«حزب الله» و«المستقبل» يتمسكان بحوار «شكلي» والمضمون «غير مهم»

الحريري يمارس مهامه من مقر إقامته في بيروت وسط إجراءات أمنية مكثفة

أمين عام حزب الله حسن نصر الله يتحدث في خطاب متلفز خلال تجمع للاحتفال بيوم القادة الشهداء في الضاحية الجنوبية في بيروت أول من أمس  (إ.ب.أ)
أمين عام حزب الله حسن نصر الله يتحدث في خطاب متلفز خلال تجمع للاحتفال بيوم القادة الشهداء في الضاحية الجنوبية في بيروت أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

«حزب الله» و«المستقبل» يتمسكان بحوار «شكلي» والمضمون «غير مهم»

أمين عام حزب الله حسن نصر الله يتحدث في خطاب متلفز خلال تجمع للاحتفال بيوم القادة الشهداء في الضاحية الجنوبية في بيروت أول من أمس  (إ.ب.أ)
أمين عام حزب الله حسن نصر الله يتحدث في خطاب متلفز خلال تجمع للاحتفال بيوم القادة الشهداء في الضاحية الجنوبية في بيروت أول من أمس (إ.ب.أ)

يعقد ممثلو حزب الله وتيار المستقبل اليوم الأربعاء جلسة سادسة للحوار، بعدما اقتصرت نتائج الجلسات السابقة على توافق على إعادة إطلاق عجلة الخطة الأمنية التي حطّت قبل أيام في منطقة البقاع شرقي البلاد، وعلى إزالة الصور والشعارات الحزبية من المدن اللبنانية الرئيسية المختلطة التي تتسم بنوع من التمازج السكاني بين السنة والشيعة وبالتحديد بيروت وطرابلس الشمالية وصيدا الجنوبية.
وتكتسب الجلسة المرتقبة أهمية كونها تنعقد بعد خطابين أساسيين، الأول لرئيس تيار المستقبل سعد الحريري والثاني لأمين عام حزب الله حسن نصر الله، أكدا فيهما تمسكهما بالحوار رغم كمّ التباينات بينهما والتي لا تزال على حالها فيما يتعلق بالملفات والقضايا الاستراتيجية. ولا يعوّل الطرفان كثيرا على ما ستنتجه الجلسات القادمة من الحوار لاقتناعهما بأن مجرد استمرارية الجلسات إنجاز بحد ذاته يفضي تلقائيا للتخفيف من الاحتقان المذهبي في البلد.
وبالتزامن، يمارس الزعيم السني سعد الحريري مهامه من مقر إقامته فيما يعرف بـ«بيت الوسط» بوسط العاصمة بيروت، بعد فترة طويلة قضاها خارج لبنان. وقد عاد الحريري ليل يوم الجمعة الماضي لإحياء ذكرى اغتيال والده، وبعكس التوقعات هو لم يغادر مباشرة بعد المهرجان الذي شارك فيه يوم السبت في مجمّع البيال.
وتضرب القوى الأمنية طوقا حول مقر الحريري الذي يخضع لإجراءات حراسة مكثفة تحسبا لأي عمل إرهابي، باعتبار أنّه كان قد غادر البلاد بعد إسقاط حكومته في عام 2011 وتقاطع معلومات أمنية داخلية ودولية حول إمكانية تعرضه لعملية اغتيال.
ولا يملك المقربون من الحريري أي معلومات حول ما إذا كان قد حضر هذه المرة ليبقى أم أنّه سيغادر خلال أيام، على غرار ما حصل في أغسطس (آب) الماضي حين مكث لبضعة أيام وغادر بعدها البلاد.
وربط النائب في كتلته محمد الحجار بين بقاء الحريري والأوضاع الأمنية من جهة ومشاغله خارج البلاد من جهة أخرى، لافتا إلى أن «قرار البقاء يعود للحريري نفسه، علما بأن كل النواب والقياديين في المستقبل يتمنون لو أن باستطاعته المكوث في بيروت». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «سيكون هناك تقييم للأوضاع وعلى أساسه يُتخذ القرار المناسب».
