الولايات المتحدة تكثف جهودها لإضعاف ماكينة «داعش» الإعلامية

أنصار التنظيم الإرهابي ينشرون يوميا نحو 90 ألف تغريدة على وسائل التواصل الاجتماعي

عناصر «داعش» من جنسيات مختلفة انضموا للتنظيم الإرهابي (نيويورك تايمز)
عناصر «داعش» من جنسيات مختلفة انضموا للتنظيم الإرهابي (نيويورك تايمز)
TT

الولايات المتحدة تكثف جهودها لإضعاف ماكينة «داعش» الإعلامية

عناصر «داعش» من جنسيات مختلفة انضموا للتنظيم الإرهابي (نيويورك تايمز)
عناصر «داعش» من جنسيات مختلفة انضموا للتنظيم الإرهابي (نيويورك تايمز)

تجدد إدارة أوباما جهودها لمواجهة الآلة الدعائية لتنظيم داعش، اعترافا منها بأن الجماعة الإرهابية كانت فعالة في استمالة المجندين الجدد، وفي التمويل، وسوء السمعة العالمية، أكثر من الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في إحباطها. في قلب الخطة، يتوسع «مركز الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب» التابع لوزارة الخارجية الأميركية، لاستغلال كل محاولات الرسائل المضادة الحالية من الهيئات الفيدرالية الكبرى، مثل وزارة الدفاع، ووزارة الأمن الداخلي، ووكالات الاستخبارات. يعمل المركز كذلك على تنسيق وتضخيم الرسائل المماثلة من قبل الحلفاء الأجانب والوكالات غير الحكومية، فضلا عن الأكاديميين المسلمين البارزين، وقادة المجتمع المدني، والزعماء الدينيين الذين يعارضون تنظيم داعش، والمعروف اختصارا باسم «ISIS» أو «ISIL»، والذين قد يتمتعون بدرجة من المصداقية لدى الجمهور الذي يستهدفه «داعش» من الشباب والفتيات الصغار أكثر من الحكومة الأميركية ذاتها.
يقوم تنظيم داعش وأنصاره بنشر ما يقرب من 90 ألف تغريدة يوميا وغير ذلك من الردود على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، ويعترف المسؤولون الأميركيون بأنه تواجههم مهمة شاقة لإضعاف الزخم الرقمي الذي يتمتع به التنظيم بالأسلوب نفسه الذي أبطأت به حملة الغارات الجوية بقيادة الولايات المتحدة من تقدم «داعش» في ميدان القتال في العراق، وفي سوريا بدرجة أقل.
يقول ريتشارد إيه. ستينغل، وكيل وزارة الخارجية لشؤون الدبلوماسية العامة والشؤون العامة، عبر اتصال هاتفي أجري معه يوم الاثنين الماضي: «إنهم يتفوقون في المحتوى الذي ينشرونه، لذلك فالسبيل الوحيد أمامنا هو تجميع، وضبط، وتضخيم المحتوى الحالي». وحتى الآن، كما قال، فإن الجهود المبذولة لمواجهة «داعش» كان ينبغي أن تكون أفضل من حيث التنسيق.
يستمر العمل حاليا على كثير من تفاصيل الخطة، ولكن يتوقع من مسؤولي الإدارة الإعلان عن الخطوط العريضة للخطة خلال 3 أيام من الاجتماعات، التي يشرف عليها البيت الأبيض والمفترض أن تبدأ الثلاثاء، وتهدف إلى تسليط الضوء على الجهود الحالية التي تبذل من قبل الولايات المتحدة ومن غيرها لمحاربة ما تصفه السلطات بأنه التطرف العنيف.
ووصف كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، يوم الاثنين الماضي، المؤتمر، الذي يأتي في أعقاب الهجمات المتطرفة في باريس وكوبنهاغن، بأنه سبيل لمساعدة المجتمعات في مواجهة جهود التنظيمات الإرهابية على غرار «داعش» و«القاعدة». ومن المفترض أن يتحدث الرئيس أوباما مرتين خلال الاجتماعات، التي من المتوقع أن تجتذب القادة المحليين من كل أنحاء الولايات المتحدة والوزراء الأجانب من نحو 60 دولة.
