«النصوص المبتكرة» تُثبت جدارتها درامياً في الموسم الرمضاني

إشادات نقدية بأعمال الفخراني ومنى زكي وكريم عبد العزيز

يحيى الفخراني في مسلسل «نجيب زاهي زركش»
يحيى الفخراني في مسلسل «نجيب زاهي زركش»
TT

«النصوص المبتكرة» تُثبت جدارتها درامياً في الموسم الرمضاني

يحيى الفخراني في مسلسل «نجيب زاهي زركش»
يحيى الفخراني في مسلسل «نجيب زاهي زركش»

28 عملاً قدمتها الدراما المصرية خلال موسم رمضان، وشهدت تبايناً في مستواها، فقد حققت المسلسلات التي تضمنت نصوصاً مبتكرة وجديدة إشادات لافتة من قبل الجمهور والنقاد على حد سواء، بينما حظيت المسلسلات التي تناولت أفكاراً وقصصاً «مستهلكة»، أو مكررة بتقييم سلبي وانتقادات حادة.
وفي الوقت الذي اتفق فيه نقاد على تصدر مسلسلات «الاختيار»، و«لعبة نيوتن»، و«القاهرة كابول»، و«هجمة مرتدة»، و«نجيب زاهي زركش» قائمة «الأفضل» في رمضان، رجحوا كذلك خفوت أعمال نجوم اعتادوا الحضور الرمضاني مثل محمد رمضان في مسلسل «موسى».
مغامرة منى زكي
يتوقف الكاتب والناقد المصري طارق الشناوي عند فكرة «المغامرة»، التي صاحبت عدداً من المسلسلات المتميزة من بينها مسلسل «لعبة نيوتن»، الذي يعتبره الشناوي مع مسلسل «الاختيار» من أفضل المسلسلات هذا الموسم، ويصفه بأنه «مغامرة كبرى» على مستوى تكنيك الكتابة، والأداء، والوهج الفني والجمالي الذي أبدعه المخرج تامر محسن، مشيراً إلى أنه «إذا كنا قد اعتدنا دوماً النظر لورش السيناريو باعتبارها مصدراً للأعمال الرديئة، ففي هذا المسلسل اكتشفنا أنها يمكن أن تطرح سيناريو جيداً ومتكاملاً، والأمر يتوقف على (الأسطى) الذي يدير الورشة، ومن الواضح أن المخرج تامر محسن (أسطى) صاحب طموح كبير في هذا المسلسل، كما أن عودة النجمة منى زكي بعد غياب خمس سنوات يعد فارقاً كبيراً في فن الأداء فقد وصلت منى لقمة تفاصيل هذا الفن، وهو ألا يشعر المشاهد أنها تمثل«.
كما يشيد الشناوي بفكرة «مواجهة التطرف الديني والإرهاب»، التي طرحتها ثلاثة أعمال مهمة هي: «الاختيار»، و«القاهرة كابول»، و«هجمة مرتدة»، فكل منهم يرنو لمنطقة مغايرة لكن في النهاية يجمعهم هدف واحد، وهو فضح أذرع التطرف، مؤكداً أن «مسلسل (الاختيار 2) استطاع أن يقفز جماهيرياً على نظيره في العام الماضي، ونجح المخرج بيتر ميمي في الجمع بحرفية بين التوثيق والدراما، ليحقق العمل حالة توحد جماهيري برغم أن هذه النوعية من الدراما تعد ضرباً من المغامرة لتحقيق دائرة واسعة من النجاح».
وعن حجم الإنتاج الدرامي المصري بموسم رمضان هذا العام يقول: «ليس الأعلى في مصر بل تفوقت سنوات سابقة عليه من حيث الكم، لكن الأخير شهد تنوعاً في الأفكار، وفي الأبطال، وضم مسلسلات لديها طموح، وأخرى تسير في نفس الإطار القديم، على غرار (موسى)، لمحمد رمضان، فلا يوجد به طموح»، على حد تعبيره.
ويرصد الشناوي ظاهرة مشاركة مختلف الأجيال في الموسم، بدءاً من يحيى الفخراني ويسرا اللذين يوجدان على الساحة على مدى أربعة عقود من الزمان، وكل منهما له جمهوره ويؤدي أدوار بطولة، بالإضافة إلى الرهان على أسماء جديدة مثل أمينة خليل في «خلي بالك من زيزي»، وإعادة اكتشاف نجوم كبار على غرار محمد محمود الذي جسد شخصية «طريف» في مسلسل «نجيب زاهي زركش»، فهو ممثل مخضرم لم يلتفت أحد لتقديمه في مساحات أكبر سوى المخرج شادي الفخراني.
ومن الظواهر الإيجابية التي يرصدها أيضاً الناقد طارق الشناوي هذا الموسم عودة المسلسلات القصيرة المكونة من 15 حلقة، مؤكداً تطلعه لعودة دراما الخمس حلقات والسباعية.
ويلفت الشناوي إلى أن غياب المرأة كمخرجة وسط هذا الكم من المسلسلات الذي لم تشارك به سوى المخرجة شيرين عادل بمسلسل «النمر» لمحمد عادل إمام، يعد من أبرز سلبيات الموسم أزمة الكتابة.
