مصر متمسكة بـ«الوساطة الرباعية الدولية» بشأن «سد النهضة»

وزير الري المصري خلال اجتماع مع المبعوث الأميركي للسودان والمبعوثة الأوروبية في القاهرة أمس (صورة من الحكومة المصرية)
وزير الري المصري خلال اجتماع مع المبعوث الأميركي للسودان والمبعوثة الأوروبية في القاهرة أمس (صورة من الحكومة المصرية)
TT

مصر متمسكة بـ«الوساطة الرباعية الدولية» بشأن «سد النهضة»

وزير الري المصري خلال اجتماع مع المبعوث الأميركي للسودان والمبعوثة الأوروبية في القاهرة أمس (صورة من الحكومة المصرية)
وزير الري المصري خلال اجتماع مع المبعوث الأميركي للسودان والمبعوثة الأوروبية في القاهرة أمس (صورة من الحكومة المصرية)

جددت مصر تمسكها بمقترح «الوساطة الرباعية الدولية» الذي تتبناه مع السودان، بشأن مفاوضات سد النهضة الإثيوبي. وأكد محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية المصري، للسفير دونالد بوث المبعوث الأميركي للسودان، ومارينا فرايلا مبعوث الاتحاد الأوروبي، أمس، دعم القاهرة الكامل لمقترح الخرطوم الداعي لتشكيل «رباعية دولية» تقودها الكونغو الديمقراطية، وتشارك فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، للتوسط بين الدول الثلاث.
والتقى الوزير المصري مبعوثي أميركا و«الأوروبي» أمس، وشدد على «أهمية أن تتسم المفاوضات بالفاعلية والجدية لتعظيم فرص نجاحها». واقترح السودان مطلع الشهر الحالي استئناف المفاوضات تحت مظلة «وساطة رباعية»، وهو ما قوبل بتأييد مصري واسع، ورفض إثيوبي.
وبحسب بيان مصري، فإن اجتماع أمس، بين الوزير والمبعوثين الدوليين، شهد «التباحث بشأن الموقف الراهن لمفاوضات سد النهضة الإثيوبي، وسبل إعادة إطلاق المفاوضات، بهدف التوصل إلى اتفاق قانوني عادل ملزم لملء وتشغيل السد».
وسبق لرئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الأسبوع الماضي، أن أكد عزم بلاده على المضي قدماً في الملء الثاني للسد في موعده، في يوليو (تموز) المقبل، مشيراً إلى أن أديس أبابا ستخسر مليار دولار في حال لم تفعل. واستعرض وزير الري المصري خلال الاجتماع «تاريخ المفاوضات خلال السنوات الماضية، والموقف الراهن إزاء المفاوضات، ورغبة مصر الواضحة في استكمالها، مع التأكيد على ثوابت مصر في حفظ حقوقها المائية».
وقال عبد العاطي إن «الإجراءات الأحادية التي يقوم بها الجانب الإثيوبي، فيما يخص ملء وتشغيل سد النهضة، ستنتج عنها تداعيات سلبية ضخمة، الأمر الذي يجعل من هذا السد أحد التحديات الكبرى التي تواجه مصر حالياً، في وقت تعاني فيه مصر من شح مائي حاد، تقابله وفرة مائية في إثيوبيا».
وتسعى إثيوبيا إلى توليد الطاقة الكهربائية عبر السد العملاق الذي تشيده منذ عام 2011، ووصل بناؤه إلى 79 في المائة، لكنه يثير مخاوف في مصر والسودان من تأثيره المتوقع على حصتيهما المائية، وتتحسبان تنفيذ الملء قبل التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يضمن «اتخاذ إجراءات حمائية في فترات الجفاف».
وأوضح الوزير المصري أن بلاده «تدعم التنمية في جميع دول حوض النيل»، مشيراً إلى سعيها لـ«تحقيق المنفعة للجميع، من خلال التوصل إلى اتفاق قانوني عادل ملزم للجميع، يلبي طموحات جميع الدول في التنمية».
وكان السفير حمدي لوزا، نائب وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية، قد التقى، أول من أمس، مع المبعوث الأميركي للسودان، حيث ناقشا «مستجدات ملف سد النهضة الإثيوبي، والجهود الجارية لإعادة إطلاق المفاوضات، من أجل التوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة».
وبحسب القاهرة، فإن المبعوث الأميركي يجري جولة، تتضمن مصر والسودان والكونغو وإثيوبيا، للتشاور حول سبل دفع العملية التفاوضية».
وأكد نائب وزير الخارجية المصري «ضرورة التوصل إلى اتفاق في أقرب فرصة ممكنة، قبل شروع إثيوبيا في تنفيذ المرحلة الثانية من الملء، وذلك لضمان عدم تأثر مصر والسودان سلباً بعملية الملء».
وفي غضون ذلك، وعلى صعيد قريب، بدأ البرلمان المصري مناقشة مشروع قانون تقدمت به الحكومة لتعديل القانون الحالي للموارد المائية والري الذي يتضمن بحسب مسودته «اختصاص وزارة الموارد المائية بالإشراف على جميع الأعمال والأنشطة التي تقوم بها الجهات المعنية على الأملاك العامة المرتبطة بالموارد المائية، مع حظر إجراء أي تغيير أو تعديل على تلك الأملاك إلا بموافقة الوزارة».
ويلزم القانون كذلك أصحاب «حقوق انتفاع وملاك وحائزي الأراضي ومستأجريها بالحصول على المياه بنسبة ملكيتهم نفسها، ووجوب تطهيرهم لها، وصيانتها وحفظ جسورها».
وأتاح مشروع القانون لرئيس الوزراء «تحديد مقابل رفع المياه لري الأراضي أو صرفها بواسطة آلات الدولة، وقيمة استغلال المجاري المائية ورفع المياه لغير الأغراض الزراعية»، وتضمن كذلك «عقوبة الحبس والغرامة المالية، أو إحدى هاتين العقوبتين، على مخالفات زراعة الأرز (كثيف الاستهلاك للمياه) والمحاصيل ذات الاحتياجات المرتفعة للمياه، دون ترخيص».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.