ألغاز الكروموسوم الأنثوي «إكس».. تحير العلماء

خلايا جسم الأنثى قد تعطل أو تنشط واحدا من الكروموسومين المتوارثين عن الأب والأم

ألغاز الكروموسوم الأنثوي «إكس».. تحير العلماء
TT

ألغاز الكروموسوم الأنثوي «إكس».. تحير العلماء

ألغاز الكروموسوم الأنثوي «إكس».. تحير العلماء

الكروموسوم «إكس» لا يزال مشوبا بشيء من الغموض. وكان عالم البيولوجيا هيرمان هينكينغ قد أطلق هذا الرمز «إكس» عليه، وذلك في عام 1891. وللتحري عن طبيعة الكروموسومات قام هينكينغ بفحص خلاياها تحت مجهر بسيط. وتأتي جميع الكروموسومات في الخلايا عادة على شكل أزواج، باستثناء واحدة منها، لذلك وصف هذا الكروموسوم المنفرد المغرد خارج سربه بالعنصر «إكس»، دلالة ربما على غموضه وعدم معرفة الكثير عنه.

* كروموسوم غامض
لكن العلماء اليوم يعرفون هذا الكروموسوم بصورة أفضل لأنه جزء من نظام يقرر الفرز بين الذكر والأنثى. فإذا ورثت البويضة الكروموسوم «إكس» (X) من كلا الوالدين، كان المولود أنثى، لكن إذا ورثت الكروموسوم «إكس» من الأم، والكروموسوم «واي» (Y) من الأب يكون المولود ذكرا. ومع ذلك يبقى الكروموسوم «إكس» هذا غامضا، وأحد أسباب هذا الغموض يعود إلى قيام الإناث بتعطيل واحد من هذين الكروموسومين في الخلايا كافة، وإبقاء الكروموسوم الثاني نشطا وفعالا. وهذه خطوة جذرية ومهمة في ضوء أن الكروموسوم «إكس» يملك أكثر من ألف مورث (جين).
وتقوم الخلايا بتعطيل عمل الكروموسومات «إكس» بأنماط وأشكال مختلفة، بعضها يقود إلى أن يكون عمل الأعضاء مماثلا للأعضاء الخاصة بواحد من الأبوين. وفي بعض الخلايا يدخل الأب في طور سبات، وفي بعضها الأخر تكون الأم. وعلى الرغم من أن العلماء يعرفون عن أمر هذا التعطيل أو التثبيط لأكثر من خمسة عقود، لكنهم لا يزالون يجهلون الكثير عن الأساليب والأحكام المتبعة هنا، وكيف تطورت.
وفي مجلة «نيرون» كشف فريق من العلماء النقاب عن مشهد لعملية تعطيل الكروموسوم «إكس» في الجسم. وقد وجدوا تعقيدا مدهشا في نمط تنشيط الكروموسومات وتعطيلها. وفي الوقت ذاته فإن كل واحد من كروموسومي «إكس» يتضمن نسخا من الجينات غير موجود في النسخة الثانية لآخرين. وبذلك فإن وجود كروموسومي «إكس» يمنح الإناث مزيدا من التنوع الوراثي أكثر من الذكور المالكين على كروموسوم «إكس» واحد. وبذلك تملك الإناث الكثير من التعقيدات الوراثية التي شرع العلماء أخيرا في فهمها واستيعابها.
ويقول هنتنغتون وليارد، مدير معهد العلوم الوراثية وسياستها في جامعة ديوك في أميركا، الذي لم يشترك في الدراسة هذه «ببساطة لدينا مدخل إلى أقسام بيولوجية لا يملكها الذكور».

