هل تتخلى صالات عرض الفنون في لندن عن مبانيها؟

في ظل الإغلاق يعيد تجار الأعمال الفنية النظر في الاحتياجات المتعلقة بأماكن العرض الخاصة بهم

هل تتخلى صالات عرض الفنون في لندن عن مبانيها؟
TT

هل تتخلى صالات عرض الفنون في لندن عن مبانيها؟

هل تتخلى صالات عرض الفنون في لندن عن مبانيها؟

تم إغلاق قاعات عرض الأعمال الفنية وباتت الشوارع خالية. وفي 19 فبراير (شباط) كان هذا حال شارع «كورك ستريت» في حي «مايفير»، الذي يعد واحداً من أبرز مراكز قاعات عرض الأعمال الفنية المعاصرة. ولكن بعد نحو عام من تطبيق القيود المتعلقة بانتشار فيروس «كورونا»، التي منعت أصحاب قاعات العرض من عرض وبيع الأعمال الفنية، اختارت مؤسسة «فريز»، التي تعمل في مجال النشر وتنظيم المعارض، ومقرها لندن، هذا المكان لتقديم طريقة أخرى لتجار الأعمال الفنية للقيام بأعمالهم وممارسة أنشطتهم.
بداية من أكتوبر (تشرين الأول)، وهو الوقت الذي من المقرر أن يشهد إقامة معرضي «فريز لندن» و«فريز ماسترز» في متنزه «ريجينت بارك»، اللذين تم إلغاؤهما العام الماضي، سوف تتم استضافة العروض المؤقتة لتجار الأعمال الفنية في ثلاث قاعات عرض جديدة بالتناوب على مدار العام، وذلك في إطار مبادرة جديدة من «فريز» في مبنى رقم 9 في شارع «كورك ستريت».
يقول سايمون فوكس، الرئيس التنفيذي لمؤسسة «فريز»، في سياق شرحه للفكرة وراء اختيار 9 شارع «كورك ستريت»: «السؤال هو هل ستظل قاعات العرض موجودة في لندن أم لا؛ وربما تكون الإجابة على ذلك السؤال بالنفي». وأضاف قائلاً: «تسعى مؤسسة (فريز) وراء تحقيق التنوع في نموذج عملها، وإقامة علاقة مستمرة طوال العام مع قاعات العرض وجامعي الأعمال الفنية، بحيث لا تقتصر فقط على أوقات إقامة المعارض».
لقد استخدم تجار الأعمال الفنية لقرون عقاراتهم الخاصة من أجل وضع إطار تجربة مشاهدة الأعمال الفنية وتعزيزها. وقد ساعدت قاعات العرض في إعلاء سمعة الفنانين المعاصرين، وتقبل الأسعار التي يطلبونها مقابل أعمالهم. مع ذلك أجبرت أزمة فيروس «كورونا»، والتحول إلى الصيغ الرقمية، هذا الجيل من أصحاب قاعات العرض على إعادة النظر في الأمر والتكيف مع الوضع القائم.
وكانت مبادرة «كرومويل بليس» في منطقة «ساوث كينغستون» في لندن في أكتوبر مثالاً للريادة في تقديم فكرة إتاحة «مركز» راقٍ يصلح لأن يكون بيئة عمل مرنة للفنانين المحترفين، لكن حالت قيود الإغلاق في إنجلترا دون إتمام هذا المشروع، فالقاعات التابعة للمشروع مغلقة مؤقتاً، بحسب الموقع الإلكتروني الخاص بالمشروع. تقول ليزا شيف، مستشارة للفنون مقيمة في نيويورك ولوس أنجلوس، وتستأجر مكتباً في المجمع: «لم يبدأ المشروع بعد، ولا يوجد أي عمل أو نشاط حالياً». وأضافت قائلة: «مع ذلك ربما يؤكد هذا أن (كرومويل بليس) فكرة جيدة»، في إشارة إلى خطط «فريز» لإقامة مركز مشابه في قلب لندن.
