معركة في منظمة التجارة للتنازل عن حقوق ملكية لقاحات «كورونا»

قارورات صغيرة عليها ملصق «لقاح كوفيد - 19» (أرشيفية - رويترز)
قارورات صغيرة عليها ملصق «لقاح كوفيد - 19» (أرشيفية - رويترز)
TT

معركة في منظمة التجارة للتنازل عن حقوق ملكية لقاحات «كورونا»

قارورات صغيرة عليها ملصق «لقاح كوفيد - 19» (أرشيفية - رويترز)
قارورات صغيرة عليها ملصق «لقاح كوفيد - 19» (أرشيفية - رويترز)

تواجه منظمة التجارة العالمية دعوات تقودها الهند وجنوب أفريقيا للتنازل عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات ضد فيروس «كورونا»، وهي فكرة ترفضها شركات الأدوية العملاقة وبلدانها بشكل قاطع، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وستطرح المنظمة المسألة المثيرة للانقسام خلال أول اجتماع لمجلسها العام الذي سيعقد يومي الاثنين والثلاثاء، مع تولي مديرتها الجديدة نغوزي أوكونجو إيويلا منصبها.
وترى بعض الدول في التنازل عن الملكية الفكرية إجراء يسمح بتسريع الجهود لوضع حد للوباء الفتّاك الذي شلّ الاقتصاد العالمي. وفي هذا السياق، قدمت الهند وجنوب أفريقيا في 2 أكتوبر (تشرين الأول) خطتهما المتعلقة بالملكية الفكرية، وحازت دعم عدد كبير من الدول الناشئة التي توقعت أن تجد نفسها في موقع متأخر من السباق للحصول على اللقاحات.
ويقترح النص منح إعفاء موقت من بعض الالتزامات بموجب الاتفاق حول الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية المعروف باسم «اتفاق تريبس»، بما يمكّن أي بلد من إنتاج اللقاحات بدون الاكتراث لبراءات الاختراع.
ويغطي الإعفاء أيضاً «التصاميم الصناعية وحقوق التأليف والنشر وحماية المعلومات غير المكشوف عنها» على أن يسري «حتى تنفيذ التلقيح على نطاق واسع عالمياً واكتساب غالبية سكان العالم مناعة» ضد الفيروس.
وتدعم أكثر من 80 دولة المقترح، من بينها الأرجنتين وبنغلادش والكونغو ومصر وإندونيسيا وكينيا ونيجيريا باكستان وفنزويلا، كما تدعمه منظمات غير حكومية، من بينها «أطباء بلا حدود».
وتعتقد هذه الجهات الداعمة أن المقترح سيسهل الحصول سريعاً على منتجات طبية بأسعار مقبولة لكل البلدان التي تحتاج إليها.
وقالت سيدني وونغ، المديرة التنفيذية المشاركة لحملة «أطباء بلا حدود» لتوفير الأدوية الأساسية، إن «جميع الأدوات الصحية والتكنولوجيا المرتبطة بـ(كوفيد 19) يجب أن تكون منفعة عامة عالمية غير خاضعة للعوائق التي تفرضها براءات الاختراع وحقوق الملكية الفكرية».
كما تحظى الفكرة أيضاً بدعم المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، وصرّح، الجمعة، مبدياً تأييده للمقترح: «إذا لم نفعل الآن، فمتى؟»، مندداً «بالمقاومة الشديدة ضده».
ويعارض الاتحاد الدولي لصناعات وجمعيات الأدوية المقترح بشدة.
وقال رئيس الاتحاد توماس كويني للصحافيين، الأسبوع الماضي، إن «سحب براءات الاختراع أو فرض تنازل عنها لن يمنحكم جرعة واحدة إضافية». وأضاف: «لن يجعلكم ذلك قادرين على الحصول على اللقاح، لأنكم لن تعرفوا رغم ذلك كيف توزعونه على نطاق واسع».
وتعارض الفكرة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وسويسرا، البلدان التي تؤوي مقرات كبرى شركات الأدوية، بالإضافة إلى أستراليا وبريطانيا واليابان والنرويج وسنغافورة.
ويشير المعارضون إلى الاستثمار المالي الكبير الذي قامت به المختبرات لتطوير اللقاحات في وقت قياسي، ويعتقدون أنها الأكثر أهلية لإنتاج اللقاحات على النطاق العالمي المطلوب. ويلفتون إلى أن قواعد الملكية الفكرية السارية في منظمة التجارة تتضمن أحكاماً تنص على منح «تراخيص إلزامية»، وُضعت تحديداً للحالات الطارئة.
وتمنح التراخيص الإلزامية شركات غير تلك التي تحمل براءة الاختراع ترخيصاً لتصنيع منتج، ضمن إجراءات وشروط معينة يجب احترامها.
لكنّ الدول الداعمة للمقترح تقول إن الحصول على هذه التراخيص الإلزامية تدبير بيروقراطي استثنائي، يخضع لكثير من العقبات، أبرزها وجوب النظر في كل حالة على حدة.
وتحرص المديرة الجديدة للمنظمة نغوزي أوكونجوإيويلا، التي تسلمت منصبها الاثنين، على تفادي حدوث خلاف في يوم عملها الأول. لذا تدعو للمرونة، وتشجع عوضاً عن ذلك على التوصل لاتفاقيات ترخيص طوعية، كالاتفاق الذي تم التوصل له بين شركة أسترازينيكا و«سيروم إينستيتيوت أوف إنديا» الهندي لتصنيع لقاحات شركة الأدوية العملاقة.
وفي نهاية تسعينات القرن الماضي، أثارت الأدوية المضادة للفيروسات الارتجاعية ثورة في علاج متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، لكن تكلفة هذه الأدوية جعلتها خارج متناول المرضى.
واستغرق الأمر عدة سنوات إلى بداية العقد الأول للقرن الحالي حتى يتم توقيع اتفاقيات لتسهيل تصنيع وتوزيع «أدوية جنيسة» مضادة للفيروسات الارتجاعية بأسعار منخفضة للدول الفقيرة.
وفي 2001، سمح المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية الذي انعقد في الدوحة ببعض المرونة بشأن براءات الاختراع التي تمتلكها المجموعات الصيدلانية العملاقة، معترفاً بحق البلاد التي تواجه طوارئ صحية في تصنيع «أدوية جنيسة» أرخص.
ثم سمح اتفاق موقت في عام 2003، تم تثبيته لاحقاً في عام 2005، بالتنازل عن حقوق الملكية الفكرية بما يسمح للبلدان الفقيرة التي تواجه أمراضاً معدية خطيرة مثل الملاريا والسل والإيدز، باستيراد «أدوية جنسية» إذا لم يكن بوسعها صنعها بنفسها.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.