تتجه الأنظار في فيينا إلى مشروع قرار من الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) وتؤيده الولايات المتحدة سيطرح أمام مجلس المحافظين، يندد بتعليق طهران بعض عمليات التفتيش. وحض الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي على عدم تحويل مهمة المفتشين الدوليين إلى «ورقة مساومة»، محذراً من «خطورة» الحد من عمل المفتشين الدوليين في التحقق من الأنشطة الإيرانية.
وتعبر ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، في القرار الذي يعرض على التصويت، الجمعة، عن «قلقها البالغ»، و«تدعو إيران إلى استئناف كل برامج التفتيش فورا»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر دبلوماسية.
وأبلغ غروسي الصحافيين، في مستهل الاجتماع الفصلي لمجلس المحافظين، بأنه قلق لعدم تلقي الوكالة «تفسيراً تقنياً موثوقاً به» حول العثور على آثار لليورانيوم في موقعين سريين، وعرقلة دخول المفتشين إليهما. ودعا إلى عدم تحويل عمليات التفتيش التي تجريها هيئته في إيران إلى «ورقة مساومة».
ويعقد مجلس محافظي الوكالة المؤلف من 35 دولة اجتماعه ربع السنوي هذا الأسبوع، في ظل جهود متعثرة لإحياء الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى العالمية، بعدما أصبح الرئيس الأميركي جو بايدن في السلطة.
ووزع الثلاثي الأوروبي الموقع على الاتفاق النووي، مسودة قرار على أعضاء مجلس محافظي الوكالة، تعبر عن «القلق الشديد» حيال تقليص إيران للشفافية، وتحثها على التراجع عن تلك الخطوات، كما تعبر المسودة، عن القلق إزاء «عدم إحراز تقدم» في الحصول على تفسيرات من إيران بشأن جزيئات يورانيوم عُثر عليها في ثلاثة مواقع قديمة؛ منها موقعان أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية اكتشاف الجزيئات فيهما الأسبوع الماضي، حسب رويترز.
ونبه غروسي، أمس، إلى أن المواقع التي لن تتمكن الوكالة من الكشف عليها بعد الآن هي مواقع «بحث وتطوير» بشكل أساسي.
ولا ينظر الأوروبيون بعين الرضا إلى ما يوصف بأنه «ابتزاز» من قِبل طهران، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر دبلوماسي.
وحض غروسي مجلس المحافظين على «خوض نقاشات بناءة»، بهدف الحفاظ على عمل الوكالة وشدد على أن برنامجاً «معقداً» مثل البرنامج النووي الإيراني، بحاجة إلى «وجود المفتشين». وأضاف أن «الشفافية المطلوبة ليست مكافأة أو عقوبة، بل هي جوهر العمل الذي نقوم به هنا، وأياً كانت الترتيبات السياسية لن يتحقق ذلك من دون وجود قوي للمفتشين، وأتمنى أن تتم المحافظة على ذلك».
ولفت غروسي إلى أن الوكالة «خسرت جزءاً مهماً من عملها» بوقف إيران العمل بالبروتوكول الإضافي، لكنه نوه بأنه ما زال للمفتشين القدرة الآن على مراقبة كمية اليورانيوم المخصبة في إيران. وأشار إلى أن الوكالة الدولية أجرت أكثر من 170 عملية دخول إضافية ضمن البروتوكول الإضافي. وقال إن الوكالة خسرت «الشفافية»، التي كانت طهران تظهرها في تعاملها بعد الخطوة الأخيرة.
وغضبت إيران من احتمال إدانتها، ووجّهت رسالة غير رسمية إلى الدول الأعضاء في «مجلس حكام الوكالة»، محذرة بأن «اقتراح القرار في تجاهل تام للتبادلات البناءة» مع الوكالة، «ستكون له نتائج عكسية ومدمرة على الإطلاق».
ونقلت وسائل إعلام إيرانية، عن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قوله أمس: «استهل الأوروبيون، بدعم من الولايات المتحدة، مساراً خاطئاً في (مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية)... نعتقد أن هذا التحرك سيؤدي إلى فوضى». وأضاف: «لدينا حلول لكل الاحتمالات».
