كيف غيّر عام الجائحة شاشة الهاتف؟

انحسار تطبيقات السفر والإقبال على تطبيقات التواصل والتعليم والرياضة

تطبيقات التعليم انتشرت في عام الجائحة
تطبيقات التعليم انتشرت في عام الجائحة
TT

كيف غيّر عام الجائحة شاشة الهاتف؟

تطبيقات التعليم انتشرت في عام الجائحة
تطبيقات التعليم انتشرت في عام الجائحة

وداعاً «أوبر» و«أوبن تيبل»، وطبعاً التطبيقات الأخرى المرتبطة بالسفر والحجوزات؛ لأنّنا لم نعد نسافر... وأهلاً بـ«زووم» وبتطبيقات توصيل الطلبات إلى المنازل.

شاشات الجائحة
مرّ عامٌ كاملٌ على ظهور فيروس كورونا وتحوّله إلى جائحة، وإذا كنتم تبحثون عن طريقة بسيطة لمعرفة درجة التغيير الذي شهدته حياتكم خلاله، يكفي أن تلقوا نظرة على التطبيقات الموجودة على هاتفكم الذكي. لم يعد ما ترونه على شاشة هاتفكم الرئيسية يعكس تفضيلكم للتطبيقات، بل بات يفتح لكم نافذة على أولوياتكم؛ لأنّ أهمّ التطبيقات لدى معظم النّاس اليوم هي تلك التي تساعدهم على التزوّد بالمعلومات وإتمام الأعمال والتسلية والتواصل مع أحبائهم.
يعمد معظم النّاس إلى ترتيب شاشة هاتفهم الرئيسية بشكل يسهّل عليهم الوصول إلى التطبيقات التي يستخدمونها كثيراً. يشكّل ترتيب شاشة الهاتف الرئيسية للبعض نوعاً من الهوس تتنافس فيه التطبيقات مع بعضها على الموقع الذي قد يتحدّد وفقا لملفّات منفصلة أو حسب اللون. وفي الخريف الماضي، حذت شركة «أبل» حذو أندرويد وسمحت لمستخدميها بتخصيص رموز تطبيقاتهم وإضافة «الحاجيات» widgets، وهي عبارة عن مستطيلات صغيرة تعرض للمستخدم معلومات كحالة الطقس والأخبار من التطبيقات دون الحاجة إلى زيارتها.
الكثيرون تغيرت حياتهم الإلكترونية بشكلٍ كبير، حيث إنهم أضفتُ تطبيق «زووم»، وغيرها الكثير من تطبيقات الاتصال عبر الفيديو ومتابعة عمليات توصيل الحاجيات والبضائع، بالإضافة إلى تطبيق للزيارات الافتراضية للطبيب. وأصبحت شاشات الهاتف لديهم تعجّ بتطبيقات الطعام الجاهز ومراقبة صفوف الأولاد الافتراضية وحجب وصول الأولاد إلى موجّه إشارة الواي - فاي.

ازدياد تحميل التطبيقات
البيانات الأميركية التي توضح المشهد الحقيقي لكيفية ترتيب النّاس لشاشات هواتفهم الرئيسية خلال الجائحة لم تتضح بعد، ولكنّنا نعلم أنّ صناعة التطبيقات حقّقت رقماً قياسياً العام الماضي انعكس طفرة كبيرة في الاقتصاد الرقمي من التبضّع الإلكتروني إلى التطبيب عن بعد. تشير الأرقام الأخيرة لشركة «آب آنّي» المتخصصة في تقييم التطبيقات إلى أنّ الأميركيين حمّلوا العام الماضي تطبيقات إضافية بنسبة 10 في المائة مقارنة بالعام الذي سبقه وحصل هذا الأمر ومعظم الناس عالقٌون في المنزل.
ويشير تقرير الشركة إلى أنّ أكثر التطبيقات تحميلاً في الولايات المتحدة العام الماضي كان «تيك توك» و«زووم».
في سياق متصل، يقول جيفري آي. فولر، الخبير التقني الأميركي، إن تقريراً لشركة «سينسور تاور» المتخصصة أيضاً في تقييم التطبيقات، أشار إلى أنّ تحميل أفضل عشر تطبيقات للتمارين الرياضية بلغ ذروته في أبريل (نيسان) 2020، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 171 في المائة عن العام الذي سبقه في الولايات المتحدة.
في المقابل، قالت الشركة، إنّ تحميلات تطبيقات السفر تراجعت بنسبة 17 في المائة في الأسبوع الأوّل من مارس (آذار) الفائت، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020، أي مباشرة قبل بدء تطبيق إجراءات الحجر المنزلي، وبنسبة 26 في المائة عن ما كانت عليه في الأسبوع الأوّل مارس 2019. إذا ابتعدتم عن استخدام تطبيق ما لفترة، تبادر هواتف الآيفون إلى توفير بعض السعة التخزينية من خلال أرشفة التطبيقات التي لم تفتحوها في الثلاثين يوماً الماضية... لتمييز هذه التطبيقات عن غيرها، انظروا إلى رمز الغيمة الصغير الموجود إلى جانب اسم التطبيق.