وترى المخرجة المصرية إنعام محمد علي، أن الكتابة هي أزمة كل الأعمال وأن الإعلانات هي آفة الدراما هذا العام مؤكدة: «هناك أعمال جيدة لكن بها ضعف في الكتابة مثل مسلسل (هجمة مرتدة) إذ تكاد تغيب عنه تفاصيل لمشاهد مهمة تحقق نوعاً من التوازن بين المادة الحقيقية المأخوذ عنها، والجزء الدرامي، فالمشاهد العائلية قليلة جداً، وكذلك المشاهد الرومانسية لعلاقة الحب بين هند صبري وأحمد عز، ففي أعمال الكاتب الراحل صالح مرسي مثل (رأفت الهجان)، كان هناك مشاهد تنطوي على دفء حتى في علاقة العاملين بجهاز المخابرات والعميل الذي يتبنونه، بينما جاءت في (هجمة مرتدة) بشكل ينطوي على جفاف كبير، والأمر ذاته لاحق كتاب جيدين مثل عبد الرحيم كمال في مسلسل (القاهرة كابول)، الذي يغلب عليه مشاهد حوارية وليس مشاهد يغلب عليها الحركة والتنقل في أماكن عدة، مما أظهره في بعض الحلقات كمسلسل إذاعي».
وتشير إلى أن «مشاهد كمال في مسلسله الآخر (نجيب زاهي زركش)، المأخوذ عن مسرحية إيطالية، جاءت طويلة ومترهلة، ولم ينقذها سوى الأداء العبقري ليحيى الفخراني الذي يملك حضوراً أخاذاً ويتحمل مسؤولية العمل كاملاً وتظهر بجواره الممثلة التي تؤدي شخصية ابنة شقيقته وتمثل طاقة جميلة في المسلسل، وكذلك ابنه الذي يجسد دوره رامز أمير وهو ممثل جيد جداً».
في السياق تنتقد إنعام عرض مسلسل «كوفيد - 25» في هذا التوقيت مبررة ذلك بقولها: «في ظل الأجواء الكئيبة التي سببها وباء (كورونا)، لم يكن من اللائق عرض هذا المسلسل ليرفع حدة الكآبة لدى الناس، ويزيد مخاوفهم»، مؤكدة أن «نصف الأعمال التي عرضت في الموسم الرمضاني لا ترقى لمستوى المنافسة، ومن بينها مسلسل (موسى) لمحمد رمضان الذي يكرر نفسه، ويقدم مواقف في مسلسله سبق وأن شاهدناها في أعماله الأخرى.«
صدارة المشهد
فيما يرى الناقد خالد محمود أن أعمال هذا العام تعيد الدراما المصرية إلى صدارة المشهد بأعمال هي الأكثر تنوعاً وتميزاً في السنوات الأخيرة، محدداً خمسة أعمال باعتبارها الأفضل، وهي «الاختيار2»، و«هجمة مرتدة»، و«القاهرة كابول»، و«لعبة نيوتن»، و«نجيب زاهي زركش»، وتنتمي جميعها لإنتاج متميز أتاح لصناعها حرية كبيرة في اختيار الأبطال، وكشفت هذه الأعمال أيضاً عن كتاب سيناريو موهوبين وأسماء سيكون لها شأن كبير مثل هاني سرحان، وفي عالم المخرجين يبرز اسم بيتر ميمي، ومحمد سلامة، ومحمد أسامة، وقدم مسلسل «الطاووس» قضيته بذكاء بعيد تماماً عن الافتعال وقد أدرك المجلس الأعلى للإعلام منذ اللحظة الأولى أن ما أثير بشأنه لم يكن صائباً، خصوصاً مع معالجة السيناريو التي جاءت مختلفة، فقد لجأ لنهايات قدرية وليس لأحكام المجتمع وتعامل المؤلف والمخرج بذكاء ولم يقدما مشهداً واحداً مبتذلاً، كما برع في الأداء الفنان جمال سليمان وسهر الصايغ.
وعن البطولات النسائية التي استحوذت على أكثر من 11 عملاً درامياً بالموسم الأخير، يقول: «لم تستطع أي بطلة أن تشكل عنصر جذب في سباق دراما رمضان باستثناء منى زكي في (لعبة نيوتن) حيث تمكنت من جذب الجميع بأدائها وأرى أنه العمل الأبرع في أدائها بعد فيلم (إحكي يا شهرزاد)، في مراحل أخرى تأتي حنان مطاوع في (القاهرة كابول) وريم سامي في (موسى)، ويشير محمود إلى أن هناك أعمالاً لم يستطع استمرار مشاهدتها لأنها خرجت عن السياق الفني على غرار (لحم غزال، وملوك الجدعنة، واللي مالوش كبير، ونسل الأغراب) لاعتمادها على أداء مبالغ فيه وشخصيات مستهلكة».
ويطالب خالد محمود بعض الممثلين بإعادة النظر في ظهورهم المتكرر كل رمضان، مؤكداً أن «فكرة الظهور كل سنة تحرق أصحابها، ولا تمنحهم فرصة لاختيار أعمال مميزة».



