لبنان يحاول التبرؤ من «القرض الحسن»

TT
20

لبنان يحاول التبرؤ من «القرض الحسن»

نفت رئاسة الجمهورية اللبنانية و«المصرف المركزي» أن يكون اجتماع الرئيس ميشال عون، أمس، مع حاكم «المركزي» رياض سلامة تناول ملف مؤسسة «القرض الحسن» التابعة لـ«حزب الله» والتي تعرضت لعقوبات أميركية أول من أمس الثلاثاء، في وقت يشغل فيه هذا الملف الأوساط المصرفية والسياسية لما له من تداعيات على سمعة لبنان المالية.
وكان «مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)» التابع لوزارة الخزانة الأميركية، أدرج على قوائم العقوبات، 7 أفراد على صلة بـ«حزب الله» ومؤسسته المالية «القرض الحسن» التي يستخدمها الحزب غطاءً لإدارة أنشطته المالية والوصول إلى النظام المالي الدولي.
وقللت مصادر مصرفية من المخاوف القائمة بالنظر إلى امتثال المؤسسات المصرفية اللبنانية للقوانين الدولية المتصلة بمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه «سبق لـ(حاكمية مصرف لبنان) أن أبلغت وزارة الخزانة الأميركية أن مؤسسة (القرض الحسن) غير مرخصة وليست لها أي علاقات بالجهاز المصرفي»، في إشارة إلى أنها جمعية اجتماعية لا تحوز رخصة تداول مالي، علماً بأن وضع اليد على «جمال تراست بنك» عام 2019 جرى بناء على شبهات من «مكتب مراقبة الأصول المالية» في وزارة الخزانة الأميركية، بأن البنك متورط في عمليات غير مشروعة لهذه المؤسسة ولهيئات أخرى تتبع «حزب الله».
وأكدت المصادر أن «مصرف لبنان» عمد بالفعل إلى عزل البنك في أغسطس (آب) عام 2019، وتم تعيين مدير مفوض من قبله (محمد بعاصيري) أشرف على عمليات التصفية الذاتية، وبالتالي إخراج البنك نهائياً من القطاع والسوق، مع التنويه بتجميد تام للحسابات المشبوهة وصرف كامل الودائع لأصحاب الحقوق ومعالجة محفظة القروض.
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، أول من أمس، أن الأفراد السبعة المدرجين على قائمة العقوبات «استخدموا لغطاء الحسابات الشخصية في بعض البنوك اللبنانية؛ بما في ذلك (بنك جمال ترست) المصنف من قبل الولايات المتحدة، للتهرب من العقوبات التي تستهدف (القرض الحسن)، وتحويل نحو نصف مليار دولار نيابة عن هذه المؤسسة».
ويتصدر ملف المعالجات الرسمية لهذا الملف الهواجس اللبنانية، بغرض منع امتداد التداعيات إلى النظام المالي اللبناني. وبعد اجتماع الرئيس ميشال عون وحاكم «مصرف لبنان»، ذكرت قناة «إم تي في» اللبنانية أن ملف «القرض الحسن» كان موضع بحث في اللقاء. ووفق معلومات المحطة، أكد حاكم «المركزي» لرئيس الجمهورية أن هذه المؤسسة لم تحصل على ترخيص من «مصرف لبنان»؛ وأنها بالتالي تعمل في الأمور المالية خلافاً للقوانين اللبنانية.
لكن الرئاسة اللبنانية نفت الخبر، وذكرت في بيان أن ما نُشر وتناولته بعض المواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام عن أن رئيس الجمهورية بحث مع حاكم «مصرف لبنان» موضوع «جمعية القرض الحسن»، هو «غير صحيح ولا أساس له»، موضحاً أن البحث بين الرئيس والحاكم «تناول الأوضاع النقدية في البلاد، وموضوع البطاقة التمويلية، ومسألة الدعم»، مشدداً على أن «كل ما عدا ذلك أخبار مختلقة».
كذلك أكد «المصرف المركزي» في بيان أن «هذا الخبر عارٍ عن الصحة جملة وتفصيلاً»، مؤكداً أن «محور الاجتماع كان الوضع الاقتصادي والمعيشي».
وقالت مصادر مصرفية لـ«الشرق الأوسط» إن الافصاح عن هذه المداولات لو كان صحيحاً «فسيكون رسالة للخارج وليس للداخل، والمقصود هو تبرئة الدولة اللبنانية ومعها القطاع المالي من أي توجهات عقابية تتعدى النطاق الذي أقدمت عليه وزارة الخزانة الأميركية»؛ أي من هم على صلة مالية بالحزب وبمؤسسات «القرض الحسن» أو «جهاد البناء» وسواها من المؤسسات المدرجة في لوائح «مكتب مراقبة الأصول المالية الخارجية» في الولايات المتحدة.



ميزانية حوثية لكبار القادة وعائلاتهم لتعزيز طرق التخفي والحماية

القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)
القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)
TT
20

ميزانية حوثية لكبار القادة وعائلاتهم لتعزيز طرق التخفي والحماية

القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)
القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)

أفادت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء بأن الجماعة الحوثية خصصت ميزانية مالية ضخمة من موارد المؤسسات الحكومية المختطفة، على هيئة نفقات يومية لكبار القادة وأُسرهم، وذلك منذ انتقالهم من صنعاء إلى وجهات غير معلومة ضمن إجراءات احترازية لتجنب الاستهداف المباشر من المقاتلات الأميركية.

وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن أن مكتب زعيم الجماعة الحوثية أصدر في أواخر مارس (آذار) الماضي توجيهات إلى وزارة المالية في الحكومة غير المعترف بها، وهيئتي «الزكاة» و«الأوقاف» المستحدثتين، إلى جانب مؤسسات مالية أخرى تُدير أموال الجماعة المنهوبة، بتخصيص مليارات الريالات اليمنية لصالح قادة الصفين الأول والثاني ولأسرهم، لتغطية نفقات فترة اختفائهم عن الأنظار. (الدولار بنحو 535 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة).

ووفق المصادر ذاتها، فقد شددت التوجيهات على أن يُقتطع جزء من هذه الميزانية من التبرعات الشعبية التي جمعتها الجماعة سابقاً في مناطق سيطرتها تحت لافتة دعم القضية الفلسطينية.

وفي وقت تستمر فيه الجماعة في رفضها صرف رواتب الموظفين الحكوميين منذ سنوات، اتهمت مصادر عاملة في وزارة مالية الانقلاب تورط ثلاث قيادات حوثية بارزة هم: محمد علي الحوثي، ومهدي المشاط، وأحمد حامد، في الاستحواذ على النصيب الأكبر من تلك المبالغ المخصصة لكبار القادة.

ضربات أميركية دمّرت ميناء رأس عيسى اليمني الخاضع للحوثيين (رويترز)
ضربات أميركية دمّرت ميناء رأس عيسى اليمني الخاضع للحوثيين (رويترز)

وأكدت المصادر أن القيادي محمد علي الحوثي، ابن عم زعيم الجماعة، ومهدي المشاط، رئيس مجلس حكمها الانقلابي ومدير مكتبه أحمد حامد، حصلوا على الجزء الأكبر من تلك النفقات، رغم الأوضاع الإنسانية المتدهورة في البلاد.

نهب للموارد

في ظل هذا النهب المنظم للموارد، يعيش أكثر من ثلثي السكان في مناطق سيطرة الحوثيين على حافة الفقر والمجاعة، بينما تستمر الجماعة في التوسع في مشروعها المالي الخاص عبر استغلال الموارد العامة وتوظيفها لصالح القادة وأُسرهم.

كان ناشطون موالون للحوثيين قد كشفوا عن أن مصروفات أحد قادة الجماعة من الصف الرابع بلغت خلال عام واحد فقط أكثر من ملياري ريال يمني، وهو ما يعكس حجم الفساد المالي في صفوف الجماعة حتى في المستويات الدنيا من القيادة.

وتزامناً مع الإنفاق السخيّ على القيادات، كثّفت الجماعة من فرض الإتاوات والجبايات غير القانونية على المواطنين والتجار في مختلف المناطق الخاضعة لها، لتعويض النفقات المتزايدة للقادة المختفين عن الأنظار.

ومنذ بدء الغارات الأمريكية ضد الحوثيين في 15 مارس الماضي، نفَّذت قيادات حوثية عمليات نهب واسعة شملت مؤسسات حكومية ومقرات رسمية في صنعاء ومدناً أخرى، كما باعت أراضي وعقارات تعود ملكيتها إلى الدولة أو صودرت سابقاً من مواطنين.

تلاعُب بالمساعدات

في موازاة ذلك، اتهمت مصادر حقوقية الجماعة الحوثية بمحاولة وقف صرف المساعدات النقدية التي تقدمها منظمات أممية ودولية ضمن المرحلة الـ19 المخصصة للحالات الفقيرة في صنعاء وريفها، ومحافظات إب، وعمران، وذمار، وريمة، والحديدة.

نازح يحمل مساعدات غذائية على أطراف صنعاء (إ.ب.أ)
نازح يحمل مساعدات غذائية على أطراف صنعاء (إ.ب.أ)

وتستمر الجماعة الحوثية في وضع العراقيل أمام صرف هذه المساعدات، مما تسبب في حرمان مئات الأسر المستحقة في مديريات صنعاء مثل معين وبني الحارث وصنعاء القديمة وبني مطر وأرحب، إضافة إلى مناطق ريفية أخرى.

واشتكى عدد من المستفيدين في صنعاء ومحافظات أخرى لـ«الشرق الأوسط» من ممارسات حوثية تهدف إلى عرقلة عملية صرف المساعدات في بعض مراكز التوزيع، مما فاقم من معاناتهم في ظل أوضاع معيشية متدهورة.