السلطات اللبنانية {لن تسمح} بإشعال جبهة الجنوب ضد إسرائيل

جنود لبنانيون قرب بلدة العديسة المحاذية لمستوطنة «المطلة» الإسرائيلية يحولون دون تقدم متظاهرين إلى النقطة الحدودية (د.ب.أ)
جنود لبنانيون قرب بلدة العديسة المحاذية لمستوطنة «المطلة» الإسرائيلية يحولون دون تقدم متظاهرين إلى النقطة الحدودية (د.ب.أ)
TT

السلطات اللبنانية {لن تسمح} بإشعال جبهة الجنوب ضد إسرائيل

جنود لبنانيون قرب بلدة العديسة المحاذية لمستوطنة «المطلة» الإسرائيلية يحولون دون تقدم متظاهرين إلى النقطة الحدودية (د.ب.أ)
جنود لبنانيون قرب بلدة العديسة المحاذية لمستوطنة «المطلة» الإسرائيلية يحولون دون تقدم متظاهرين إلى النقطة الحدودية (د.ب.أ)

استبعد مصدر سياسي بارز اشتعال الوضع على جبهة جنوب لبنان، امتداداً للمواجهات العسكرية المفتوحة بين قطاع غزة وإسرائيل، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه سيبقى تحت السيطرة لأن لا مصلحة لـ«حزب الله» في أن تتوسع المواجهة لتشمل الجنوب الذي يشهد موجات تضامن مع الفلسطينيين قرب الحدود بين لبنان وإسرائيل للتعبير عن فورة الغضب التي تجتاح عدداً من المناطق اللبنانية تأييداً لقطاع غزة، والتي ما زالت في حدودها الرمزية، بمشاركة عدد من الأحزاب والمجموعات اليسارية.
وأكد المصدر أن التنسيق قائم بين قيادة قوات «يونيفيل» وقيادة الجيش اللبناني والقوى المسيطرة في الجنوب، ممثلة بـ«حزب الله» وحركة «أمل»، وقال إن القرى الجنوبية تشهد لمناسبة عيد الفطر حالة من الاكتظاظ الشعبي، ولم تتأثر بالتوترات التي شهدتها بعض المناطق الحدودية في أعقاب المواجهات المحدودة التي جرت بين المتظاهرين أمام بوابة فاطمة في بلدة كفركلا الحدودية والجيش الإسرائيلي، وتمكنت وحدات الجيش اللبناني، بالتعاون مع وحدات من «يونيفيل»، من إعادة الهدوء إلى المنطقة.
ولفت إلى أن لمشاركة «حزب الله» الرمزية في الحركات الاحتجاجية أكثر من معنى سياسي، وهذا ما ظهر جلياً من خلال الحضور المتواضع للمجموعات المتضامنة، وقال إن إطلاق 3 صواريخ من بلدة القليلة، الواقعة بمحاذاة مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين، باتجاه الأراضي الفلسطينية لم يُحدث أي تبدل في المشهدين الأمني والعسكري في الجنوب، وتحديداً في منطقة العمليات المشتركة للجيش اللبناني والقوات الدولية في جنوب الليطاني لتطبيق القرار الدولي 1701.
ورأى المصدر نفسه أن إطلاق الصواريخ بقي في حدود التعبير عن موجة الغضب العارمة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ولم يكن أبعد من توجيه رسالة تضامنية مع قطاع غزة، من دون أن تفتح الباب أمام الدخول في مواجهة بين إسرائيل و«حزب الله» لأن لا مصلحة للطرفين في التصعيد، خصوصاً أن الحزب يراقب ما يحصل في القطاع، ويعد أن حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» والفصائل الفلسطينية الأخرى تُبدي مقاومة، وبالتالي ليست في حاجة حتى إشعار آخر إلى إسناد عسكري من خارج الحدود.
وعد أن الظروف السياسية التي كانت سائدة في أثناء حرب يوليو (تموز) 2006 غير الظروف القائمة حالياً، سواء في الداخل اللبناني أو على الصعيد العربي والدولي، وقال إن «حزب الله» يتمتع حالياً بفائض من القوة ليس مضطراً للتفريط به، ولا يزال الأقوى لبنانياً، ولن يُقدم على أي خطوة غير مدروسة بنقل المواجهة من قطاع غزة إلى جنوب لبنان، خصوصاً أن إسرائيل ليست في وارد فتح جبهات عسكرية جديدة، وهذا ما أصرت عليه من خلال رد فعلها العادي على سقوط 3 صواريخ في البحر لم تُحدث أضراراً.
وقال إن المواجهة المفتوحة بين قطاع غزة وإسرائيل دفعت باتجاه تحرك المجتمع الدولي للنظر في الخطوات لوقف هذه المواجهة، وأكد أن «حزب الله» لا يأخذ بالتوقيت المحلي في اتخاذه القرارات، وإنما يتبع التوقيت الإقليمي والدولي، من منظار استمرار المفاوضات في فيينا بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي برعاية أوروبية.