من سيارة «ليرة» إلى «تاكسي طائرة»... هشام الحسامي شعارُه «صُنع في لبنان»

المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
TT

من سيارة «ليرة» إلى «تاكسي طائرة»... هشام الحسامي شعارُه «صُنع في لبنان»

المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)

تكبُر أحلام الشاب اللبناني المهندس هشام الحسامي يوماً بعد يوم، فلا يتعب من اللحاق بها واقتناص الفرص ليُحقّقها. منذ نحو العام، أطلق إنجازه الأول في عالم التكنولوجيا، فقدّم سيارة «ليرة» الكهربائية العاملة بالطاقة الشمسية، لتكون المنتج النموذج لتأكيد قدرة اللبناني على الابتكار.

اليوم، يُطوّر قدراته مرّة أخرى، ويُقدّم أول تاكسي طائرة، «سكاي ليرة»، من صنع محلّي؛ تأتي ضمن سلسلة «ليرة» ومزوَّدة بـ8 محرّكات. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنها أول طائرة من نوعها في العالم العربي مصنوعة محلّياً. فمعظم طائرات التاكسي في الإمارات العربية وغيرها، تُستَورد من الصين. رغبتُ من خلالها التأكيد على إبداعات اللبناني رغم الأزمات المتلاحقة، وآخرها الحرب».

يتمتّع هذا الابتكار بجميع شروط الأمان والسلامة العامة (هشام الحسامي)

أجرى الحسامي دراسات وبحوثاً ليطّلع بشكل وافٍ على كيفية ابتكار الطائرة التاكسي: «بحثتُ بدقّة وكوّنتُ فكرة كاملة عن هذا النوع من المركبات. خزّنتُ المعلومات لأطبّقها على ابتكاري المحلّي. واستطعتُ أن أقدّمها بأفضل جودة تُضاهي بمواصفاتها أي تاكسي طائرة في العالم».

