عامل خطر لا يعرفه كثيرون يعزز حدوث النوبات القلبية

للجينات دور في زيادة مستويات البروتين الدهني «إيه»

عامل خطر لا يعرفه كثيرون يعزز حدوث النوبات القلبية
TT

عامل خطر لا يعرفه كثيرون يعزز حدوث النوبات القلبية

عامل خطر لا يعرفه كثيرون يعزز حدوث النوبات القلبية


يعاني واحد من كل خمسة أشخاص تقريباً من ارتفاع مستويات البروتين الدهني (إيه)، الذي هو عبارة عن جسيمات دهنية لها صلة بالإصابة بأمراض القلب المبكرة.

- بروتين دهني
ربما لم تسمع الغالبية عن البروتين الدهني (إيه) lipoprotein (a) الذي يعرف بالرمز Lp (a)، وإن كان هذا الأمر غير مثير للدهشة. وقد أدرك أطباء القلب منذ سنوات، أن ارتفاع مستويات هذه الجسيمات الدهنية التي تسير بمجرى الدم يحمل المخاطر لنظام القلب والأوعية الدموية. ومع هذا، لم يكن باستطاعتهم تقديم الكثير على صعيد العلاج.
وعليه، لم تبدُ مسألة إجراء تحاليل واسعة النطاق تتعلق بالبروتين الدهني، أمراً منطقياً. إلا أن ثمة تقدماً أُحرز في الآونة الأخيرة ينبئ بإمكانية تبدل هذا المشهد قريباً. وكانت أبحاث سابقة كشفت عن أن الأدوية الخافضة للكوليسترول القابلة للحقن والمعروفة باسم مثبطات «بي سي إس كيه 9» PCSK9 inhibitors، مثل يفولوكامب evolocumab (ريباثا Repatha) أو أليروكوماب alirocumab (برالونت Praluent)، ربما تسهم في خفض مستويات البروتين الدهني بنسبة تصل إلى 25 في المائة. ومع ذلك، فإنه حتى العام الماضي، لم يكن من الواضح ما إذا كان هذا الخفض قد ساعد بالفعل الأشخاص الذين يعانون ارتفاع مستويات البروتين الدهني هذا.
في هذا الصدد، قالت الدكتور دونا بولك، البروفسور المساعد بمجال الطب في مدرسة هارفارد للطب «الآن، أصبح لدينا أدلة تشير إلى أنه حتى التراجع الطفيف في هذا البروتين الدهني يمكنه أن يقلل مخاطر تعرض الشخص لنوبات قلبية ومشكلات أخرى خطيرة على صلة بالقلب».
وأضافت، أنه تجري في الوقت الحالي تجارب كبيرة لعقاقير جديدة للحد من مستويات هذا البروتين الدهني، ومن المتوقع ظهور نتائجها في غضون السنوات القليلة المقبلة. ونجح أحد هذه العقاقير، والذي يعمل من خلال إسكات الجين الذي يدفع خلايا الكبد لإنتاج البروتين الدهني إيه)، في تقليص مستويات هذا البروتين الدهني في الدم بنسبة بلغت 80 في المائة، تبعاً لما ذكرته دراسة نشرتها العام الماضي دورية «ذي نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين».

