تفجير وقتلى في مسقط رأس الأسد بالقرداحة في أول خرق للتدابير الأمنية المفروضة منذ 2011

النظام يدفع بتعزيزات إلى ريف درعا لاستئناف عملياته

مشهد للدمار الذي خلفه القصف وطال أبنية في ضاحية عربين بغوطة دمشق (رويترز)
مشهد للدمار الذي خلفه القصف وطال أبنية في ضاحية عربين بغوطة دمشق (رويترز)
TT

تفجير وقتلى في مسقط رأس الأسد بالقرداحة في أول خرق للتدابير الأمنية المفروضة منذ 2011

مشهد للدمار الذي خلفه القصف وطال أبنية في ضاحية عربين بغوطة دمشق (رويترز)
مشهد للدمار الذي خلفه القصف وطال أبنية في ضاحية عربين بغوطة دمشق (رويترز)

قتل 4 أشخاص وجرح آخرون أمس، في انفجار استهدف بلدة القرداحة في ريف محافظة اللاذقية، مسقط رأس الرئيس السوري بشار الأسد، في اختراق أمني هو الأول من نوعه منذ اندلاع الأزمة في سوريا عام 2011. في وقت تواصلت فيه المعارك بين قوات النظام وقوات المعارضة في عدة مناطق في البلاد، ومنها جبهات حلب شمالا ودرعا والقنيطرة جنوبا.
التلفزيون الرسمي السوري أفاد بأن الانفجار الذي وقع أمس وسط القرداحة ناجم عن سيارة مفخخة انفجرت في مرأب مشفى القرداحة. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أشار إلى وقوع انفجار ضخم أمام المشفى أسفر عن مقتل 4 أشخاص على الأقل، إلا أنه لم يتمكن من تأكيد ما إذا كان ناجما عن سقوط صاروخ أم عن سيارة مفخخة.
وحسب مدير المرصد رامي عبد الرحمن، فإن الانفجار أسفر عن مقتل «جنديين اثنين وممرضة وموظفة في المشفى، بالإضافة إلى سقوط عدد من الجرحى».
ومن جانبها، أفادت صفحات موالية للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي كذلك بسقوط 4 قتلى في الانفجار الذي لم تجزم بطبيعته.
ولم يسبق لبلدة القرداحة التي تعرضت مناطق محيطة بها مرات عدة لسقوط قذائف صاروخية مصدرها مواقع مقاتلي المعارضة في ريف اللاذقية، أن شهدت انفجارات من هذا النوع داخلها. وكانت أطراف المدينة تعرّضت لسقوط صواريخ غراد وأخرى محلية الصنع في شهر مارس (آذار) الماضي، انطلاقا من مواقع المعارضة في جبل الأكراد بريف اللاذقية، بالتزامن مع تقدم المعارضة باتجاه مواقع في ريف المحافظة، أبرزها السيطرة على مدينة كسب الجبلية الحدودية مع تركيا.
ناشطون سوريون يقولون إن القرداحة «بلدة محصنة جيدا، وتنتشر فيها حواجز أمنية كبيرة، ومن الصعب اختراقها نظرا إلى طبيعة التدابير التي تتخذها قوات أمن النظام منذ بداية الأزمة السورية». ويبدو أن هذه العملية أتت بموازاة استهداف قوات النظام سيارة للكتائب الإسلامية في ريف اللاذقية الشمالي بصاروخ موجّه، ما أدى لإصابة عدة مقاتلين من الكتائب الإسلامية، في حين قال ناشطون إن الطيران الحربي نفّذ 5 غارات على مناطق في جبل الأكراد، بريف اللاذقية الشمالي، ما أدى لمقتل 6 مواطنين من عائلة واحدة، بينهم طفل في ناحية كنسبّا، وسقوط جرحى.
في غضون ذلك، تواصلت المعارك بين قوات النظام وقوات المعارضة على أكثر من جبهة، إذ أكد المرصد أن المعارك العنيفة بين عناصر «جبهة النصرة» وحزب الله اللبناني احتدمت بالقرب من بلدة كفرناسج في ريف درعا الشمالي كما في مناطق في بلدة نبع الصخر والمناطق الغربية لبلدة مسحرة في القطاع الأوسط بريف القنيطرة. ويقود حزب الله منذ نحو 15 يوما حملة عسكرية واسعة بالشراكة مع القوات النظامية السورية وقوات إيرانية، بهدف السيطرة على مثلث ريف درعا الشمالي الغربي - ريف دمشق الغربي - القنيطرة.
وحول المعارك الدائرة في جنوب سوريا قال الناشط في درعا سامر الحوراني لـ«الشرق الأوسط» إنه بعكس كل ما يروّج له النظام وحزب الله، فإن قواتهم بالإضافة للحرس الثوري الإيراني لم يحققوا أي تقدم فعلي على الأرض في درعا، لافتا إلى أن المعارك تجدّدت يوم أمس بعد تكثيف النظام طلعاته الجوية وقصفه للمناطق التي تشهد اشتباكات في القنيطرة.
وتحدث الحوراني عن مخاوف من وصول تعزيزات لقوات النظام بقوات ينشرها في منطقة السويداء إلى بصرى الشام، لافتا إلى أن بعض المعلومات تشير إلى وصول رتل عسكري قبل ساعات للمشاركة بالمعارك.
وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن وحدات من الجيش «أردت أعدادا من أفراد التنظيمات الإرهابية التكفيرية قتلى في بلدة مسحرة في ريف القنيطرة»، لافتة إلى أنّها «قضت على عدد من الإرهابيين ودمرت عتادهم وأوكارهم في بلدات عتمان والفقيع وأبطع والطيحة وعقربا والمال بريف درعا».
أما في العاصمة دمشق، فأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بسقوط عدة قذائف على أماكن في منطقة العباسيين وباب توما ومناطق أخرى من دون تحديد مصدرها، لافتا إلى تجدد الاشتباكات بين قوات النظام مدعمة بمسلحين موالين لها من طرف ومقاتلي المعارضة من طرف آخر في مخيم اليرموك.
وفي شرق سوريا، شهد محيط مطار دير الزور العسكري في الشرق معارك بين قوات النظام مدعومة بـ«قوات الدفاع الوطني» (ميليشيات النظام) من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن قصف قوات النظام أماكن في منطقة حويجة صكر بأطراف دير الزور، ومناطق في قرية الجفرة المحاذية للمطار.
وفي الوقت نفسه، وثق المرصد مقتل 5812 مدنيا في قصف جوي على مناطق مختلفة في سوريا منذ فبراير (شباط)، تاريخ صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف القصف بالبراميل المتفجرة العشوائية، لافتا إلى أن من بين القتلى 1733 طفلا دون سن الثامنة عشرة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.