* اضطرابات وراثية
وعلى الرغم من أن الجينات الإضافية التي يوفرها الكروموسوم «إكس» الثاني لها فوائد وراثية في بعض الحالات، فإن كروموسومات «إكس» هذه لها جانب مظلم أيضا. فمثل هذا الوضع البيولوجي ي الغريب قد يؤدي إلى اضطرابات وراثية في الذكور، والتأسيس لمخاطر معينة خاصة للإصابة بمرض السرطان لدى النساء، كما أن فهم تعطيل الكروموسوم «إكس» قد يسلط النور أيضا على استخدام الخلايا الجذعية في العلاج.
وكان عالم الأحياء الياباني سوسومو أوهنو أول من تعرف على تثبيط الكروموسوم «إكس» في أواخر الخمسينات من القرن الماضي، ففي كل خلية أنثوية قام بدراستها هو وزملاؤه، وجدوا أن واحدا من كروموسومي «إكس» قد وهن وتضاءل وأصبح تجمعا في حالة السبات. وتبين للعلماء لاحقا عدم قيام هذا التجمع بإنتاج أي بروتينات، أي ما يؤشر إلى أنه قد انغلق وتعطل.
وكانت العالمة البريطانية في الجينات ماري ليون قد أدركت أنها تستطيع تعلم الكثير عن طريق تنسيل الفئران، نظرا لأن جينات ألألوان تقبع على الكروموسوم «إكس». وفي عام 1961 أفادت أنه بات لإحدى إناث الفئران بقع من الشعر بلون بقع الأم، وأخرى بلون الأب.
وبقي التعمق في كيفية قيام الإناث بإغلاق الكروموسومات «إكس» تحديا لمدى عقود، منذ قيام الدكتورة ليون باكتشافها. إلا أنه خلال السنوات ألأخيرة طور الدكتور جيرمي ناثانس ورفاقه من معهد هوارد هيوز الطبي في جامعة «جون هوبكنز» أسلوبا يبرز فيه كل كروموسوم «إكس» ومصدرها، أي إن كان من الأم أو الأب، وقام وفريقه بإدخال مجموعة من الجينات في كروموسومات «إكس» لأحد الفئران. وأنتجت الجينات بروتينا أخضر بلون الفلورسنت عندما تعرضت إلى نوع محدد من الحوافز الكيميائية.. لكن اللون يظهر فقط إذا كانت كروموسومات «إكس» نشطة وفعالة.

* «موزاييك الجينات»
وهندس الدكتور ناثانس وفريقه فأرا آخر لإنتاج بروتين أحمر اللون من كروموسومات «إكس» النشطة عند التعريض لمادة كيميائية. وتمكن هؤلاء من تنسيل هذا الفأر المعدل لإنتاج صغار من الإناث التي ورثت كروموسومي «إكس» أخضر اللون مستمدا ذلك من أحد الوالدين، والأحمر اللون من الآخر. وقام العلماء عندئذ بإضافة المواد الكيميائية المحفزة لهذين اللونين إلى خلايا الفأر، وإذا بالخلايا تشع بفسيفساء من الألوان الحمراء والخضراء، أي أن الذي ظهر أن إحدى الخلايا قد تقوم بإغلاق، أو تعطيل كروموسوم «إكس» المتوارث من الأم، بينما تقوم جارتها بإغلاق وتعطيل كروموسوم «إكس» المتوارث من الأب.
وفي السنوات الأخيرة قدر العلماء كثيرا قدرة خلايانا على التنوع وراثيا، وهي ظاهرة تعرف بـ«موزاييكية الجينات» mosaicism (الحالة التي تظهر فيها أنسجة تتكون من أنواع مختلفة من الجينات داخل نفس الجسم الحي)، كما أن تعطيل كروموسومات «إكس»، كما أظهرت الصور التي عرضها ناثانس، توجد تنوعا وراثيا دراماتيكيا، لأنه يمكن لخليتين تقعان جنبا إلى جنب استخدام نسخ أو نماذج مختلفة من الجينات المتنوعة. لكن هنالك أيضا مجالا لتنوع أوسع وفقا لناثانس.
وفي بعض الأدمغة تقوم كروموسومات «إكس» المتوارثة من الأم بالسيطرة على الجانب الأيسر، بينما تقوم الكروموسومات المتوارثة من الأب بالسيطرة على جانب اليمين، وبذلك يكون عضو كامل منحرفا وميالا إلى جانب أحد الوالدين. ووجد الدكتور ناثانس وفريقه أن عينا واحدة من عيني بعض الفئران يسيطر عليها الأب، بينما الأخرى تسيطر عليها الأم، وفي بعض الحيوانات تكون جميع الكروموسومات من أحد الوالدين مغلقة تماما، وفي الأخرى يكون العكس هو الصحيح.
يبقى القول إن كيفية قيام خلية واحدة بتعطيل كروموسومات الأم أو الأب أمر غير واضح تماما. فالعلماء شرعوا الآن لتوهم بفك مغاليق هذه العمليات وخطواتها. ويبدو أن المعلومات هنا كثيرة ومتفجرة، وفقا إلى الدكتورة جيني تي ليي من كلية الطب في معهد هوارد هيو في جامعة هارفارد. والعلماء لا يزالون يجهلون كيفية قيام الخلية باختيار أحد الكروموسومات، أو غيره لإسكاته، لكنهم تمكنوا من التعرف على عدد من الجزيئات التي تقوم بهذا العمل.

