مصر: موقف إثيوبيا بشأن المفاوضات سيزيد «الاحتقان»

الحكومة تُكثف جهود «ترشيد المياه» مع استمرار «أزمة سد النهضة»

سد النهضة الإثيوبي (أ.ب)
سد النهضة الإثيوبي (أ.ب)
TT

مصر: موقف إثيوبيا بشأن المفاوضات سيزيد «الاحتقان»

سد النهضة الإثيوبي (أ.ب)
سد النهضة الإثيوبي (أ.ب)

أكدت مصر أمس أن «تعنت إثيوبيا ورفضها العودة للمفاوضات، خلال محادثات (كينشاسا)، هو موقف (معيق)، وسيؤدي إلى تعقيد أزمة (سد النهضة)، وزيادة (الاحتقان) في المنطقة». في حين تواصل الحكومة المصرية «تكثيف جهود (ترشيد المياه) في ظل استمرار (أزمة السد الإثيوبي)». وتتبنى القاهرة «استراتيجية قومية لـ(ترشيد استهلاك المياه)، وتوفير بدائل جديدة، حيث تعاني البلاد من شح في موارد المياه العذبة».
تأتي الجهود المصرية تزامناً مع استمرار «التعثر» في المفاوضات التي تخوضها القاهرة مع السودان وإثيوبيا برعاية الاتحاد الأفريقي، بهدف وضع اتفاق «مُلزم» ينظم قواعد ملء وتشغيل «سد النهضة». وتخشى القاهرة تأثيره على حصتها من المياه، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب. وأعلنت مصر والسودان، فشل جولة المحادثات الأخيرة، التي عقدت في عاصمة الكونغو الديمقراطية «كينشاسا». وقال وزير الموارد المائية والري المصري، محمد عبد العاطي، أمس، إن «مفاوضات (كينشاسا) لم تحقق أي تقدم، ولم يتم التوصل إلى أي اتفاق حول إعادة استئناف المفاوضات»، لافتاً إلى أن «إثيوبيا رفضت مختلف المقترحات والبدائل المقدمة من جانب دولتي المصب، والتي تستهدف إعادة إطلاق عملية التفاوض مرة ثانية، سعياً للوصول إلى حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية». وأطلع الوزير عبد العاطي، رئيس الحكومة المصرية، مصطفى مدبولي، أمس، على نتائج جولة مفاوضات «كينشاسا» الأخيرة، مجدداً التأكيد على «ما تمتع به الجانبان المصري والسوداني من مرونة خلال تلك الجولة، بما يعكس الرغبة الجادة في التوصل إلى اتفاق حول السد». وبحسب وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية، أمس، فقد أشار وزير الري المصري إلى أن «مصر شاركت في المفاوضات التي جرت في (كينشاسا) من أجل إطلاق مفاوضات تجري تحت قيادة جمهورية الكونجو الديمقراطية، وفق جدول زمني محدد للتوصل لاتفاق (عادل ومتوازن وملزم قانوناً) حول (سد النهضة)». وتخشى القاهرة أن «يضر السد بإمداداتها من مياه نهر النيل»، فيما يشعر السودان بـ«القلق إزاء سلامة السد وتدفق المياه عبر السدود ومحطات المياه». وخاطب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أول من أمس، إثيوبيا، قائلاً: «يجب ألا نصل إلى مرحلة المس بالأمن المائي لمصر».
إلى ذلك، تلقى وزير الري المصري، أمس، تقريراً بموقف المشروع القومي لـ«تأهيل الترع»، والمشروع القومي لـ«التحول من نظم الري بالغمر لنُظم الري الحديث». ووفق بيان لـ«مجلس الوزراء المصري» أمس، فإنه «تم الانتهاء من (تأهيل ترع) بأطوال تصل إلى 1430 كيلومترا بمختلف المحافظات المصرية، وجار العمل في تنفيذ 4584 كيلومترا أخرى، وتم تدبير اعتمادات مالية لتأهيل ترع بأطوال تصل إلى 1031 كيلومترا، ليصل بذلك إجمالي أطوال الترع التي شملها المشروع 7045 كيلومترا حتى أمس، وهو ما يتجاوز الـ7000 كيلومتر المستهدف تأهيلها خلال المرحلة الأولى، والتي سوف تنتهى بحلول منتصف عام 2022 بتكلفة إجمالية تقدر بمبلغ 18 مليار جنيه». من جهته، جدد مدبولي، أمس، «التأكيد على أهمية المشروع القومي لـ(تأهيل وتبطين الترع) في تحسين عملية إدارة وتوزيع المياه، وتوصيلها لنهايات الترع المتعبة»، داعياً إلى ضرورة «استمرار حث المواطنين على الحفاظ على المجاري المائية وحمايتها من التلوث، لا سيما التي شهدت تطويراً خلال هذه الفترة». وبحسب بيان «مجلس الوزراء المصري» فإن «وزارة (الري) تواصل مجهوداتها لتشجيع المزارعين على التحول من نظم الري بالغمر لنُظم الري الحديث، لما تمثله هذه النظم من أهمية واضحة في ترشيد استهلاك المياه».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.