على اهتمام الإدارة الأميركية الحالية بالملف الليبي، ودعمها للسلطات التنفيذية الجديدة في ليبيا، والمتمثلة في المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، خاصة أنها تأتي مباشرة بعد إعلان الخارجية الأميركية تعيين السفير الحالي ريتشارد نورلاند، مبعوثاً خاصاً للحكومة الأميركية إلى ليبيا، بالإضافة إلى مهمّته رئيساً للبعثة الدبلوماسية إلى ليبيا».
وكانت المنقوش قد أجرت مساء أول من أمس اتصالاً هاتفياً مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لمناقشة آخر تطورات الوضع في ليبيا، خاصة ما يتعلق بتنفيذ بنود خريطة الطريق، ودعم الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار، وتنفيذ النتائج التي توصلت إليها اللجنة العسكرية المشتركة، والمساعدة في برامج نزع السلاح والتسريح، وإعادة الإدماج وإصلاح القطاع الأمني. وعبرت عن تطلع حكومتها للعمل عن كثب مع يان كوبيش من أجل الوفاء بجميع الالتزامات، المنصوص عليها في خريطة طريق الحوار الليبي وقرارات الأمم المتحدة 2570 - 2571.
في سياق ذلك، طالبت المنقوش، الأمين العام بأن «يحث جميع وكالات الأمم المتحدة على العودة إلى ليبيا»، قائلة إنه «لا داعي للعمل عن بعد من تونس، فهذا سيرسل إشارة إيجابية قوية من الأمم المتحدة، كما أن ليبيا بحاجة إلى مزيد من الدعم للمدن النائية، وخاصة في المنطقة الجنوبية من قبل الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.