وعد المصدر نفسه أن إيران ليست في وارد التفريط بأوراق القوة التي تحتفظ بها، وتصر على طرحها على طاولة المفاوضات لتحسين شروط التفاوض، وهذا ما يدعوها إلى عدم حرق الورقة اللبنانية، وبالتالي توفير الحماية لها، لأن حرقها سيمنعها من تسييلها سياسياً في مفاوضات فيينا، إضافة إلى أنها تراهن على خروج الفصائل الفلسطينية الحليفة لها من المواجهة، ما يسمح لها بتدعيم موقفها التفاوضي، مع أن جهات دولية تعتقد أن صواريخ غزة ستُدرج من قبل أوروبا والولايات المتحدة بصفتها بنداً على جدول أعمال المفاوضات، إلى جانب الملف النووي.
وأشار إلى أن نقل المواجهة إلى الجنوب سيدفع بخصوم إيران إلى إدراج الصواريخ الدقيقة التي يتحدث عنها باستمرار الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، على طاولة المفاوضات، وهذا ما لا يريده الحزب، ومن خلفه طهران، في ظل تصاعد الاشتباك السياسي على خلفية التأزم الذي يحاصر تشكيل الحكومة من جهة، وإصرار البطريرك الماروني بشارة الراعي على التمسك بمطالبته بتدويل الأزمة اللبنانية، والدعوة لعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لتحييد لبنان، والنأي به عن الصراعات الدائرة في المنطقة، من دون أن نسقط من حسابنا أن هناك صعوبة أمام الحزب في تأمين الأكلاف المترتبة على المواجهة، فيما هو على صدام سياسي مع المجتمع الدولي وعدد من الدول العربية، بخلاف الدعم الخارجي الذي تأمن للبنان فور انتهاء حرب تموز.
لذلك فإن الحزب لن يبادر إلى فتح جبهة الجنوب من جانب واحد، وهو يحتفظ بقوة الردع لمنع إسرائيل من الإخلال بقواعد الاشتباك التي ما زالت سارية المفعول منذ حرب تموز، لكنه في المقابل سيبقى في حالة الدفاع عن النفس، إذا بادرت إسرائيل إلى فتحها من دون أن يكون لديها من ذرائع لتبرير عدوانها.
فـ «حزب الله» يدرك أن مبادرته إلى التصعيد جنوباً ستفقده أوراق القوة التي تجعل منه الرقم الصعب، رغم أنه يفضل عدم التدخل للضغط على رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل لإسقاط شروطهما للإفراج عن تشكيل حكومة مهمة.
كذلك فإن المزاج الشعبي ليس في وارد توفير الغطاء السياسي لأخذ لبنان إلى مواجهة عسكرية الذي سيقتصر على الحاضنة الشعبية للحزب، بخلاف الآخرين ممن يشكون من الجوع، ويتخوفون على مستقبلهم المظلم مع اقتراب البلد من العتمة لعدم تأمين التغذية بالتيار الكهربائي.
لذلك فإن الحزب لن يبادر إلى إقحام الجنوب في مغامرة لن يكون في موقع الدفاع عن النفس فيها، ويعود السبب -كما يقول المصدر- إلى تشتت الواقع السياسي الذي يحول دون احتضانه بغياب حكومة مهمة تؤمن له الغطاء السياسي، خصوصاً أن التيار السياسي المحسوب على عون أخذ يتراجع، ولا يستطيع أن يملأ الفراغ للتعويض عن الذين هم على خلاف حاد مع الحزب.
وعليه، فإن عون الذي أسهم في توفير الغطاء السياسي لـ«حزب الله» بعد توقيعه مع نصر الله على ورقة التفاهم في فبراير (شباط) 2006، قبل أشهر من حرب تموز، لم يعد في الوضعية السياسية التي تمكنه من توفير الغطاء السياسي لحليفه هذه المرة، إضافة إلى عجز الحكومة المستقيلة عن توفيره، وهذا ما يدفع به إلى التدقيق بحساباته التي تفرض عليه عدم التفريط بأوراق القوة التي يتمتع بها، والتي يراهن على صرفها في مفاوضات فيينا من قبل طهران، لاعتقاده أنها قابلة للصرف دولياً، باعتبار أن إيران تبدو مرتاحة في لبنان أكثر بكثير من البلدان الأخرى، رغم ما لديها من أذرع تستخدمها لتكون بمثابة خطوط الدفاع المتقدمة لخفض منسوب الضغط عليها.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.