وحذرت روسيا، في وثيقة تبين موقفها من الأمر وحصلت عليها «رويترز» قبل إعلان إيران، من تبني قرار قد يلحق الضرر بجهود إحياء الاتفاق النووي وأنها ستعارضه.
وسرعت إيران في الآونة الأخيرة وتيرة انتهاكاتها للاتفاق الذي أُبرم في عام 2015، في محاولة واضحة لزيادة الضغط على بايدن مع إصرار كل طرف على أن يتحرك الآخر أولاً. وجاءت انتهاكات طهران للاتفاق رداً على انسحاب واشنطن منه في عام 2018، وإعادة فرض العقوبات الأميركية التي رُفعت بموجبه.
وكان أحدث انتهاك هو تقليص طهران، الأسبوع الماضي، لتعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بوقف إجراءات تفتيش ومراقبة إضافية كانت مطبقة بموجب الاتفاق، ومنها سلطة إجراء الوكالة عمليات تفتيش مفاجئة بمنشآت لم يُعلن أنها مرتبطة بالطاقة النووية.
وجاء في مذكرة روسيا الموجهة لباقي الأعضاء «لن يساعد تبني القرار العملية السياسية الرامية إلى العودة للتطبيق الشامل الطبيعي لخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)». وتضيف: «على العكس فإنها ستعقد بشدة تلك الجهود وتقوض فرص إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة والتعاون الطبيعي بين إيران والوكالة».
بدوره، كتب السفير الروسي ميخائيل أوليانوف، في تغريدة، أن «هناك مسؤولية مشتركة» لمجلس حكام الوكالة الدلية «تتمثل في ضمان ألا تؤثر المناقشات سلباً على الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي». وأضاف: «نحن في سباق مع الزمن (...) النافذة المتاحة أصبحت ضيقة جدا».
وكان غروسي قد أحاط علماً أعضاء مجلس المحافظين، الأسبوع الماضي، بالاتفاق «التقني» الذي توصل إليه مع إيران، والذي يسمح باستمرار العمل «الضروري» للمفتشين لفترة 3 أشهر قابلة للتمديد والإيقاف في أي لحظة.
ومنذ الاتفاق النووي، لم يصدر مجلس المحافظين قراراً يدين إيران إلا مرة واحدة في يونيو (حزيران) الماضي، بسبب رفض إيران السماح للمفتشين بدخول موقعين سريين تشتبه الوكالة بأنهما شهدا نشاطات نووية غير معلن عنها، رغم أن النشاطات تلك تعود للعام 2000.
ويعتقد أن طهران أجرت أعمال تنظيف للموقعين في 2019، ولم تعلن عن الأنشطة في المفاوضات الماراثونية التي سبقت إعلان الاتفاق النووي في يوليو (تموز) 2015.
وفيما ينتظر غروسي المشاورات السياسية لمحاولة إنقاذ الاتفاق النووي، خلال 3 أشهر، المهلة التي حددتها إيران، دعا إلى «تحييد» عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة عن المفاوضات، وقال إن عمليات التفتيش «لا يجب أن تكون مثل ورقة مقايضة على طاولة المفاوضات».
وشدد غروسي على «حيادية» عمل الوكالة، رافضاً القول ما إذا كانت إدانة من مجلس المحافظين، وهي السلطة الأعلى في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكن أن تكون مفيدة لعمله أو لا. وأضاف أن القرارات التي تصدر عن المجلس تستند إلى التقارير التي تصدرها منظمته، مشيراً إلى أنه أصدر 11 تقريراً تتعلق بإيران في الأشهر الأخيرة الماضية بسبب «التطورات المتلاحقة».
تحرك أوروبي لإدانة إيران في «الوكالة الدولية»
مدير وكالة الطاقة الذرية يحض على عدم استخدام عمليات التفتيش كـ«ورقة مساومة»
تحرك أوروبي لإدانة إيران في «الوكالة الدولية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة