تحديات تواجه إدارة بايدن بعد استئناف المساعدات للفلسطينيين

«مخيم الشاطئ» في غزة بين مخيمات فلسطينية أخرى تنتظر الدعم الأميركي لـ«أونروا»... (إ.ب.أ)
«مخيم الشاطئ» في غزة بين مخيمات فلسطينية أخرى تنتظر الدعم الأميركي لـ«أونروا»... (إ.ب.أ)
TT

تحديات تواجه إدارة بايدن بعد استئناف المساعدات للفلسطينيين

«مخيم الشاطئ» في غزة بين مخيمات فلسطينية أخرى تنتظر الدعم الأميركي لـ«أونروا»... (إ.ب.أ)
«مخيم الشاطئ» في غزة بين مخيمات فلسطينية أخرى تنتظر الدعم الأميركي لـ«أونروا»... (إ.ب.أ)

يواجه قرار الإدارة الأميركية استئناف المساعدات للفلسطينيين تحديات كبيرة في الكونغرس؛ فبمجرد الإعلان عن قرار التمويل بمبلغ 235 مليون دولار، توعد المشرعون الجمهوريون بالتصدي للقرار، ملوحين بعدم قانونيته.
وأصدر كبيرا الجمهوريين في لجنتي «الشؤون الخارجية» في الشيوخ والنواب، بياناً منتقداً للقرار، عدّا فيه أن «استئناف المساعدات للضفة الغربية وقطاع غزة من دون أي تنازلات من قبل السلطة الفلسطينية، يهدد المصالح الأميركية».
وتوعد كل من السيناتور الجمهوري جيم ريش، والنائب الجمهوري مايك مكول، بالتدقيق في فحوى كل القرارات المتعلقة باستئناف المساعدات، للحرص على أنها لم تخرق القوانين الأميركية، مضيفين: «على إدارة بايدن توظيف كل وسائل الضغط المتاحة لتأمين تغيير في تصرفات السلطة الفلسطينية؛ بما فيه وقف الدفعات للإرهابيين. سوف نستمر بالتدقيق في كل برنامج مطروح، للحرص على أن قرارات الإدارة تتناغم مع (قانون تايلور فورس) والقوانين الأميركية التي تحدد طبيعة المساعدات للفلسطينيين».
يتحدث ريش ومكول هنا عن قانون مرره الكونغرس في عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي وقع عليه بدوره ليصبح قانوناً ساري المفعول، بعنوان: «قانون: تايلور فورس». ويقضي القانون المذكور بوقف المساعدات الاقتصادية الأميركية المباشرة للسلطة الفلسطينية، حتى توقف السلطة الدفعات المالية للفلسطينيين الذين يرتكبون أعمالاً إرهابية وعائلاتهم، في إطار ما يسمى «صندوق أسر الشهداء» الذي يطلق عليه المشرعون «الأميركيون» اسم «الدفع للقتل».
وتحدث السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام عن القانون المذكور، فاتهم إدارة بايدن بدعم «تمويل الإرهاب»، وقال في بيان ناري: «أنا قلق للغاية من قرار إدارة بايدن غض الطرف عن ممارسات السلطة الفلسطينية. في عام 2019 قدمت السلطة 343 مليون دولار لما يسمى (صندوق أسر الشهداء)؛ أو (الدفع للقتل)، الذي يقدم دفعات للإرهابيين وعائلاتهم الذين يهاجمون الإسرائيليين والأميركيين». كما هاجم غراهام قرار استئناف تمويل «أونروا»، قائلاً: «(أونروا) منظمة معادية لإسرائيل، وتعدّ عثرة في طريق السلام».
وفي ظل هذه الانتقادات، تدافع الإدارة الأميركية عن قرارها استئناف المساعدات، وتؤكد أنه يتناغم مع القوانين الأميركية، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، إن التمويل «يتناغم تماماً مع القوانين الأميركية، وأي مساعدات للضفة الغربية وغزة ستمر عبر الشركاء التنمويين، وليس عبر الحكومات أو السلطات التابعة لها». وأضاف برايس: «واقع الحال هنا هو أن الإدارة ملتزمة بتقديم المساعدات الأميركية، مع احترام القوانين الأميركية المرتبطة بالإرهاب؛ بما فيها (قانون تايلور فورس)».
وفي حين تنظر الإدارة في طرق لاستئناف المساعدات الاقتصادية والأمنية للسلطة الفلسطينية، يبدو أن خطوتها المقبلة ستكون إعادة فتح مكاتب السلطة الفلسطينية في الولايات المتحدة، التي أغلقت في عهد ترمب. لكن هذه أيضاً قد تواجه أيضاً عراقيل قانونية في هذا الإطار، بسبب قانون آخر مرره الكونغرس في عام 2019 يفسح المجال أمام فتح دعاوى قضائية بحق السلطة الفلسطينية لدفع نحو 655 مليون دولار من الغرامات المالية، في حال فتحت مكاتب لها في الأراضي الأميركية.
ويرجح البعض أن بايدن يستطيع التوقيع على أمر رئاسي لإعفاء السلطة من هذه الدفعات في حال قرر السماح بإعادة فتح المكاتب المذكورة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.