تقارير هاتفية
يمكن لهاتفكم أيضاً أن يعدّ تقارير حول التطبيقات التي تستخدمونها. على هاتف آيفون، إذا سحبتم الصفحات إلى اليسار حتّى آخرها، ستحصلون على شاشة عنوانها «مكتبة التطبيقات». في أعلى يمين الشاشة، سيظهر أمامكم مجموعة اسمها «اقتراحات» تعرض لكم التطبيقات التي استخدمتموها أكثر من غيرها في وقتٍ محدّد من اليوم، بالإضافة إلى مجموعات أخرى مرتّبة حسب التطبيقات الأكثر استخداماً.
يمكنكم أيضاً مراقبة استخدامكم للتطبيقات من خلال تشغيل مزايا «سكرين تايم» (وقت الشاشة) و«ديجيتال ويل بيينغ» (الرفاهية الرقمية) في هواتف الآيفون والأندرويد وستحصلون على تقارير أسبوعية حول التطبيقات الأكثر استخداماً.
وإذا كنتم جاهزين لتعديل التطبيقات والأولويات، لن يكون الأمر صعباً أبداً. فعلى هواتف الأندرويد كـ«سامسونغ غالاكسي»، يكفي أن تنقروا وتثبّتوا النقرة لثانية على رمز أي تطبيق لتستطيعوا تحريكه أو حذفه.
أمّا على آيفون، فافتحوا الشاشة الرئيسية وانقروا وثبّتوا النقرة على الجزء الفارغ من الشاشة حتّى تبدأ جميع التطبيقات بالاهتزاز، ثمّ اسحبوا ما تريدونه منها لمكان آخر أو انقروا على علامة «-» في الدائرة الصغيرة الظاهرة لحذفها. لإضافة «الحاجيات»، انقروا وثبّتوا النقرة على الجزء الفارغ من الشاشة، ومن ثمّ انقروا على إشارة «+» في الزاوية العليا اليسرى.
نصيحة أخيرة: ادرسوا فكرة إنشاء أكثر من صفحة رئيسية واحدة ليوم العمل وأخرى للوقت الشخصي؛ لأنّ إصدار iOS 14 يتيح لكم تشغيل وإيقاف صفحات التطبيقات بواسطة وضع «تعديل التطبيقات». ويمكنكم دائماً الوصول إلى أي تطبيق على عجل عن طريق البحث على هواتف الآيفون. يكفي أن تنقروا بخفّة وتسحبوا إلى الأسفل ليظهر مربّع البحث.



دراسة جديدة: نماذج الذكاء الاصطناعي اللغوية تفتقر لفهم حقيقي للعالم

بحسب الدراسة أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي أنها لا تتعلم بالفعل الحقائق الكامنة عن العالم (أدوبي)
بحسب الدراسة أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي أنها لا تتعلم بالفعل الحقائق الكامنة عن العالم (أدوبي)
TT

دراسة جديدة: نماذج الذكاء الاصطناعي اللغوية تفتقر لفهم حقيقي للعالم

بحسب الدراسة أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي أنها لا تتعلم بالفعل الحقائق الكامنة عن العالم (أدوبي)
بحسب الدراسة أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي أنها لا تتعلم بالفعل الحقائق الكامنة عن العالم (أدوبي)

