انطلاق محاكمة 7 أشخاص في باريس بتهم التحضير لعمل إرهابي ضخم في 2016

ترسانة أسلحة عُثر عليها في شقة المتهم الرئيسي رضا كريكيت

صورة تم التقاطها في 1 أبريل 2016 تظهر رجلاً يمشي أمام مدخل المبنى الذي كان يعيش فيه رضا كريكيت المشتبه به الرئيسي في مؤامرة هجوم إرهابي فاشلة عام 2016 (غيتي)
صورة تم التقاطها في 1 أبريل 2016 تظهر رجلاً يمشي أمام مدخل المبنى الذي كان يعيش فيه رضا كريكيت المشتبه به الرئيسي في مؤامرة هجوم إرهابي فاشلة عام 2016 (غيتي)
TT

انطلاق محاكمة 7 أشخاص في باريس بتهم التحضير لعمل إرهابي ضخم في 2016

صورة تم التقاطها في 1 أبريل 2016 تظهر رجلاً يمشي أمام مدخل المبنى الذي كان يعيش فيه رضا كريكيت المشتبه به الرئيسي في مؤامرة هجوم إرهابي فاشلة عام 2016 (غيتي)
صورة تم التقاطها في 1 أبريل 2016 تظهر رجلاً يمشي أمام مدخل المبنى الذي كان يعيش فيه رضا كريكيت المشتبه به الرئيسي في مؤامرة هجوم إرهابي فاشلة عام 2016 (غيتي)

