الخرطوم والقاهرة توقعان اتفاقية للتعاون العسكري المشترك

معارك عنيفة بين الجيشين السوداني والإثيوبي على حدود إقليم تيغراي

رئيس هيئة أركان الجيش المصري خلال لقاء نظيره السوداني في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
رئيس هيئة أركان الجيش المصري خلال لقاء نظيره السوداني في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

الخرطوم والقاهرة توقعان اتفاقية للتعاون العسكري المشترك

رئيس هيئة أركان الجيش المصري خلال لقاء نظيره السوداني في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
رئيس هيئة أركان الجيش المصري خلال لقاء نظيره السوداني في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

بينما تتواصل المعارك العنيفة على الحدود الشرقية بين الجيش السوداني والقوات الإثيوبية، ألمحت إثيوبيا مجدداً إلى دور طرف ثالث، لم تسمّه، في توتر العلاقات بينها وبين السودان، في إشارة خفية للتعاون العسكري بين مصر والسودان. وفي غضون ذلك، وقّع السودان ومصر اتفاقية للتعاون العسكري بين البلدين، وذلك في أثناء زيارة يقوم بها رئيس هيئة أركان الجيش المصري الفريق محمد فريد، إلى الخرطوم، والتي يتنظر أن تستغرق بضعة أيام.
وقال رئيس أركان الجيش السوداني الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين، للصحافيين أمس، إن الهدف من توقيع الاتفاقية هو الحفاظ على الأمن القومي بين البلدين، وبناء قوات مسلحة غنية بالتجارب والعلم.
وتكاتفت زيارات المسؤولين العسكريين المصريين والسودانيين للبلدين، عقب سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير، المحسوب على حركة «الإخوان». وفي هذا السياق وصل إلى الخرطوم مساء أول من أمس وفد عسكري رفيع، بقيادة رئيس هيئة الأركان المصرية الفريق محمد فريد، في زيارة تستغرق ثلاثة أيام.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، نظم الجيشان المصري والسوداني أول تدريب جوي مشترك بينهما في شمال السودان، حمل اسم «نسور النيل 1»، شاركت فيه قوات جوية وقوات صاعقة مصرية، وذلك في إطار دعم علاقات التعاون العسكري بين القوات المسلحة لكلا البلدين، وتعزيز القدرة على إدارة أعمال جوية مشتركة، باستخدام أسلحة الجو المختلفة.
بدوره، قال رئيس أركان الجيش المصري إن الهدف من زيارته للسودان هو ترسيخ الروابط والعلاقات بين البلدين في المجالات كافة، خصوصاً العسكرية والأمنية، وفقاً لما تفرضه البيئة الإقليمية والدولية من تحديات استراتيجية. مشيراً إلى تحديات مشتركة قال إنها تواجه مصر والسودان، وتهديدات متعددة تواجه أمنهما القومي. كما أوضح أن بلاده على استعداد لتلبية مطالب السودان في المجالات العسكرية كافة، ضمن التعاون العسكري غير المسبوق، الذي تشهده علاقات البلدين.
ووصل الفريق فريد إلى الخرطوم رفقة وفد عسكري رفيع، في زيارة تشمل اجتماعات ولقاءات مع المسؤولين السودانيين، تتعلق بالتعاون العسكري، وأيضاً للمشاركة في الاجتماع السابع للجنة العسكرية المصرية - السودانية المشتركة، برئاسة رئيسَي الأركان في البلدين.
من جهة أخرى، تشهد الحدود السودانية - الإثيوبية اشتباكات عنيفة بين جيشي البلدين، حول منطقة «برخت» السودانية، التي يسيطر عليها الإثيوبيون، والتي تهدف سلطات السودان إلى تحريرها وطرد المستوطنين الإثيوبيين، الذين تقدّر أعدادهم بأكثر من 10 آلاف، وهي تعد أكبر «مستوطنة» إثيوبية داخل السودان، بمواجهة حدود السودان مع إقليم تيغراي الإثيوبي المضطرب.
ووفقاً لـ«سودان تريبيون»، تدور حالياً معارك عنيفة يقودها الجيش السوداني ضد القوات الإثيوبية المسنودة من قوات إريترية منذ أول من أمس، موضحةً أن القوات السودانية كبّدت الجيش الإثيوبي وحليفه الإريتري خسائر كبيرة، فيما تناقلت تقارير صحافية أن الجيش السوداني يوشك على استرداد المستوطنة وطرد القوات الإثيوبية.
في سياق ذلك، حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس، رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، على القبول بتحقيق دولي في اتهامات عن ارتكاب فظاعات في منطقة تيغراي.
وفي اتصال هاتفي مع أحمد، طلب بلينكن «أن تتعاون حكومة إثيوبيا مع المجتمع الدولي لتسهيل تحقيقات مستقلة ودولية، وذات صدقية في تقارير عن انتهاكات لحقوق الإنسان ومحاسبة من يقف وراءها».
وتتكون منطقة الفشقة، التي استردّها الجيش السوداني، من الفشقة الصغرى والفشقة الكبرى، وتحاذي الأولى إقليم «أمهرا» الإثيوبي، فيما تقع الثانية بمحاذاة إقليم تيغراي، وتعد كبرى المستوطنات الإثيوبية في السودان.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.