الأفكار الجيدة هي تحديداً ما اتجه إليها تجار الفنون المعاصرة منذ مارس (آذار)، حين تحولت المعارض الفنية، التي انخفضت معدلات حضورها إلى النصف، إلى غرف عرض أقل ربحية تعمل عبر الإنترنت، وأجبرت إجراءات الإغلاق قاعات العرض المادية الموجودة على أرض الواقع على إغلاق أبوابها. كذلك انخفضت مبيعات المؤسسات العاملة في مجال تجارة الأعمال الفنية بنسبة 36 في المائة في المتوسط خلال النصف الأول من عام 2020، بحسب تقرير نشره معرض «آرت بازل» ومؤسسة «يو بي إس».
يقول ستيفان راتيبور، مدير فرع لندن لدى مؤسسة المعارض الشهيرة «غوغوزيان»، التي تمتلك 17 مساحة عرض في أنحاء العالم: «على المرء القيام بأمور مختلفة عن السابق، وعليه أن يكون متميزاً ومتفرداً عن منافسيه. يمكن التقاط 10 صور فقط ووضعها على غرف العرض الإلكترونية عبر الإنترنت». وقد دعت مؤسسة «غوغوزيان» داميان هيرست، وفريق عمله، إلى تولي إدارة واحدة من قاعات عرضها في لندن لمدة عام. عندما يتم إلغاء القيود في إنجلترا، سيتم بدء العمل في البرنامج بإقامة معرض لبعض الأعمال الفنية لهيرست، من بينها لوحات ومنحوتات ذات طابع واقعي للغاية. ويقول راتيبور متحدثاً عن المشروع الذي يتولاه الفنان: «إنها عملية إدارة كاملة دون أي قيود أو تعليمات. كانت تعد فكرة تسليم مساحة عرض لشخص غير معقولة تماماً منذ عامين».
لقد أغلقت بعض مساحات العرض الكبرى أبوابها؛ فقد تم إغلاق قاعة «ماريان غودمان» في لندن، وقاعة «غافين براون» في نيويورك، و«غوغوزيان» في سان فرانسيسكو، بشكل دائم منذ مارس، لكن مقارنة بقطاع بيع التجزئة في الشارع الرئيسي، الذي تسبب انتشار فيروس «كورونا»، والاتجاه إلى التسوق عبر الإنترنت، في إفلاس عدد كبير من العاملين به وفقدان الوظائف به، أثبتت المؤسسات العاملة في مجال تجارة الأعمال الفنية المعاصرة، مع ما تطلبه من أسعار مرتفعة وهامش ربح كبير، قدرتها على الصمود والبقاء نسبياً حتى هذه اللحظة.
رغم انخفاض المبيعات، استمرت قاعات العرض الدولية في التوسع وزيادة قاعاتها، حيث افتتحت مؤسستا «ماسيمو دي كارلو» و«كونتينوا» الإيطاليتان، فروعاً لها في باريس، مشيرة إلى الأهمية المتزايدة للعاصمة الفرنسية في سوق الأعمال الفنية، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. كذلك يزيد خافيير هافكينز نطاق عمل واحدة من مساحات عرضه في بروكسل بحيث يزداد حجم أعمالها بمقدار ثلاثة أمثال.
أما بالنسبة إلى إيوان ويرث، مؤسس قاعات العرض الضخمة، وغيره من العاملين في هذا المجال، لم يعد الموقع الحضري الراقي هو المفتاح الوحيد للنجاح، حيث أوضحوا أن جامعي الأعمال الفنية العالميين أصبحوا معتادين حالياً على الأسعار المرتفعة في مزادات عبر الإنترنت لأعمال فنية لم يروها على أرض الواقع بعد.
ويقول ويرث إن «فيجيتال» هو مستقبل قاعات العرض التجارية، في إشارة إلى نموذج عمل هجين يجمع بين التجارب الرقمية والتجارب الواقعية الملموسة؛ وأضاف أن هذه الطريقة الجديدة في العمل قد ظهرت أثناء انتشار الوباء. وأوضح قائلاً: «يحتاج الأمر إلى مساحة على أرض الواقع. يستجيب الفنانون إلى السياق المادي الملموس ويتفاعلون معه، لكنه متاح رقمياً للجميع في كل مكان».
* نيويورك تايمز



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.