* خدمة «نيويورك تايمز»



هل تجد البشرية نفسها في «مسار تصادمي» مع الذكاء الاصطناعي؟

سواريس أثناء فعاليات «قمة الأفكار التي تُغير العالم»
سواريس أثناء فعاليات «قمة الأفكار التي تُغير العالم»
TT

هل تجد البشرية نفسها في «مسار تصادمي» مع الذكاء الاصطناعي؟

سواريس أثناء فعاليات «قمة الأفكار التي تُغير العالم»
سواريس أثناء فعاليات «قمة الأفكار التي تُغير العالم»

أعرب باحثون في طليعة أبحاث الذكاء الاصطناعي، وقادة العديد من المنصات الرئيسية - من جيفري هينتون إلى يوشوا بنجيو، وديميس هاسابيس، وسام ألتمان، وداريو أمودي، وإيلون ماسك - عن مخاوفهم من أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى فناء البشرية، كما كتبت آنا لويز جاكسون (*).

كتاب «إذا بناه أحد، سيموت الجميع»

كتاب جديد عن احتمالات نهاية العالم

غير أن هذه الاحتمالات التي ذكرها بعض خبراء الذكاء الاصطناعي هؤلاء، والتي تصل فيها احتمالية وقوع نهاية العالم إلى نسبة 25 في المائة، لا تزال «متفائلة بشكل مفرط»، كما يقول نايت سواريس، رئيس معهد أبحاث الذكاء الآلي، (MIRI)، المؤلف المشارك لكتاب «إذا بناه أحد، سيموت الجميع» If Anyone Builds It, Everyone Dies الذي حقق أعلى المبيعات أخيراً.

ويجادل سواريس بأن المسار الذي نسلكه مع الذكاء الاصطناعي يتجه نحو كارثة، ما لم يتغير شيء جذرياً.

تصرفات وسلوكيات غير متوقعة

يستكشف الكتاب، الذي شارك في تأليفه الباحث إيليزر يودكوفسكي، التهديدات المحتملة التي يشكلها «الذكاء الخارق»، أو أنظمة الذكاء الاصطناعي النظرية التي تفوق ذكاء البشر.

وصرح سواريس في فعاليات «قمة الأفكار التي تُغير العالم»، التي استضافتها مجلة «فاست كومباني» وجامعة جونز هوبكنز في واشنطن العاصمة الشهر الماضي: «نحن نُنمّي نوعاً ما أنظمة ذكاء اصطناعي تتصرف بطرق لم يطلبها أحد، ولديها دوافع وسلوكيات ناشئة لم يتوقعها أحد».

وأضاف: «إذا حصلنا على أنظمة ذكاء اصطناعي فائقة الذكاء تسعى لتحقيق غايات لم يرغب بها أحد، فأعتقد أن النتيجة الحتمية هي هلاك جميع سكان الأرض».

أهمية التأمل في النتائج السلبية

شبَّه سواريس عمل بعض رواد الذكاء الاصطناعي ببناء طائرة أثناء تحليقها من دون عجلات هبوط، وقال إنه لا يتم إيلاء الاهتمام الكافي للنتائج السلبية المحتملة لهذه التقنية. مؤكداً أن حجم الاستثمارات العالمية التي تُضخ في الذكاء الاصطناعي يُظهر أن الناس يراهنون على أنه لن يكون «فشلاً ذريعاً».

خياران مجنونان

لكن هناك خياران «مجنونان» آخران: إما أن يُؤتْمِت الذكاء الاصطناعي العمل البشري بالكامل بشكل جذري، مما يؤدي إلى سيطرة فئة قليلة جداً على الاقتصاد، أو أن يصبح فائق الذكاء ويقضي على الجميع.

وأضاف سواريس: «لم يستوعب العالم بعد مدى خطورة هذا الذكاء الاصطناعي».

التعبير عن المخاوف يعزز التفاؤل

لكن هناك بعض الأسباب للتفاؤل، كما قال سواريس، إذ ما إن يشعر الكثيرون بالقلق حيال مستقبل الذكاء الاصطناعي ويعبرون عن مخاوفهم، فإن هذا يُنذر بوضع «هش» (في مجالات تطويره).

«ربما إذا تساءل عدد كافٍ من الناس: لحظة، ماذا نفعل الآن؟ ما هذا بحق الجحيم؟»، كما يشير سواريس. ويضيف: «ربما يُزلزل ذلك العالم بأسره ويجعله يقول: يا إلهي، لنغير مسارنا».

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


من هارفارد إلى منهاتن… خريطة طريق جديدة لعكس المرض ومكافحة الشيخوخة

دراسة ترابط الدماغ والقلب والميتوكوندريا... لفهم الشيخوخة
دراسة ترابط الدماغ والقلب والميتوكوندريا... لفهم الشيخوخة
TT

من هارفارد إلى منهاتن… خريطة طريق جديدة لعكس المرض ومكافحة الشيخوخة

دراسة ترابط الدماغ والقلب والميتوكوندريا... لفهم الشيخوخة
دراسة ترابط الدماغ والقلب والميتوكوندريا... لفهم الشيخوخة

في قلب منهاتن، التقت «الشرق الأوسط» حصرياً، مع أحد أبرز العقول التي تعيد رسم مستقبل الطب: الدكتور صلاح الدين هلسة البروفسور في جامعة هارفارد، الذي جاء إلى نيويورك ليكشف لنا ملامح كتابٍ أثار اهتمام العالم الطبي، كتاب لا يكتفي بطرح أفكار جديدة، بل يقدّم ما يشبه «خريطة طريق» لإعادة كتابة علاقة الإنسان بمرضه وزمنه وعمره البيولوجي.

البروفسور صلاح الدين هلسة داخل مختبره أثناء شرحه آليات تحليل العمر البيولوجي

قراءة إيقاع العمر

هذا العمل الذي شارك في تأليفه أربعة من كبار الأطباء العالميين - لا يَعِد بمعجزة، ولا يبيع وهماً؛ بل يقدّم منهجاً علمياً متماسكاً، قائماً على فهمٍ أعمق للأيض الخلوي، وتجديد الأنسجة، وقراءة إيقاع العمر في داخل الجسم. وهو كتاب يستعين بالذكاء الاصطناعي لا بوصفه تقنية مساعدة، بل كنافذة جديدة يرى من خلالها الطبيب ما كان يختبئ خلف أعراض صامتة، وما كان يبدأ قبل سنوات من لحظة التشخيص.

الأمراض المزمنة ليست ألغازاً... إنها تبدأ من نقطة واحدة

وفي حديثه بدأ البروفسور صلاح الدين هلسة بقوله: «الأمراض المزمنة ليست ألغازاً معقدة. إنها تبدأ من نقطة واحدة: خلل مبكر في طريقة تواصل خلايا الجسم. وإذا أمكن قراءة هذا الخلل في الزمن المناسب... يمكن إيقاف المرض، بل وعكس مساره».