انطلقت أمس في باريس أمام المحكمة الجنائية الخاصة بشؤون الإرهاب محاكمة 7 متهمين، يظن أنهم خططوا لاعتداء إرهابي واسع في باريس في مارس (آذار) من العام 2016 بمناسبة بطولة أوروبا لكرة القدم التي استضافتها العاصمة الفرنسية في شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) من ذاك العام. وبسبب رفض أحد المتهمين، واسمه أنيس بحري، المثول أمام المحكمة الخاصة، فقد صدر أمر بمثوله، وقرر رئيس المحكمة لوران رافيو السير بالمحاكمة من دونه. وينتظر أن تدوم هذه المحاكمة شهراً كاملاً وهي تحل زمنياً بعد المحاكمة الطويلة التي شهدتها باريس ما بين الثاني من سبتمبر (أيلول) و10 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والتي تركزت على الهجومين اللذين استهدفا صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة ومخزناً يهودياً بداية العام 2015. بيد أن أهم محاكمة ستعرفها فرنسا ستحصل هذا العام أيضاً، وستتناول العمليات الإرهابية التي ضربت العاصمة في شهر نوفمبر 2015، والتي أوقعت 130 قتيلاً وعشرات الجرحى في ملهى الباتاكلان، وفي عدد من مقاهي الدائرة التاسعة في العاصمة الفرنسية. وينتظر أن تدوم هذه المحاكمة 6 أشهر، ويترافع فيها 350 محامياً يمثلون 1700 جهة مدنية مدعية. ويضم ملف التحقيقات 40 ألف صفحة. وسيمثل أمام المحكمة الخاصة الشخص الوحيد الذي بقي حياً من «الكوماندوز الداعشي» الذي نفذ العمليتين، واسمه صلاح عبد السلام، إضافة إلى مجموعة من الأشخاص لعبوا دوراً ما في العمليتين.
وبعكس المحاكمتين السابقة واللاحقة، فإن المحاكمة الجارية حالياً تتناول عملية إرهابية لم تحصل، إذ نجحت السلطات الأمنية في تعطيلها. ووجهت النيابة العامة المتخصصة بشؤون الإرهاب تهم «تأسيس جمعية إرهابية مجرمة» و«التخطيط للقيام بعمل إرهابي» و«تزوير وثائق إدارية». وإذا ثبتت عليهم هذه التهم، فالمرجح أن يحكم عليهم بالسجن المؤبد. ووفق التحقيق، فإن المتهمين السبعة كانوا يخططون للقيام بها خلال أنشطة بطولة كرة القدم الأوروبية. إلا أن عملية الدهم التي قام بها رجال الأمن في 24 مارس، بعد يومين من الاعتداءات الدامية التي ضربت بروكسل، لشقة تقع في ضاحية أرجنتوي، شمال غربي العاصمة، أدت إلى اكتشاف مخبأ أسلحة يضم ترسانة كاملة؛ 5 بنادق هجومية من طراز كلاشينكوف، و7 مسدسات، وكميات كبيرة من الذخيرة، إضافة إلى 105 غرامات من مادة «تي أيه تي بي» المتفجرة التي استخدمها «تنظيم داعش» على نطاق واسع، و1.3 كيلوغرام من المتفجرات الصناعية، ومئات الكريات الفولاذية التي تضاف إلى المتفجرات لإيقاع أكبر عدد من الضحايا.
وهذه الشقة كان قد استأجرها رضا كريكيت باسم مستعار، الذي كان معروفاً من الأجهزة الأمنية والقضائية الفرنسية بأعمال لصوصية، وقد حكم عليه بالسجن عدة مرات. ويعد كريكيت أهم فرد من مجموعة السبع، نظراً للدور الذي لعبه، ليس في هذه القضية وحدها، بل أيضاً في قضايا أخرى، إذ أدين في بروكسل غيابياً في يوليو 2015، خلال محاكمة إحدى الشبكات الجهادية التي تقوم بتجنيد أشخاص لإرسالهم للقتال في سوريا، إلى جانب إدانة عبد الحميد أباعود مدبر هجمات باريس الدامية في 13 نوفمبر 2015.
ويعود الفضل في تعطيل التخطيط للعملية الإرهابية للتحقيق الذي انطلق في تركيا، خريف العام 2015، بمناسبة القبض على شخصين كانا يحاولان الدخول إلى الأراضي السورية. وبيّنت الاستقصاءات، التي أجريت، الدور الرئيسي لرضا كريكيت وأنيس بحري. وثمة مؤشرات تدل على أنهما ذهبا إلى سوريا بين العامين 2014 و2015. وقد سبق للأول أن حكم عليه بالسجن غيابياً لمدة 10 سنوات في بلجيكا، لانتمائه إلى خلية إرهابية. وتدل سيرة رضا كريكيت ذي الأصل الجزائري على نزوع نحو اللصوصية منذ شبابه الأول. ويظن المحققون أن ميله للفكر المتطرف يعود للفترة التي سجن فيها بين عامي 2011 و2012. الأمر الذي يؤكد حقيقة أن السجن هو أحد أهم البؤر التي تنتج التطرف الإسلاموي، إلى جانب الإنترنت. وأكد محامي كريكيت، واسمه ياسين بوزروع، أن موكله «نفى دائماً وجود مخطط لعمل إرهابي على الأراضي الفرنسية». واعتقل كريكيت في مدينة بولوني بيونكور، الواقعة عند مدخل باريس الغربي، فيما أوقف أنيس بحري بعد 3 أيام في مدينة روتردام الهولندية، بناء على طلب السلطات الفرنسية، وقد عثر في شقته على 45 كيلوغراماً من الذخيرة. أما الشخص الثالث المهم في هذه القضية فاسمه عبد الرحمن عمرود، وهو جزائري الجنسية، ويبلغ من العمر 43 عاماً، وسبق أن أدانته محكمة باريسية في عام 2005 في إطار محاكمة شبكة متهمة بتقديم دعم لوجستي في أفغانستان لقتلة القائد الأفغاني أحمد شاه مسعود، الذي اغتيل قبل يومين من هجمات 11 سبتمبر 2001.
هؤلاء الثلاثة (كريكيت، وبحري، وعمرود) هم المتهمون الرئيسيون في المحاكمة التي بدأت أمس، ووصفهم الادعاء بأنهم «النواة الآيديولوجية والتشغيلية لخلية أرجنتوي» التي يشتبه بأن «تنظيم داعش» كلّفها تنفيذ اعتداء في باريس. وتوصل التحقيق إلى التعرف على عمرود من خلال حمضه النووي الذي عثر عليه في شقة أرجنتوي، مخبأ الأسلحة. ويظن أن كريكيت وبحري كانا على اتصال مع عبد الحميد أباعود الذي يعد أحد منظمي اعتداءات نوفمبر، و«مشغل» الأشخاص الذين نفذوا العملية. وثمة مؤشرات تدل على أن الثلاثة قاموا، قبل أسابيع من توقيفهم، بعدة تنقلات بين فرنسا وبلجيكا وهولندا. أحد التحديات التي يتعين على المحكمة التعامل معها إثبات أن السبعة كانوا يخططون لعمل إرهابي، وبحسب مدعي عام باريس في تلك المرحلة فرنسوا مولينس، فإن الترسانة الحربية تدل بشكل لا يترك مجالاً للشك إلى التحضير لعمل إرهابي، رغم غياب اليقين بشأن الهدف المخطط لضربه. وقال مانويل فالس، رئيس الحكومة الفرنسية وقتها، إن فرنسا نجت من عملية إرهابية كانت ستوقع كثيراً من الضحايا. واعتبر المحامي تيبو دو مونبريال أن الأسلحة التي عثر عليها كانت «كافية لتجهيز 15 مقاتلاً مع 6 مماشط و30 طلقة كلاشنيكوف لكل منهم، ما يعني أن كمية الأسلحة التي عثر عليها تفوق ما استخدم في اعتداءات نوفمبر 2015».


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».