الحريري لا يمتنع عن التواصل مع باسيل

اقتراح لقائهما برعاية ماكرون مؤجل حالياً

TT

الحريري لا يمتنع عن التواصل مع باسيل

كشف مصدر سياسي مواكب للأفكار التي تم التداول فيها بين بيروت وباريس لإخراج تشكيل الحكومة اللبنانية من التأزُّم بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يعكف حالياً على جوجلتها مع أعضاء فريقه المكلّف التواصل مع المكوّنات السياسية الرئيسية في لبنان؛ لتسهيل ولادتها على قاعدة التزام المعنيين بالمبادرة الفرنسية وابتداعه مجموعة من المقترحات يعمل على تسويقها لبنانياً ليدفع في اتجاه تخطي العقبات التي تصطدم بها الجهود الرامية لإنقاذ عملية التأليف، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، بأنه تقرّر سحب عقد لقاء بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل برعاية ماكرون شخصياً من التداول على الأقل في المدى المنظور.
ولفت المصدر السياسي إلى أن الحريري لم يعلن منذ تكليفه تشكيل الحكومة رفضه لقاء باسيل، رغم أن الأخير لم يوفره من حملاته السياسية والإعلامية، مع أنه تجاوز في مواقفه الخطاب المألوف بين الأطراف السياسية، وقال إنه لم يمتنع كرئيس مكلّف عن لقاء أي رئيس كتلة نيابية للتشاور معه، وبالتالي يمكن لباسيل التواصل معه تمهيداً للقائه في بيروت لئلا يُعطى انتقالهما إلى باريس أكثر من تفسير وصولاً إلى توظيفه من قبل البعض وكأن باسيل يفاوض بالإنابة عن رئيس الجمهورية ميشال عون للبحث في التشكيلة الوزارية.
وأكد أن الفكرة القائلة بأن هناك ضرورة لعقد اجتماع بين الحريري وباسيل بذريعة أنه يشكل المعبر الإلزامي للعبور بالتشكيلة الوزارية إلى بر الأمان كانت طُرحت في السابق، وكرر الحريري في حينها أنه حاضر للقائه بوصفه رئيساً لأكبر كتلة نيابية في بيروت، وقال إن باتريك دوريل، أحد مساعدي ماكرون في الملف اللبناني، هو من يسوّق حالياً لاستضافتهما في باريس بتشجيع وإلحاح من أطراف ووسطاء لبنانيين.
وذكر المصدر نفسه، أن باسيل تلقّى دعوة لزيارة باريس في اتصال تلقّاه عصر السبت الماضي للقاء مسؤولين فرنسيين مولجين بمتابعة الملف اللبناني من دون أن يبلغ ما إذا كانت زيارته ستتوّج بلقاء ماكرون، وقال إن باسيل كان يدرس القيام بزيارة خاطفة للعاصمة الفرنسية في ضوء ما أحيط به علماً بأنها تدرج اسمه على لائحة المعرقلين لتشكيل الحكومة، ولم يعد أمامه سوى المبادرة إلى إسقاط شروطه التي تعيق تشكيلها والتي يتبنّاها عون ويروّج لها الفريق السياسي المحسوب عليه.
وأوضح المصدر، أن هناك من نصح باسيل بالسعي لتطويق دخوله في اشتباك سياسي مع باريس، وقال إنه لم يعرف ما إذا كان سيلبي الدعوة أو أن باريس ارتأت تأجيلها لئلا يساء فهمها في بيروت، وصولاً إلى اعتقاد البعض بأن هناك من يضعه في كفة في مقابل الكفة الأخرى التي يتجمّع فيها من يطالب بتسريع تشكيل الحكومة ويتهم باسيل بالتفريط بالفرصة التي تتيح للبنان الانتقال من مرحلة التأزُّم إلى مرحلة التعافي، إضافة إلى أنه سيستقوي بهذه الزيارة على خصومه، وما أكثرهم لبنانياً، بدلاً من أن يستبق زيارته بالإفراج عن الحكومة.
ورأى بأن سحب اللقاء الافتراضي بين الحريري وباسيل من التداول سيبقى على فكرتين يمكن لباريس الرهان عليهما لإنقاذ المبادرة الفرنسية التي ما زالت قائمة: الأولى بدعوتها القيادات التي كان التقاها ماكرون في بيروت للقاء موسّع يرعاه الرئيس الفرنسي شخصياً لتعذُّر انتقاله لهذا الغرض إلى بيروت، والأخرى بتوجيه دعوة رسمية إلى عون لزيارتها، ويعود له أن يصطحب معه من يرغب.
لذلك؛ فإن هذه الأفكار في حاجة إلى تطويرها لتحويلها إلى مقترحات عملية، خصوصاً أن باريس ليست في وارد التسليم بأن مبادرتها لم تعد قابلة للتنفيذ وهي تحظى بدعم أوروبي وأميركي وعربي وفاتيكاني، وبالتالي فإن هذا الدعم يشكل الإطار العام لتوفير شبكة أمان سياسية أمنية للبنان قادرة على وقف انهياره وإعادة الروح إليه بدءاً بالاستجابة لمطالب اللبنانيين ومروراً بتبني الحكومة العتيدة لخريطة الطريق الفرنسية وانتهاءً بتصالحه مع المجتمع الدولي الذي يشترط ألا تكون التسوية التي تشكل قاعدة لتشكيل الحكومة كسواها من التسويات السابقة التي كانت وراء إغراقه في أزمات غير مسبوقة.
وعليه، فإن الزيارة المرتقبة اليوم لوزير الخارجية المصري سامح شكري إلى بيروت عبر البوابة الباريسية تحمل دلالة سياسية من غير الجائز عدم التعامل معها على محمل الجد؛ لأن محادثاته التي يجريها وتشمل الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، والبطريرك الماروني بشارة الراعي، وقيادات سياسية، من بينها رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط وزعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية، وربما آخرون، إضافة إلى اتصاله برئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع للاطمئنان عليه بعد إصابته بوباء فيروس كورونا، يُفترض أن تشكل رافعة للمبادرة الفرنسية.
فوزير الخارجية المصري في زيارته الثانية لبيروت سيجدد دعوته - كما تقول مصادر دبلوماسية عربية لـ«الشرق الأوسط» - للبنانيين للنأي ببلدهم عن الحروب السياسية والعسكرية المشتعلة في المنطقة، وعدم تفويت الفرصة المتاحة لهم للخروج تدريجياً من الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية، وبالتالي لا جدوى من تعطيل المبادرة الفرنسية؛ لأن البديل لن يكون لمصلحة اللبنانيين.