لم تكن هذه الكلمات مجرد افتتاح، بل كانت المفتاح الفكري الذي يقوم عليه الكتاب كله. فعالم الطب، كما يوضح هلسة، ظلّ لعقود طويلة يتعامل مع المرض عندما يصبح صارخاً وواضحاً: السكري بعد أن يرتفع السكر، ارتفاع ضغط الدم بعد أن يتصاعد الضغط، هشاشة بعد أن يحدث الكسر. لكن ما يكشفه العلم الحديث اليوم هو أن البدايات الفعلية للمرض تتشكّل قبل سنوات من لحظة التشخيص، وأن الخلايا ترسل إشارات خافتة لا يسمعها الطبيب إلا إذا امتلك الأدوات التي تكشف ما تحت السطح وما وراء الأعراض.

البداية من الخلية... لا من العَرَض

يوضّح البروفسور هلسة أن الطريق إلى فهم المرض لا يبدأ من الأعراض التي يراها الطبيب، بل من الخلية نفسها؛ تلك الوحدة الصغيرة التي تحمل داخلها سرّ الصحة وسرّ الانهيار في آنٍ واحد. ويشير إلى أن نحو 80 في المائة من الأمراض المزمنة - من السكري إلى أمراض القلب والسرطان - تشترك في خيط بيولوجي واحد يبدأ بالضغط الخلوي (Cell Stress)، واضطراب عمل الميتوكوندريا المسؤولة عن إنتاج الطاقة، ثم يتطور بصمت عبر تراكم الالتهابات الخفية التي تعمل لسنوات دون أن يشعر بها المريض.

وفي لقائه، يلخّص البروفسور هذه الرؤية بكلمات لافتة: «الخلية هي وحدتنا الأولى. فإذا فُهمت جيداً، فُهم كل شيء بعدها».

هذه العبارة - كما يصفها - ليست مجازاً علمياً، بل قاعدة ذهبية لفهم كيف ينشأ المرض وكيف يمكن إيقافه قبل أن يتحوّل إلى معاناة واضحة تُجبر الطبيب على التدخل.

غلاف الكتاب الجديد

الذكاء الاصطناعي... الطبيب الذي يرى ما لا نراه

لم تعد التقنيات الحديثة تقتصر على تحليل صور الأشعة أو قراءة السجلات الطبية؛ فقد بات الذكاء الاصطناعي قادراً على:

- بناء عمر بيولوجي لكل عضو على حدة.

- اكتشاف الأمراض قبل 5 إلى 10 سنوات من ظهورها.

- التنبؤ بأنماط الشيخوخة وتسارعها.

- تصميم بروتوكولات علاجية شخصية لكل مريض.

ويقول هلسة في حديثه: «الذكاء الاصطناعي لا يستبدل الطبيب، بل يعطيه عيوناً جديدة».

من الوقاية... إلى الوقاية الاستباقية

يشرح البروفسور هلسة أن الوقاية لم تعد فحوصاً سنوية روتينية، بل منظومة متكاملة تشمل: تحليل الدم المتقدم، وقياس المؤشرات الالتهابية الخفية، وقراءة الميكروبيوم، وتقييم الأداء الخلوي، وتتبع النوم والإجهاد، ثم دمج كل هذه البيانات في خوارزميات ذكاء اصطناعي قادرة على التنبؤ بخطر المرض قبل ظهوره.

هل يمكن إبطاء الشيخوخة؟

يُوضّح البروفسور هلسة أن الحديث عن الشيخوخة لم يعد خيالاً علمياً، قائلاً: «نحن لا نتحدث عن إيقاف الزمن، بل عن تحسينه. فهناك اليوم أدلة واضحة على أن بعض المسارات البيوكيميائية يمكن إعادة ضبطها. نحن لا نطيل العمر فقط... بل نعيد جودة الحياة إلى مركزه». وهذه الرؤية، كما يشرح: تُحوّل الشيخوخة من قدر محتوم إلى عملية يمكن توجيهها وتعديل سرعتها.

«المريض الكامل»... رؤية جديدة

يقدّم الكتاب الذي نشر بعنوان The Metabolic Codex (المدوّنة الأيضية)، نموذج «المريض الكامل» الذي يرى الإنسان كمنظومة مترابطة؛ فكل عضو يؤثر في الآخر: القلب بالنوم، والدماغ بالغذاء، والمناعة بالحالة النفسية، والشيخوخة بإيقاع الميتوكوندريا.

