تصادم قطارين في مصر يُخلف عشرات الضحايا... والسيسي يتوعد بـ«جزاء رادع» للمتسببين

الحكومة تنتقل لموقع الحادث وتحقيقات موسعة... و«السكك الحديدية» تتحدث عن «مجهولين»

مصريون في موقع حادث تصادم القطارين بمركز طهطا بمحافظة سوهاج جنوب البلاد أمس (رويترز)
مصريون في موقع حادث تصادم القطارين بمركز طهطا بمحافظة سوهاج جنوب البلاد أمس (رويترز)
TT

تصادم قطارين في مصر يُخلف عشرات الضحايا... والسيسي يتوعد بـ«جزاء رادع» للمتسببين

مصريون في موقع حادث تصادم القطارين بمركز طهطا بمحافظة سوهاج جنوب البلاد أمس (رويترز)
مصريون في موقع حادث تصادم القطارين بمركز طهطا بمحافظة سوهاج جنوب البلاد أمس (رويترز)

سقط عشرات القتلى والجرحى بمصر، إثر تصادم قطارين بمركز طهطا بمحافظة سوهاج جنوب البلاد أمس. في حين تحدثت هيئة السكك الحديدية بمصر في أول تعليق لها عقب الحادث، عن «استخدم (مجهولين) (مكابح الطوارئ) أو (بلف الخطر) في بعض العربات؛ ما تسبب في توقف أحد القطارين واصطدام الآخر به من الخلف». على أثر هذا الحادث، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن «الألم الذي يعتصر قلوبنا (اليوم) لن يزيدنا إلا إصراراً على إنهاء مثل هذا النمط من الكوارث». وأضاف السيسي عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أنه «تابع عن كثب الحادث الأليم أمس... لقد وجهت رئاسة الوزراء وكافة الأجهزة المعنية بالتواجد بموقع الحادث والمتابعة المستمرة، وموافاتي بكافة التطورات والتقارير المتعلقة بالموقف على مدار اللحظة». ووجه السيسي بأن «ينال (الجزاء الرادع) كل من تسبب في هذا الحادث الأليم بإهمال أو بفساد أو بسواه، دون استثناء ولا تلكؤ ولا مماطلة». وأسفر الحادث عن مقتل 32 شخصاً وإصابة 108 آخرين، بحسب وزيرة الصحة والسكان، هالة زايد، التي أكدت أن «حالات المصابين تراوحت بين كسور، وجروح قطعية، وسحاجات بأماكن متفرقة بالجسد».
وكشفت هيئة السكك الحديدية في بيان رسمي لها على صفحتها بـ«فيسبوك» عقب الحادث مباشرة، وتم نشر البيان على صفحتي «مجلس الوزراء المصري» ووزارة «النقل»، عن أنه «أثناء سير قطار رقم (157) مميز (الأقصر - الإسكندرية) ما بين محطتي المراغة وطهطا بسوهاج، تم فتح (بلف الخطر) لبعض العربات بمعرفة (مجهولين) - لم تحددهم - وعليه توقف القطار». وأضاف بيان «السكك الحديدية»، «في هذه الأثناء تجاوز قطار رقم (2011) مكيف (أسوان - القاهرة) سيمافور 709، واصطدم بمؤخرة آخر عربة بقطار 157؛ ما أدى إلى انقلاب عدد 2 عربة من مؤخرة قطار 157 المتوقف على السكة، وانقلاب جرار قطار 2011 وعربة القوى؛ ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات والوفيات». وذكرت، أنها «تجري مزيداً من التحقيقات حول الحادث». إلا أن النيابة العامة المصرية أهابت في بيان لها أمس الجهات كافة «الالتزام بعدم إصدار أي بيانات أو تصريحات عن أسباب وقوع حادث تصادم القطارين»، قائلة، إنها «تتولى التحقيقات لكشف حقيقة أسباب وقوع الحادث». وقرر وزير النقل المصري، كامل الوزير، إيقاف سائقي القطارين للتحقيق. وذكر مصدر مطلع بهيئة السكك الحديدية، أن «قائد القطار رقم 2011 توفي في حين لا يزال مساعده (مفقوداً)»، مشيراً إلى أنه «تم التحفظ على سائق القطار رقم 157 ومساعده وفق تعليمات من وزير النقل». ووفق المصدر، فإن «(بلف الخطر) ويطلق عليه (مكابح الطوارئ) متواجد في كل عربة من عربات القطارات، ويستخدم لتعطيل حركة القطار حال وجود خطر»، مضيفاً أن «(بلف الخطر) عبارة عن علبة صغيرة، مغلفة بالزجاج، وبداخلها شدادة، حيث يتم كسر الزجاج وسحب الشدادة بقوة؛ ما يؤدي إلى توقف القطار»، لافتاً إلى أن «هناك إرشادات أسفل هذه العلبة بعدم استخدام (البلف)؛ إلا في حالة الخطر، ومن يستخدمها في غير ذلك، يُعرّض نفسه للمساءلة القانونية». وبحسب المصدر المطلع نفسه، فإن «(البلف) يتحكم في السيطرة على سرعة القطار، ويعمل (فرملة سريعة) لحركة القطار بالكامل». في حين كلف رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بـ«تشكيل لجنة فنية متخصصة، للوقوف على أسباب الحادث»، مشدداً على أنه «لن يتم التهاون مع أي خطأ أو تقصير، وستتم محاسبة المتسبب عن الحادث». وزار مدبولي أمس المصابين في المستشفيات بمحافظة سوهاج ومعه عدد من الوزراء، موجهاً بـ«توفير كل أوجه الرعاية الصحية للمصابين». وقال متحدث رئاسة مجلس الوزراء، نادر سعد، إن «رئيس مجلس الوزراء وكلاً من وزراء التعليم العالي والبحث العلمي، والصحة والسكان، والتنمية المحلية، والنقل، والتضامن الاجتماعي توجهوا إلى سوهاج لزيارة المصابين، ومتابعة إجراءات التعامل مع الحادث». وأكد رئيس الوزراء المصري، أنه «وجّه جميع الوزارات والجهات المعنية بتسخير كل إمكاناتها للتعامل مع هذا الحادث الأليم». ووفق مراقبين «تشهد سكك حديد مصر من آن إلى آخر، وخصوصاً خطوط الصعيد حوادث بسيطة لاصطدام قطارات أو خروجها عن القضبان لأسباب مختلفة». ففي فبراير (شباط) الماضي، أيّد القضاء المصري، أحكاماً متفاوتة بالسجن المشدد بحق 14 متهماً في القضية المعروفة محلياً باسم «حادث قطار محطة مصر»، التي وقعت في فبراير 2019 في محطة القطارات الرئيسية في البلاد، وأسفرت حينها عن مقتل 31 شخصاً وإصابة 17 آخرين، بعدما ارتطم جرار قطار بحاجز بمحطة القطارات الرئيسية في العاصمة القاهرة، ثم اندلع حريق كبير أودى بحياة الضحايا، وأسفر عن تقديم وزير النقل حينها هشام عرفات استقالته.
وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي أمس فيديو يظهر لقطات من موقع الحادث. وأظهر الفيديو خروج عدد من عربات القطار عن مسارها، بالإضافة إلى «وجود عدد من الضحايا على الأرض خارج القطار».
وقالت وزيرة الصحة، إنه «فور وقوع الحادث تم الدفع بـ74 سيارة إسعاف مجهزة نقلت حالات الوفاة والمصابين إلى المستشفيات»، مشيرة إلى أنه «تم رفع درجة الاستعداد للقصوى بجميع المستشفيات بمحافظات سوهاج وأسيوط والأقصر وقنا». في حين أكد مساعد وزيرة الصحة والسكان للإعلام والتوعية، المتحدث الرسمي للوزارة، خالد مجاهد، «عدم صحة المعلومات المتداولة بعدد من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بمناشدة وزيرة الصحة للمواطنين بالتبرع بالدم لمصابي الحادث»، موضحاً «توافر 1034 كيس دم من مختلف الفصائل، و3467 كيس بلازما ببنك الدم الإقليمي بسوهاج، بالإضافة إلى 3000 كيس دم مخزون استراتيجي، تم الدفع بهم كدعم طبي من المركز القومي لنقل الدم بمحافظة القاهرة إلى بنك الدم الإقليمي بسوهاج، وكذلك توافر مخزون الأدوية والمستلزمات الطبية بجميع المستشفيات».
وتوجه النائب العام المصري، المستشار حمادة الصاوي، إلى موقع حادث القطارين أمس لمعاينته. وكان النائب العام قد أمر بالتحقيق العاجل في الحادث، وانتقل فريق من محققي النيابة العامة إلى مكان الحادث أمس. ودخل البرلمان المصري على خط الحادث، مؤكداً عزمه على «محاسبة جميع المسؤولين عن وقوع الكارثة»؛ إذ قال النائب وحيد قرقر، وكيل لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب (البرلمان)، إن «اللجنة تنتظر كافة التفاصيل من الحكومة بشأن الحادث، لتقوم بدورها في مناقشة الملابسات بناءً على المعلومات الرسمية». وتوقفت حركة القطارات جزئياً إلى الصعيد أمس بسبب الحادث. ووفق محمد سالم، مدير تشغيل هيئة السكة الحديد بالصعيد، فإنه «يتم رفع عربات القطارات المتضررة من حادث التصادم، عن القضبان من أجل استئناف الحركة». وعلى أثر هذا الحادث الأليم، وافق مجلس الوزراء على «صرف إعانات لورثة كل متوفٍّ، ولكل مصاب في هذا الحادث». كما وجه رئيس الوزراء، وزارة التضامن الاجتماعي بـ«تقديم أقصى درجات الدعم لأسر المتوفين والمصابين، وتقديم التعويضات اللازمة».



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.