سفارة واشنطن في اليمن تصف أعمال الحوثيين القمعية بـ«الإرهابية الوحشية»

سفارة واشنطن في اليمن تصف أعمال الحوثيين القمعية بـ«الإرهابية الوحشية»
TT

سفارة واشنطن في اليمن تصف أعمال الحوثيين القمعية بـ«الإرهابية الوحشية»

سفارة واشنطن في اليمن تصف أعمال الحوثيين القمعية بـ«الإرهابية الوحشية»

دعت سفارة الولايات المتحدة في اليمن، السبت، جماعة الحوثيين إلى إطلاق موظفي السفارة المعتقلين منذ ثلاث سنوات «فوراً ودون شروط»، واصفة أعمال الجماعة القمعية ضد عمال الإغاثة والموظفين الأمميين بـ«الإرهابية الوحشية».

وكانت الجماعة الحوثية قد بدأت أخيراً إجراءات محاكمة المعتقلين لديها من موظفي السفارة الأميركية والوكالات الأممية والمنظمات الدولية الإغاثية، من خلال إحالتهم إلى نيابة خاضعة للجماعة في صنعاء، مختصة بأمن الدولة وقضايا الإرهاب، وهو ما أثار قلق رؤساء الوكالات الأممية والدولية، مع تجدّد المطالب بسرعة إطلاق سراح المحتجزين فوراً.

وجاءت الدعوات الأميركية في بيان للسفارة، أشارت فيه إلى أن الجماعة الحوثية تحتجز منذ ثلاث سنوات «مواطنين يمنيين أبرياء ظلماً وبصورة غير شرعية (...) لم يرتكبوا أي جرائم».

وأضافت السفارة أن الجماعة تحتجز الموظفين السابقين لدى السفارة «بصفتهم رهائن لمجرد أنهم يعملون لدى السفارة الأميركية في صنعاء، لبناء التفاهم والعلاقات القوية بين اليمن والولايات المتحدة، وتوفير احتياجات أسرهم». وزادت بالقول «إنهم يمنيون وطنيون وجدوا ببساطة عملاً ذا معنى مع السفارة الأميركية».