ويوجز البروفسور هلسة هذه الفكرة بعبارة لافتة: «لا يوجد مرض منفصل. يوجد إنسان واحد».

من هارفارد إلى العالم العربي

وفي تصريحه الخاص بـ«الشرق الأوسط»، يشيد البروفسور هلسة بالدور المتنامي للمنطقة في تبنّي الطب المستقبلي، قائلاً: «الشرق الأوسط يمتلك طاقة بشرية وصحية هائلة، وما تقوم به السعودية في مجال الذكاء الاصطناعي والطب الوقائي قد يجعلها في مقدمة الدول القادرة على تطبيق هذا النموذج الجديد. وهذه المنطقة - بخططها الطموحة واستثماراتها في التقنيات الطبية - قادرة على أن تتحول إلى منصة عالمية لإعادة تعريف مفهوم الصحة».

ويضيف أن البيئة البحثية في المملكة، وما تشهده من مبادرات في البيانات الصحية، والطب الدقيق، والتوأم الرقمي، تؤهلها لتكون من أوائل الدول التي تنقل هذا العلم من المختبرات إلى الحياة اليومية للمرضى

تطلعات المستقبل

هذا الكتاب ليس مجرد تأليف أكاديمي، بل إعلان بداية مرحلة جديدة من الطب: طبّ ذكي، وشفاف، واستباقي، وشخصي... طبّ لا ينتظر المرض ليظهر، بل يعترضه قبل أن يولد. رؤيةٌ تعيد تعريف العلاقة بين الإنسان وعمره البيولوجي، وتفتح باباً كان مغلقاً لعقود أمام فكرة «عكس المرض» بدل الاكتفاء بإدارته.

وفي ختام اللقاء، عبَّر البروفسور هلسة عن تطلّعه - مع فريق مؤلفي الكتاب - لزيارة الشرق الأوسط، ولا سيما السعودية، لبحث فرص التعاون في تحويل هذه المفاهيم العلمية إلى برامج عملية؛ من الطب الوقائي إلى الذكاء الاصطناعي الصحي، ومن العيادات الذكية إلى منصات العمر البيولوجي. وأضاف: «نحن مستعدون للعمل مع المنطقة لخلق نموذج صحي جديد... يبدأ من هنا، ويصل أثره إلى العالم».


«ناسا» تفقد الاتصال بالمركبة «مافن» التي تدور حول المريخ منذ عقد

المركبة «مافن» (أ.ب)
المركبة «مافن» (أ.ب)
TT

«ناسا» تفقد الاتصال بالمركبة «مافن» التي تدور حول المريخ منذ عقد

المركبة «مافن» (أ.ب)
المركبة «مافن» (أ.ب)

فقدت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) الاتصال بمركبة فضائية كانت تدور حول المريخ منذ أكثر من عقد.

ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، توقفت المركبة «مافن» فجأة عن التواصل مع المحطات الأرضية خلال مطلع الأسبوع. وقالت وكالة ناسا، هذا الأسبوع، إن المركبة كانت تعمل بشكل طبيعي قبل أن تختفي خلف الكوكب الأحمر، وعندما عادت للظهور، لم يكن هناك سوى الصمت.

وبعد إطلاقها في 2013، بدأت المركبة «مافن» دراسة الغلاف الجوي العلوي للمريخ، وتفاعله مع الرياح الشمسية، وذلك بمجرد وصولها إلى الكوكب الأحمر في العام التالي.

وتوصل العلماء في نهاية الأمر إلى تحميل الشمس مسؤولية فقدان المريخ لمعظم غلافه الجوي في الفضاء عبر العصور، ما حوّله من كوكب رطب ودافئ إلى الكوكب الجاف والبارد الذي هو عليه الآن.

وعملت مركبة «مافن» أيضاً كحلقة وصل للاتصالات لعربتي «ناسا» الاستكشافيتين على المريخ؛ «كيوريوسيتي» و«بيرسيفيرانس». وقالت وكالة ناسا إن تحقيقات هندسية تجري حالياً.