واعتبر الحجار أن الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل سيبقى يتناول «القشور» طالما الحزب يرفض معالجة الأسباب الرئيسية للاحتقان المذهبي التي عدّدها الحريري وأبرزها رفض حزب الله تسليم المتهمين بجريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، ومشاركته في الحرب السورية، وتوزيع السلاح تحت تسمية سرايا المقاومة، إضافة إلى شعور باقي اللبنانيين بأن هناك مناطق وأشخاصا وفئات لا ينطبق عليهم لا خطة أمنية ولا دولة ولا قانون.
وأوضح الحجار أن فريق المستقبل سيطرح في جلسات الحوار المقبلة موضوع الرئاسة ووجوب أن تشمل الخطة الأمنية كل المناطق اللبنانية دون استثناء ومن ضمنها ما يُعرف بمناطق حزب الله. وقال: «بالملف الأول سنسعى لإقناع حزب الله بأن تمسكه بترشيح عون أشبه بممارسة داعشية بحق الجمهورية القائمة حاليا من دون رأسها وسنضغط لانتخاب رئيس توافقي، أما بالملف الثاني فنشدد على أن أحد الأسباب الأساسية للاحتقان أن هناك مناطق تبدو خارج الدولة ولا تخضع لقراراتها، ما يستدعي معالجة جذرية»، في إشارة إلى عدم شمول قرار نزع الشعارات والصور المناطق المحسوبة على حزب الله وبالتحديد الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع والجنوب، التي يعتبرها الحزب خاضعة لموضوع الاستراتيجية الدفاعية.
ولا تتردد مصادر في قوى 8 آذار مقربة من حزب الله بالحديث عن «تكامل» بالمواقف من موضوع الحوار بين نصر الله والحريري، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «قرار استراتيجي لدى الطرفين بوجوب الحرص على استمرارية الحوار بغض النظر عن نتائجه، باعتبار أن مجرد التلاقي المنتظم يترك آثارا إيجابية مباشرة على البلد».
وأضافت المصادر: «حتى ولو جلسوا ليشربوا فنجان قهوة فذلك كاف للإبقاء على الإيقاع الحالي الذي من شأنه تجنيب البلد أي خضات أمنية أو سياسية».
وقد دخل وزير العدل أشرف ريفي المحسوب على تيار المستقبل أمس على خط السجال المفتوح بين الطرفين، لكنّه آثر التصعيد بعد دعوة نصر الله الأخيرة اللبنانيين للانضمام إلى حزب الله لقتال «المجموعات الإرهابية» في سوريا. وقال ريفي في بيان «إنه بعد دعوته السابقة اللبنانيين إلى تحييد الساحة اللبنانية والتقاتل في سوريا، ها هو الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله يدعونا مجددا إلى وليمة مسمومة كي نشارك معه في الدفاع عن النظام السوري ومساعدة إيران في نشر نفوذها في سوريا والعراق وغيرهما من الدول»، وأضاف: «لا نملك إزاء هذه الدعوة إلا القول لحزب الله ولأمينه العام إذا بليتم بمعاصي التبعية لإيران ومصالحها على حساب مصلحة لبنان فاستتروا».
واعتبر ريفي أن «ما تضمنه كلام نصر الله انكشاف غير مسبوق لتبعية حزب الله لإيران وللعب دور الأداة في تنفيذ مصالحها»، مشددا على وجوب «مواجهة المشروع الإيراني في لبنان، الذي يكاد يؤدي إلى انهيار الدولة اللبنانية».
وأضاف: «لن نقبل تحت أي ظرف، لا اليوم ولا في المستقبل، أن يصادر أي فريق قرار الدولة، وأن يحول الأراضي اللبنانية إلى مسرح لتنفيذ أجندات خارجية لا تمت إلى مصلحة لبنان وأبنائه بصلة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.