- فهم البروتين الدهني
بوجه عام، يمكن النظر إلى البروتين الدهني (إيه) باعتباره التوأم الشرير للبروتين الدهني منخفض الكثافة LDL، المعروف باسم «الكوليسترول السيئ». يتألف البروتين الدهني (إيه) من جسيمات تشبه البروتين الدهني منخفض الكثافة ومزودة ببروتين آخر إضافي ملفوف حولها. ومن شأن هذا البروتين الإضافي زيادة احتمالية اختراق الجسيم لجدران الشرايين وإتلافها.
علاوة على ذلك، يزيد هذا البروتين الدهني من احتمالية حدوث جلطات دموية والتهابات بدرجة أكبر من البروتين الدهني منخفض الكثافة. وعليه، فإن الأشخاص الذين يرصد لديهم ارتفاع مستويات البروتين الدهني (إيه) يعتبرون أكثر عرضة للنوبات القلبية، وكذلك تضيق الصمام الأورطي (aortic stenosis) وانسداد شرايين الساق (مرض الشرايين المحيطية peripheral artery disease).
وتضطلع الجينات بدور تحديد حجم البروتينات الدهنية (إيه) بالجسم؛ ما يعني أن هذا الحجم يظل مستقراً نسبياً على مدار العمر. وعليه، فإن عادات الطعام والتدريبات الرياضية لا تترك تأثيراً فعلياً على مستويات البروتين الدهني في تيار الدم. وبينما يتسم غالبية الأشخاص بمستويات منخفضة من البروتين الدهني (إيه)، فإن ما يقدر بنحو 20 في المائة من الأشخاص لديهم مستويات مرتفعة من هذا البروتين الدهني، ما يفاقم المخاطر التي تواجههم.
ونظراً لأن البروتين الدهني (إيه) وراثي، فإن الأفراد أصحاب المستويات المرتفعة من البروتين الدهني غالباً ما يكون في أسرتهم جد أو والد أو شقيق تعرض لنوبة قلبية أو سكتة دماغية في سن صغيرة نسبياً، عادة في الخمسينات من العمر أو حتى أصغر عن ذلك. وغالباً ما، لا يبدو أن هؤلاء الأشخاص مرشحون محتملون للإصابة بأمراض القلب؛ لأنه ليس لديهم أي من عوامل المخاطر التقليدية الأخرى، مثل السكري أو ارتفاع مستويات «الكوليسترول السيئ».

- إجراء الاختبارات
من ينبغي عليه السعي لإجراء اختبار لمستويات البروتين الدهني (إيه)؟ رغم أن البعض قد تراوده فكرة إجراء اختبار لمستويات هذا البروتين الدهني لديه من باب الاحتياط، فإن الدكتورة بولك لا تنصح بالإقدام على ذلك. وتوصي الدكتورة بولك وخبراء آخرون بإجراء اختبارات للبروتين الدهني (إيه) التي يجب أن تأتي بناءً على طلب من طبيب - للفئات التالية:
* الأشخاص الذين لديهم أب أو أم أو أخت أو أخ أصيب بمرض في القلب والأوعية الدموية (بما في ذلك التعرض لنوبة قلبية أو سكتة دماغية أو مرض الشرايين المحيطية أو تضيق الصمام الأبهري) في سن مبكرة (55 أو أصغر في الرجال، و65 أو أصغر للنساء).
* الأشخاص الذين يعانون أمراضاً في القلب ممن لديهم مستويات طبيعية (غير معالجة) من (الكوليسترول السيئ) LDL، والبروتين مرتفع الكثافة (الكولسترول الحميد) HDL، والدهون الثلاثية triglycerides.
* أقارب الدرجة الأولى (أشقاء أو أطفال أو آباء أو أمهات) لأي شخص لديه ارتفاع في مستويات البروتين الدهني (إيه).
ورغم عدم وجود عقاقير جرت الموافقة عليها تحديداً لغرض علاج مستويات البروتين الدهني (إيه) المرتفعة، فإن الدكتورة بولك غالباً ما تصف لمرضاها عقاقير الستاتين، بما في ذلك حتى الأشخاص الذين يتسمون بمستويات «كوليسترول سيئ» مرتفعة قليلاً أو طبيعية. كما توصي الدكتورة بولك حالياً هؤلاء الأشخاص بالتزام جميع النصائح التقليدية لتجنب أمراض القلب، بما في اتباع نظام غذائي نباتي وممارسة الرياضة بانتظام وتخفيف الضغط العصبي.
وتمثل الجرعات المنخفضة من الاسبرين علاجا آخر ممكناً، ذلك أنه قد يسهم في التصدي لدور البروتين الدهني (إيه) في زيادة خطر تكوين التجلطات. إلا أن الدكتورة بولك تحذر قائلة «لا يجب أن تتناول الأسبرين من تلقاء نفسك دون مناقشة الأخطار والفوائد المحتملة له مع طبيبك أولاً».

- رسالة هارفارد للقلب
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».