أظهرت نماذج اللغة الكبيرة (LLMs)، مثل النماذج التي يقوم عليها نموذج «GPT-4»، قدرات مذهلة في توليد النصوص، سواء أكان ذلك في كتابة الشعر، أو تأليف المقالات، حتى تقديم حلول برمجية. تُدرَّب هذه النماذج، المعتمدة على بنى معمارية متقدمة تُعرف باسم «المحوّلات» (Transformers)، على توقع تسلسل الكلمات، ما يمكّنها من الاستجابة للمطالبات بطرق تحاكي فهماً يشبه البشري. ومع ذلك، تشير أبحاث حديثة إلى أن هذه النماذج، على الرغم من قدراتها المثيرة للإعجاب، قد لا تتعلم بالفعل الحقائق الكامنة عن العالم.

خريطة لمدينة نيويورك الأميركية (أدوبي)

التنقل في مدينة نيويورك دون خريطة

في دراسة حديثة قادها آشِش رامباتشان، أستاذ مساعد في الاقتصاد وباحث في مختبر نظم المعلومات واتخاذ القرار بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (LIDS)، قام الباحثون باختبار مدى قدرة نموذج لغوي مبني على «المحوّلات» على التنقل في مدينة نيويورك. وبينما أظهر النموذج دقة عالية في تقديم توجيهات دقيقة خطوة فخطوة عبر شبكة شوارع المدينة، تراجع أداؤه بشكل كبير عندما تمت إضافة عراقيل مثل إغلاق بعض الشوارع والتحويلات.

وعندما حلّل الباحثون أنماط التنقل التي أنتجها النموذج، اكتشفوا أن «خرائط» مدينة نيويورك التي كوّنها النموذج كانت تحتوي على مسارات غير واقعية، مثل شوارع غير موجودة وروابط غير دقيقة بين تقاطعات متباعدة. هذا الاكتشاف أثار تساؤلات حول حدود هذه النماذج، خاصة في البيئات التي تتطلب دقة كبيرة.

التداعيات في العالم الحقيقي

تنطوي هذه القيود على تداعيات هامة. فعلى الرغم من أن نماذج الذكاء الاصطناعي تبدو قادرة على التعامل مع مهام معقدة، فإن أداءها قد يتراجع بشكل كبير عندما تتغير المتغيرات البيئية، ولو بشكل بسيط. على سبيل المثال، قد يتمكن النموذج من التنقل في خريطة ثابتة لمدينة نيويورك، لكنه يتعثر عند مواجهة تحديات غير متوقعة، مثل إغلاق الشوارع. ويحذر فريق البحث من أن استخدام هذه النماذج في تطبيقات حقيقية قد يؤدي إلى فشل غير متوقع إذا واجهت سيناريوهات خارجة عن بيانات التدريب.

لعبة «أوثيللو» هي لعبة ألواح استراتيجية يشارك فيها لاعبان يلعبان على لوح مقسم إلى 8 × 8 مربعات غير مختلفة اللون (أدوبي)

مقاييس لتقييم الفهم

لمزيد من التعمق في مدى قدرة نماذج الذكاء الاصطناعي على تكوين «نماذج للعالم»، أي تمثيلات داخلية للقواعد والهيكليات، طوّر الفريق مقياسين جديدين للتقييم، هما «تمييز التسلسل» و«ضغط التسلسل».

يقيس «تمييز التسلسل» قدرة النموذج على التمييز بين سيناريوهات مختلفة، مثل تمييز موضعين مختلفين على لوحة لعبة «أوثيللو». ويقيّم المقياس ما إذا كان النموذج يفهم أن مدخلات مختلفة تحمل دلالات مختلفة.

أما مقياس «ضغط التسلسل» فيقيّم قدرة النموذج على إدراك الحالات المتطابقة، مثل وضعين متطابقين على لوحة لعبة «أوثيللو»، ويفهم أن خطوات التحرك التالية من كل وضع يجب أن تكون متشابهة.

قام الفريق باختبار هذه المقاييس على فئة معينة من المسائل تشمل تسلسلاً محدداً من الحالات والقواعد، مثل التنقل في شبكة شوارع أو لعب «أوثيللو». من خلال هذه التقييمات، سعى الباحثون لفهم ما إذا كانت النماذج قد طوّرت بالفعل نماذج منطقية للعالم.

العشوائية قد تؤدي إلى فهم أعمق

كشف البحث عن نتيجة غير متوقعة، حيث أظهرت النماذج التي دربت على تسلسلات عشوائية قدرة أكبر على بناء نماذج داخلية دقيقة مقارنة بتلك التي دربت على بيانات منظمة. على سبيل المثال، في لعبة «أوثيللو»، كانت النماذج المدربة على حركات عشوائية قادرة على التعرف على جميع الحركات الممكنة، حتى الحركات غير المثلى التي لا يلجأ إليها اللاعبون المحترفون.

وأوضح كيون فافا، الباحث الرئيسي وأستاذ زائر في جامعة هارفارد، أنه «من الناحية النظرية، عندما يتم تدريب النموذج على حركات عشوائية، فإنه يرى مجموعة كاملة من الاحتمالات، بما في ذلك الخيارات غير المحتملة». ويبدو أن هذا التعرض الواسع «يساعد النموذج في تكوين نموذج أكثر دقة للعالم، وإن لم يلتزم بالأسلوب الأمثل».

ورغم هذه النتائج، لم يستطع أي من النماذج تكوين نموذج منطقي متكامل للعالم في مهمة التنقل. وعندما أضاف الباحثون تحويلات إلى خريطة نيويورك، فشلت جميع النماذج في التكيف. وأشار فافا إلى أن «التراجع في الأداء كان مفاجئاً؛ إغلاق واحد في المائة فقط من الشوارع تسبب في انخفاض الدقة بشكل حاد، من أداء شبه مثالي إلى 67 بالمائة فقط».

تراجع أداء نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل كبير عندما تتغير المتغيرات البيئية ولو بشكل بسيط (أدوبي)

بناء نماذج للعالم موثوقة

تسلط نتائج هذه الدراسة الضوء على تحدٍ كبير، يتمثل في أنه عندما تبدو المحوّلات قادرة على أداء مهام معينة، فإنها قد تفتقر إلى الفهم الأساسي للقواعد. وشدّد رامباتشان على ضرورة الحذر، قائلاً: «غالباً ما يفترض الناس أنه بما أن هذه النماذج تحقق نتائج رائعة، فلا بد أنها طوّرت فهماً جوهرياً للعالم. لكن دراستنا تشير إلى أننا بحاجة إلى النظر في هذا الافتراض بعناية وعدم الاعتماد على الحدس فقط».

ويخطط الباحثون لتوسيع دراستهم لتشمل تحديات أكثر تعقيداً حيث قد تكون القواعد غير معروفة كلياً أو متغيرة. وباستخدام مقاييسهم التقييمية على هذه المجالات، يأملون في فهم حدود نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل أفضل وتوجيه تطويرها في المستقبل.

تداعيات أوسع وأهداف مستقبلية

تتجاوز تداعيات هذا البحث فهم العالم الافتراضي، وتمس التطبيقات العملية. إذا كانت نماذج الذكاء الاصطناعي غير قادرة على تكوين نماذج داخلية دقيقة للعالم، فإن ذلك يثير تساؤلات حول استخدامها في مجالات تتطلب منطقاً دقيقاً، مثل القيادة الذاتية، والأبحاث العلمية، والتخطيط اللوجستي. ويقول الباحثون إن الحاجة ملحة لإعادة التفكير في كيفية تدريب هذه النماذج وتقييمها لتكون أكثر تكيفاً وموثوقية.

هذا البحث مدعوم من قبل عدة مؤسسات، بما في ذلك مبادرة علوم البيانات في جامعة هارفارد، ومؤسسة العلوم الوطنية، ومؤسسة ماك آرثر. سيتم عرض الدراسة في مؤتمر نظم معالجة المعلومات العصبية، حيث سيواصل الباحثون مناقشة تعقيدات نماذج الذكاء الاصطناعي واستكشاف مسارات جديدة لتطويرها.