«النواب» الليبي يمنح الثقة لحكومة دبيبة

ترحيب عربي ودولي بالقرار... وإشادات بتعيين أول امرأة في منصب وزير الخارجية

دبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية أمام مجلس النواب أمس لنيل الثقة (أ.ب)
دبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية أمام مجلس النواب أمس لنيل الثقة (أ.ب)
TT

«النواب» الليبي يمنح الثقة لحكومة دبيبة

دبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية أمام مجلس النواب أمس لنيل الثقة (أ.ب)
دبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية أمام مجلس النواب أمس لنيل الثقة (أ.ب)

بعد 3 أيام من المداولات والمناقشات الساخنة، منح مجلس النواب الليبي، أمس، الثقة لحكومة «الوحدة الوطنية»، التي اقترحها رئيس الوزراء المكلف عبد الحميد دبيبة، في إطار خطة تدعمها الأمم المتحدة لإنهاء عقد من الفوضى والعنف، تشمل إجراء انتخابات في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مسدلاً بذلك الستار على نحو 5 سنوات من عمر حكومة «الوفاق» المنتهية ولايتها، برئاسة فائز السراج في العاصمة طرابلس.
وصوت 121 نائباً من بين 132 كانوا حاضرين لصالح منح الثقة للحكومة، بعد تعديل على نسختها الأولى، التي تضم 35 وزيراً، منهم 6 وزراء للدولة، احتفظ فيها دبيبة بحقيبة الدفاع، فيما تم تعيين نجلاء المنقوش، أول سيدة تتولى منصب وزير الخارجية في البلاد، وهو القرار الذي لاقى إشادات كبيرة داخل ليبيا، خاصة من قبل عدد من الجمعيات النسائية.
وقال رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح: «إنه يوم تاريخي للمجلس في الداخل والخارج»، منبهاً الحكومة إلى أن مدة ولايتها تنتهي بحلول موعد الانتخابات المقبلة، وأنه يجب عليها أن تتخذ الإجراءات اللازمة في موعدها المحدد، وبعدها ستكون حكومة تسيير أعمال، حتى تتم الانتخابات، مشيراً إلى أن الحكومة ستؤدي اليمين الدستورية في مدينة بنغازي (شرق) الاثنين المقبل.
بدوره، تعهد دبيبة في تصريحات مقتضبة بعد التصويت «بعدم تكرار الحرب مرة أخرى في البلاد، وأن تكون هذه الحكومة لكل الليبيين»، واصفاً منح مجلس النواب الثقة لها بـ«اللحظة التاريخية».
ودعا دبيبة، في كلمة متلفزة، مجلس النواب إلى الالتئام، والوحدة لتعويض سنوات مضت من الانقسام والحرب. كما تعهد بدعم المفوضية الوطنية للانتخابات، وإنجاز الاستحقاق الدستوري والقانوني للانتخابات في الموعد المحدد، والحرص على الاستماع لشكوى المواطنين في جميع أنحاء البلاد.
كما شكر دبيبة الأمم المتحدة والدول الداعمة لمسار الحوار السياسي، قائلاً: «سأعمل بكل جهد لدعم المجلس الرئاسي، وتحقيق العدالة الانتقالية، لإنجاح المصالحة الوطنية».
لكن دبيبة لم يحسم مكان ممارسة حكومته لعملها، وقال رداً على سؤال عما إذا كانت ستباشر عملها من طرابلس: «إن كل ليبيا في قلوبنا». بينما قال عبد الله اللافي، عضو المجلس الرئاسي الجديد الذي رافق دبيبة، إن «الحكومة ستمارس مهامها في الأراضي الليبية كافة»، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
واعتبر دبيبة لاحقاً في بيان عبر «تويتر» أن مدينة سرت، التي زار مناطق مختلفة فيها، عقب انتهاء جلسة منح الثقة، أصبحت مجدداً رمزاً للوحدة الوطنية، كما كانت كذلك أثناء معركة القرضابية، وقال بهذا الخصوص: «لن أدخر جُهداً لعودة الحياة إلى المدينة، وتمتع سكانها بحياة كريمة». مضيفاً: «سيُسجل هذا اليوم في تاريخ ليبيا بانتهاء مرحلة الانقسام، وسنبدأ العمل من هذه اللحظة على إنجاز ما تعهدنا به أمام شعبنا... وقد آن الأوان لطي صفحة الحروب والانقسام، والاتجاه نحو الاستقرار والبناء».
ولم يصدر على الفور بيان تهنئة من المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» في شرق البلاد، لكن مقربين منه قالوا إن بياناً بالمناسبة قيد الإعداد.
وسارعت البعثة الأممية لدى ليبيا بتهنئة الشعب الليبي، وحيت قيادة مجلس النواب وأعضاءه على اجتماعهم «التاريخي، ودعم مصالح وطنهم وشعبهم»، وقالت في بيانها أمس: «بات لليبيا فرصة حقيقية الآن للمضي قدماً نحو الوحدة، والاستقرار والمصالحة، واستعادة سيادتها بالكامل».
وفور منح الثقة لحكومة دبيبة، انهالت برقيات التهنئة والتأييد على الحكومة الجديدة؛ حيث بارك كثير من الدول، من بينها الإمارات والكويت ومصر وتونس وأميركا، وفرنسا والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، إضافة إلى البرلمان العربي، حصول حكومة دبيبة على ثقة البرلمان، وأكدت الإمارات «دعمها الكامل لما تبقى من مسارات خاضعة لإشراف بعثة الأمم المتحدة لإتمام خريطة الطريق». وهنأت في بيان رسمي، أمس، «رئيس المجلس الرئاسي محمد يونس المنفي، ونائبيه، ورئيس الحكومة، وجميع الوزراء»، متمنية «التوفيق في أداء مهامهم ومسؤولياتهم لتحقيق تطلعات الشعب الليبي».
بدورها، أعربت الخارجية المصرية، عن «تطلع مصر للعمل مع حكومة (الوحدة الوطنية) خلال المرحلة الانتقالية، ودعم جهودها للوفاء بالتزاماتها المقررة، وفقاً لخريطة الطريق للحل السياسي، بهدف عقد الانتخابات في موعدها، وتطبيق المخرجات الصادرة عن اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) واجتماعات المسار الاقتصادي».
وفيما هنّأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الحكومة، قال سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، خوسيه أنطونيو سابادل، إنه بإمكانها (الحكومة) «الاعتماد على الدعم الكامل من المجتمع الدولي، والاتحاد الأوروبي لأهدافها المتمثلة في السلام والاستقرار والازدهار».
من جانبه، قال السفير الأميركي إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند: «مثل كثير من الليبيين، تابعنا البث المباشر لجلسة مجلس النواب التاريخية في سرت. تهانينا بمناسبة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي ستمهد الطريق للانتخابات في شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل».
في السياق ذاته، رحّبت جامعة الدول العربية بحصول حكومة دبيبة على ثقة البرلمان، مشيدة «بالتوافق الذي ميز النقاشات التي دارت بين أعضاء المجلس والأغلبية الكبيرة، التي نالتها التشكيلة الحكومية». فيما دعت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا إلى ضرورة تضافر الجهود لدعم الحكومة، للإيفاء بالتزاماتها المناطة بها، ومن أهمها «دعم عملية التحول الديمقراطي، والإعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية، والعمل على إنهاء الأزمات الخانقة الاقتصادية والمالية والصحية».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.