صمّم ابتكاره ونفَّذه بمفرده: «موّلتها بنفسي، وهي تسير بسرعة 130 كيلومتراً في الساعة، كما تستطيع قَطْع مسافة 40 كيلومتراً من دون توقُّف».

يهدف ابتكاره إلى خلق مجال صناعي جديد في لبنان (هشام الحسامي)

لا يخاطر هشام الحسامي في إنجازه هذا، ويعدُّه آمناً مائة في المائة، مع مراعاته شروط السلامة العامة.

ويوضح: «حتى لو أُصيب أحد محرّكاتها بعطل طارئ، فإنها قادرة على إكمال طريقها مع المحرّكات الـ7 الأخرى. كما أنّ ميزتها تكمُن في قدرتها على الطيران بـ4 من هذه المحرّكات».

ولكن مَن هو المؤهَّل لقيادتها؟ يردّ: «قيادتها بسيطة وسهلة، ويستطيع أيٌّ كان القيام بهذه المَهمَّة. الأمر لا يقتصر على قبطان طائرة متخصّص، ويمكن لهذا الشخص أن يتعلّم كيفية قيادتها بدقائق».

يحاول هشام الحسامي اليوم تعزيز ابتكاره هذا بآخر يستطيع الطيران على نظام تحديد المواقع العالمي «جي بي إس»: «سيكون أكثر تطوّراً من نوع (الأوتونومايس)، فيسهُل بذلك طيرانها نحو الموقع المرغوب في التوجُّه إليه مباشرة».

صورة لطائرة تاكسي أكثر تطوّراً ينوي تصميمها (هشام الحسامي)

صمّم المهندس اللبناني الطائرة التاكسي كي تتّسع لشخص واحد. ويوضح: «إنها نموذج أولي سيطرأ عليه التطوُّر لاحقاً. إمكاناتي المادية لم تسمح بالمزيد».

من المُنتَظر أن يعقد الحسامي اجتماعاً قريباً مع وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال بلبنان، جورج بوشيكيان، للتشاور في إمكان الترويج لهذا الابتكار، وعمّا إذا كانت ثمة فرصة لتسييره ضمن ترتيبات معيّنة تُشرف عليها الدولة؛ علماً بأنّ الطائرة التاكسي ستُطلَق مع بداية عام 2025.

أطلق هشام الحسامي عليها تسمية «سكاي ليرة»، أسوةً بسيارة «ليرة»، وأرفقها بصورة العلم اللبناني للإشارة إلى منشئها الأصلي: «إنها صناعة لبنانية بامتياز، فكان من البديهي أن أرفقها بالعَلَم».

وهل يتوقّع إقبال اللبنانيين على استخدامها؟ يجيب: «الوضع استثنائي، ومشروعات من هذا النوع تتطلّب دراسات وتخصيصَ خطّ طيران لتُحلِّق من خلاله؛ وهو أمر يبدو تطبيقه صعباً حالياً في لبنان. نصبو إلى لفت النظر لصناعتها وبيعها لدول أخرى. بذلك نستطيع الاستثمار في المشروع، وبالتالي رَفْع مداخيلنا وأرباحنا بكوننا دولة لبنانية»، مؤكداً: «من خلال هذا الابتكار، يمكن للبنان أن ينافس نوعَها عينه الرائج في العالم. فكلفة صناعتها تتراوح بين 250 و300 ألف دولار عالمياً، أما في لبنان، وبسبب محلّية صناعتها وتجميع قطعها، فكلفتها أقل. نستطيع بيعها بأسعار لا تزيد على 150 ألف دولار».

المواد الأولية لصناعة «الطائرة التاكسي» مؤمَّنة في لبنان. وحدها القطع الإلكترونية اللازمة تُستَورد من الخارج: «بذلك يكون بمقدورنا تصدير التكنولوجيا الخاصة بنا».