«حماس» تحذّر من «المجهول» حال تأجيل الانتخابات

نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خليل الحية (أ.ف.ب)
نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خليل الحية (أ.ف.ب)
TT

«حماس» تحذّر من «المجهول» حال تأجيل الانتخابات

نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خليل الحية (أ.ف.ب)
نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خليل الحية (أ.ف.ب)

حذّر نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خليل الحية من مغبة أي تأجيل حتى «ولو ليوم واحد» للانتخابات التشريعية الفلسطينية المقررة في 22 مايو (أيار) القادم، لأن ذلك «سيدفع الشعب الفلسطيني إلى المجهول».
ويتخوّف عدد من الفلسطينيين والمراقبين من إرجاء هذه الانتخابات الأولى في الأراضي الفلسطينية منذ 15 عاما، ويفترض أن تمهد لانتخابات رئاسية في يوليو (تموز) .
وفي لقاء صحافي مع وكالة الصحافة الفرنسية قال خليل الحية الذي يترأس لائحة الحركة إلى الانتخابات: «لا نقبل ولو ليوم واحد التأجيل، التأجيل يدفع بالشعب الفلسطيني إلى المجهول».
وأشار إلى أن أي تأجيل «سيولّد إحباطا كبيرا لدى الجماهير والشباب، ونتوقع ردود فعل ستكون الأسوأ»، محذرا من «أن التأجيل سيعقّد الوضع وسيكرّس الانقسام والفرقة». وأكّد أن «أي عقبة سنضع لها حلولا على قاعدة المضي قدما بالانتخابات».
وأعلن الرئيس محمود عباس في منتصف شهر يناير (كانون الثاني) إجراء هذه الانتخابات في مسعى لإنهاء الانقسام بين حركتي «فتح» و«حماس» المستمر منذ أربعة عشر عاما.
وقد حقّقت «حماس» في الانتخابات الأخيرة عام 2006 فوزا كاسحا، ما أثار توترا بالغا بينها وبين حركة «فتح» انفجر بعد ستة أشهر في اشتباكات دامية بين الطرفين انتهت بسيطرة «حماس» على قطاع غزة، وهو جيب ساحلي ضيّق يقطنه مليونا نسمة، وتحاصره إسرائيل منذ ذلك الحين. بينما تخضع الضفة الغربية المحتلة للسلطة الفلسطينية برئاسة عباس الذي يتزعمّ أيضا حركة «فتح».
وأظهر استطلاع نشره هذا الأسبوع مركز «القدس للإعلام والاتصال» وأُجري بالشراكة مع مؤسسة «فريدريتش إيبرت» الألمانية، أن 79 في المائة من الفلسطينيين يعتبرون إجراء هذه الانتخابات أمراً مهماً.
وتتنافس نحو ستة وثلاثين قائمة في الانتخابات التشريعية. ورغم تعرّضها لانتقادات كثيرة بسبب أدائها السياسي وعدم نجاحها في إحراز أي تقدم في المفاوضات مع إسرائيل أو في تنمية الأراضي الفلسطينية، لا تزال حركة «فتح» تحتل المرتبة الأولى في نوايا التصويت، وفق الاستطلاع.
وشدّد الحيّة على أن حركته سوف «تقبل بالنتيجة أيا كانت وسنتعامل معها بروح المسؤولية».
وتابع «إذا حصلنا على 40 في المائة في التشريعي، فلا نشترط الحصول على 40 في المائة في الحكومة»، في إشارة إلى تصميم الحركة على المشاركة في الحكومة، لا رئاستها.
ورأى الحية أن «حكومة وحدة من كفاءات وطنية مهنية إذا تبنت برنامجا سياسيا معقولا ومقبولا، يمكن أن تشكل بوابة حقيقية لإنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات، وإنهاء الحصار وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني بشكل كامل وحل المشاكل الاقتصادية».
وتحكم حركة «حماس» قطاع غزة بقبضة أمنية قوية. ويشهد القطاع أزمة اقتصادية ونسبة بطالة مرتفعة، ويطالب ناشطون شباب بتحسين الأوضاع المعيشية والبنى التحتية شبه المنهارة في القطاع.
وأقرّ الحية بأن «من يمارس الحكم يجب أن يكون مستعدا لدفع الأثمان لوجوده بالسلطة»، في إشارة إلى إمكانية معاقبة «البعض» للحركة بعدم التصويت لها.
وأجريت انتخابات 1996 وانتخابات 2006 وفق نظام الترشيح المختلط، أي ضمن نظام القوائم ونظام الدوائر الجغرافية والترشيح الفردي فيها. وأصرّ الرئيس الراحل ياسر عرفات في الانتخابات الأولى التي أجريت في الأراضي الفلسطينية على تمثيل الدوائر حتى تتمثّل دائرة مدينة القدس الشرقية.
وسيعتمد نظام الانتخابات القادمة نظام القوائم، واستبعد نظام الدوائر.
وشدّد محمود عباس (86 عاما) الذي قد يخسر الانتخابات الرئاسية، وفق استطلاعات مختلفة، على أن الانتخابات لن تجرى من دون مشاركة الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة منذ 1967 من إسرائيل التي قد لا تسمح بإجراء الانتخابات فيها.
وأعلنت اللجنة الانتخابية الفلسطينية الاثنين أن غالبية الفلسطينيين في القدس الشرقية يمكنهم التصويت في مراكز اقتراع واقعة في ضواحي القدس، لجهة الضفة الغربية، «حيث لا حاجة للموافقة الإسرائيلية».
لكن تنتظر اللجنة موافقة إسرائيل على مشاركة 6300 فلسطيني من القدس الشرقية يحق لهم الاقتراع - لأسباب إدارية وبموجب بروتوكول موقع في 1993 - في مراكز بريد في المدينة تقع تحت إشراف إسرائيلي.
وحذّر الحية من أن تعرقل إسرائيل الانتخابات في القدس الشرقية، قائلا: «إذا كان يحال بين الشعب الفلسطيني والعملية الديمقراطية، فهذا يعني القول لهم: اذهبوا إلى خيارات أخرى، والخيارات الأخرى تعني التطرف والعنف».
وطالب الحية الرئيس الأميركي جو بايدن والاتحاد الأوروبي بتشجيع الانتخابات وقبول نتائجها، مشيرا إلى أن حركته التقت مؤخرا «بعض الدبلوماسيين الأوروبيين ومن الأمم المتحدة، وتحدثنا معهم عن موقفنا المؤمن بالسياسة مع المقاومة». وتصنّف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «حماس» بـ«منظمة إرهابية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».