وتطرّق البيان الأميركي إلى مرور أكثر من أربعة أشهر منذ أن أقدم الحوثيون «بوحشية» على احتجاز يمنيين آخرين بصفتهم رهائن، مما أدى مرة أخرى إلى إبعاد مواطنين متفانين في خدمة بلدهم بعيداً عن أسرهم لمجرد أداء عملهم الاعتيادي لدى الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والبعثات الدبلوماسية.

وشنّت الجماعة المدعومة من إيران في يونيو (حزيران) الماضي أوسع حملة اعتقالات للعاملين في مجال الإغاثة والمنظمات الأممية والدولية والمحلية، وسط تقديرات باعتقال نحو 70 شخصاً، بينهم نساء، ليُضافوا إلى عشرات آخرين من موظفي الأمم المتحدة والعاملين السابقين في الهيئات الدبلوماسية الأجنبية.

الحوثيون احتجزوا العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية في اليمن (إ.ب.أ)

وأشارت السفارة إلى أن الجماعة الحوثية «تنضم إلى قائمة طويلة ومخزية من الجماعات الإرهابية الوحشية» التي تلحق الأذى الجائر بالرجال والنساء الأبرياء، استناداً فقط إلى اتهامات لا أساس لها من الصحة، وأدلة ملفقة، واعترافات بالإكراه.

وأعرب البيان عن القلق العظيم إزاء التقارير التي تشير إلى أن «ميليشيا الحوثي» أحالت الكثير من هؤلاء المعتقلين اليمنيين الأبرياء إلى المحاكمة بتهم لا أساس لها من الصحة.

وأكدت السفارة تضامنها مع هؤلاء اليمنيين الأبرياء وأسرهم الذين تحمّلوا هذه المحنة المؤلمة التي تنتهك بشكل صارخ الحقوق الإنسانية لهؤلاء المعتقلين.

وشدد البيان على أن السفارة لن ترتاح حتى يعود المحتجزون إلى أحبائهم الذين يفتقدونهم بشدة، داعياً الحوثيين إلى «الإفراج الفوري غير المشروط» عن جميع هؤلاء المعتقلين.

قلق دولي ويمني

كان رؤساء الوكالات الأممية والمنظمات الدولية أصدروا قبل أيام بياناً مشتركاً عبّروا فيه عن قلقهم البالغ بعد إحالة الحوثيين عدداً من المعتقلين من موظفي الوكالات والمنظمات إلى «النيابة الجزائية» المتخصصة في قضايا أمن الدولة والإرهاب الخاضعة للجماعة في صنعاء.

ويثير القرار الحوثي، حسب رؤساء الوكالات الأممية والمنظمات الدولية، «مخاوف جدية» بشأن سلامة وأمن العاملين في هذه الوكالات والمنظمات وأسرهم.

وفي حال تمت إدانة هؤلاء المحتجَزين عبر المحاكم الحوثية، فإن العقوبة التي تنتظرهم هي الإعدام، بالنظر إلى التهم التي كانت الجماعة روّجتها بحقهم، وهي تهم مزعومة بـ«الجاسوسية» لمصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل.

مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء غداة مقتل زعيم حركة «حماس» الفلسطينية يحيى السنوار (أ.ف.ب)

وفي أحدث البيانات الحكومية، جدّدت وزارة حقوق الإنسان اليمنية إدانتها «بشدة» استمرار اختطاف وإخفاء أكثر من 70 موظفاً وناشطاً، بينهم 5 نساء، منذ مطلع يونيو 2024 في سجون الحوثيين ومعتقلاتهم، الذين وصفتهم بـ«الميليشيا الإرهابية».

وذكرت الوزارة، في بيان، أن المختطفين، الذين بينهم 19 من موظفي وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، ما زالوا حتى اللحظة مخفيين قسراً، ولم يستطع أهاليهم معرفة أماكن احتجازهم أو حالاتهم الصحية في أقبية الميليشيات. ووصفت ذلك بأنه «انتهاك صارخ لحقوقهم في الحياة، والحرية، والأمن الشخصي».

وأشار البيان إلى أن المحتجَزين والمختطفين يقبعون في سجون سرية، ويتعرّضون لصنوف من التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة واللاإنسانية؛ لإجبارهم على الإدلاء بأقوال واعترافات تدينهم.