42 % من الأسر في لبنان عاجزة عن تأمين إفطارها في رمضان

42 % من الأسر في لبنان عاجزة عن تأمين إفطارها في رمضان
TT

42 % من الأسر في لبنان عاجزة عن تأمين إفطارها في رمضان

42 % من الأسر في لبنان عاجزة عن تأمين إفطارها في رمضان

يكفي أن يقارن اللبنانيون بين أسعار السلع الغذائيّة على أبواب شهر رمضان هذا العام وبين أسعارها في رمضان الماضي، حتى يتيقّنوا وبعملية حسابيّة صغيرة أنّ موائد إفطارهم ستفتقد عددا كبيرا من الأصناف التي كانت تحصيلا حاصلا بالنسبة إليهم.
فسعر كيلو الأرز الذي كان لا يتجاوز الـ3 آلاف ليرة (أي دولارين على أساس سعر الصرف الرسمي 1515 ليرة للدولار الواحد) بات يتجاوز الـ8 آلاف ليرة، وكيلو العدس الذي يسمّى طعام الفقراء بات بـ15 ألفا، أما الزيت فسعر الـ5 لترات منه كان بحدود الـ13 ألفا (8.5 دولار) ليتجاوز سعره الـ90 ألفا أي أنّه ارتفع بنسبة 7 أضعاف، بعدما أصبح التجار يعتمدون سعر صرف الدولار في السوق السوداء والذي لامس 13 ألفاً.
وحدّد مرصد الأزمة في الجامعة الأميركيّة في مؤشّر نشره أمس (الاثنين) تكلفة الإفطار المؤلف من مكونات ضرورية (حبة تمر، حساء العدس، سلطة الفتوش، نصف كوب من اللبن) ووجبة أساسية للفرد الواحد بـ 12.050 ليرة (8 دولارات) أي 60.250 ليرة (40 دولارا) يومياً لأسرة مؤلفة من 5 أفراد، ما يعني أنّ تكلفة الإفطار لهذه العائلة تزيد على مرتين ونصف المرة (2.6) من الحد الأدنى للأجور شهريا، مع العلم أنّ التكلفة المحتسبة لا تتضمن المياه أو العصائر أو الحلويات والغاز أو الكهرباء ومواد التنظيف.
ولفت المرصد إلى أنّ 42.5 في المائة من الأسر في لبنان والتي لا تتعدى مداخيلها مليونا ومائتي ألف ليرة شهرياً (نحو مائة دولار حاليا) ستجد صعوبة في تأمين قوتها بالحد الأدنى المطلوب، وأنّ الوضع سيكون أصعب في محافظات الأطراف. وفي مقارنة مع السنوات الماضية أظهر مؤشّر تكلفة الإفطار الأساسي، حسب المرصد، ارتفاعا من حوالي 445 ألف ليرة في الشهر عام 2018 إلى 467 ألف ليرة في العام 2019 ومن ثمّ إلى حوالي 600 ألف شهريا عام 2020 ليقفز بشكل تصاعدي هذا العام.
«سنعتمد على الأكلات غير المكلفة وتلك التي تشعر بالشبع كالمعكرونة مثلا»، تقول إحدى المواطنات التي تنتظر دورها على باب سوبر ماركت، مشيرة في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّ الميزانية التي كانت تخصصها لرمضان هي ذاتها ولكنها باتت بالكاد تكفي للأرز والسكر والزيت وبعض الحبوب، أمّا الفتوش فيحدد وجوده على المائدة من عدمه يوما بيوم حسب الأسعار».

انتظرت هذه السيدة أكثر من ساعة حتى تدخل السوبر ماركت ليس فقط بسبب إجراءات «كورونا»، بل بسبب الزحمة التي توحي للوهلة الأولى بأنّ الأوضاع بألف خير إلّا أنّه سرعان ما يتضح أن معظم المواطنين ينتظرون من أجل زيت مدعوم أو سكر، فمع ارتفاع أسعار السلع الغذائية تهافت اللبنانيون على المواد المدعومة التي تباع على أساس سعر صرف محدد بـ3900 ليرة للدولار، بينما السلع غير المدعومة تباع على أساس سعر الصرف في السوق الموازية والذي يتجاوز الـ12 ألف ليرة حاليا، إلاّ أنّ عدد هذه السلع أقلّ بكثير من حاجة السوق. ويشير نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّ نسبة استيراد المواد المدعومة تراجع خلال الأشهر الماضية ويستمر بالتراجع، وذلك بسبب تأخر الموافقات من قبل مصرف لبنان وحتى وزارة الاقتصاد في بعض الأحيان على طلب التجّار الذين يستوردون مواد مدعومة، وذلك لمدة تزيد على 3 أشهر.
وكانت نقاط بيع المواد المدعومة شهدت خلال الشهر الماضي مشاكل بين المواطنين على خلفيّة الحصول على هذه المواد بسبب محدودية عددها.
أما عن سعر البضائع غير المدعومة، فيشير بحصلي إلى أنّ الأمر يرتبط دائما بسعر الدولار في السوق السوداء، فسعر البضائع بالدولار لا يزال على حاله، ولكن المشكلة تكمن في فقدان الليرة اللبنانية قيمتها.
ومع اقتراب شهر رمضان كثّفت وزارة الاقتصاد جولاتها على نقاط البيع مسجلة عددا كبيرا من المخالفات كما يؤكّد مصدر في الوزارة شارحا في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ وزارة الاقتصاد تراقب الأسعار بشكل دائم ولكنه من الصعب عليها مراقبة 22 ألف نقطة بيع من خلال 77 مراقبا، لذلك تناشد الوزارة بشكل مستمر البلديات التي تمثّل سلطة محليّة أن تقوم بدورها الرقابية، مشيرا إلى أنّ هناك عددا من البلديات كان متعاونا بشكل لافت مؤخرا وسطّرت مخالفات حوّلتها إلى وزارة الاقتصاد لتقوم بدورها بتحويلها إلى القضاء.
وأكّد المصدر أنّ مستوردي المواشي بدأوا أمس بالعمل على آليّة جديدة تضمن تسليم اللحوم للملاحم بسعر مدعوم ما يعني عدم تخطي كيلو اللحم بالنسبة للمستهلك الـ48 ألفا بعدما وصل الـ75 ألفا خلال الأيام الماضية.
وإذا كانت المواد الغذائية الأساسيّة أصبحت صعبة المنال بالنسبة لعدد كبير من المواطنين اللبنانيين، فالمواد الغذائية غير الأساسية والتي ترتبط بسفرة رمضان مثل الجلاب والحلويات باتت حكرا على الطبقة الميسورة، فقارورة الجلاب (وهي لتران) والتي كانت بـ9 آلاف (6 دولارات) رمضان الماضي باتت اليوم بـ60 ألفا إذا لم نحتسب سعر المكسرات التي تضاف إليه، أمّا سعر كيلو الحلويات فيبدأ من 70 ألفا.
وكانت «الدوليّة للمعلومات» توصّلت ومن خلال استطلاع عينة صغيرة من 100 أسرة أنّ 45 في المائة من الأسر اللبنانية لم تصنع حلوى العيد (لمناسبة الفصح الأسبوع الماضي) وأنّ 35 في المائة صنعت حلوى بتكلفة أقل إذ استبدلت الفستق الحلبي والجوز بواسطة التمر أو بالسكر فقط، ما يعني أنّ 95 في المائة من الأسر اللبنانية بدلت عادتها خلال العيد.
كما أشارت «الدولية للمعلومات» إلى أنّ بيع محلات الحلوى تراجع خلال فترة العيد هذه السنة بنسبة 45 في المائة مقارنة بفترة العيد في العام الماضي.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».