أنشئ «مركز الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب» بتوجيه من الرئيس أوباما في عام 2011، وتمكن من تنسيق الرسائل المضادة ضد الجماعات المتطرفة التي تصطف بشكل رئيسي مع تنظيم القاعدة، واستطاع المركز ابتكار الوسائل لمكافحة الخطابات المتطرفة. كما يوظف المركز المتخصصين في التواصل الرقمي والبارعين في اللغات العربية، والأردية، والبنجابية، والصومالية لمواجهة الدعاية الإرهابية والتضليل حول الولايات المتحدة على شبكة الإنترنت في الوقت المناسب.
يقوم المحللون أنفسهم كذلك بنشر الرسائل على المواقع الناطقة باللغة الإنجليزية التي يستخدمها المتطرفون في التجنيد، وجمع الأموال، ونشر قضيتهم.
تهدف الرسائل عبر الإنترنت إلى إيجاد خطاب منافس الذي يضرب على وتر عاطفي حساس لدى المتشددين المحتملين الذين يفكرون فيما إذا كانوا سيلتحقون بالجماعة المتطرفة العنيفة أم لا. وكانت هناك صورة نشرت قبل عامين، على سبيل المثال، أظهرت ثلاثة رجال أميركيين سافروا إلى الصومال وماتوا هناك، ومن بينهم عمر همامي، وهو شاب من ولاية ألاباما الذي تحول إلى متشدد شهير. وكانت الرسالة المصاحبة تقول: «أتوا إلينا.. فقتلوا على يد تنظيم الشباب».
أظهرت صورة أخرى شابا يبكي على نعش، وتقول الرسالة المصاحبة: «كيف يمكن لذبح الأبرياء أن يكون هو الصراط المستقيم؟».
كانت كل المنشورات على الإنترنت تحمل تحذيرا واحدا: «فكر مرة أخرى.. ابتعد».
وفي يونيو (حزيران) الماضي، حذر أنصار «داعش» المقاتلين من تغريدات حساب المركز على «تويتر» وعدم التواصل معه.
يقول السيد ستينغل، وكان مديرا لتحرير مجلة الـ«تايم» سابقا، إن الحملة الجديدة ضد «داعش» تعمل على تنفيذ استراتيجيات في الوقت الحالي يطبقها كثير من الشركات والأفراد بشكل روتيني لزيادة بصماتهم الرقمية، ومن بين ذلك إعادة مشاركة الأخبار أو مقالات الرأي على «تويتر»، ومبادلة روابط نصوص الإنترنت واتخاذ خطوات أخرى لتحسين المحتوى المنشور على الشبكة.
وسوف يستخدم هذا المنهج أكثر من 350 حسابا تابعا لوزارة الخارجية، وكذلك السفارات، والقنصليات، والمراكز الإعلامية، والمكاتب، والأفراد، وكذلك حسابات أخرى تحت إشراف وزارة الدفاع، ووزارة الأمن الداخلي، والحلفاء الخارجيون. وقال السيد ستينغل إن وزارة الخارجية تستخدم هذا المنهج في إدانة الهجمات على مجلة «تشارلي إيبدو» الفرنسية.
وأعرب المتشككون في الحملة الجديدة عن مخاوفهم من أن البرنامج ليس إلا محاولة من جانب البيت الأبيض لإنهاء الحرب المستعرة المستمرة مع ألبرتو فرنانديز مدير مركز مكافحة الإرهاب، وممارسة المزيد من السيطرة على نوعيات الرسائل المنتجة والتنسيق مع الشركاء المحليين والدوليين. كما شكك مسؤولون آخرون من إمكانية أن يكون المركز الجديد لدى وزارة الخارجية الأميركية على مستوى المهمة الموكلة إليه؛ حيث اشتكى السيد فرنانديز، وهو من المختصين البارزين في شؤون الشرق الأوسط ومن موظفي وزارة الخارجية المحترمين، وأنصاره مرارا من أن وزارة الخارجية والبيت الأبيض لا يقدمون الدعم الكامل أو التمويل المناسب لأنشطة المركز الذي يعمل بميزانية صغيرة تبلغ 5 ملايين دولار في العام.
يقول دانيال بنيامين، وهو منسق سابق لمكافحة الإرهاب لدى وزارة الخارجية الأميركية من «دارتماوث»: «بعد عامه الأول أو الثاني، لم يتعامل أحد مع المركز بجدية، وتلقى دعما باهتا من المسؤولين الكبار».
وقد أحجم السيد فرنانديز، الذي سوف يحال إلى التقاعد في أبريل (نيسان) المقبل، عن التعليق على هذا المقال.

* خدمة «نيويورك تايمز»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».