ظهر مخطط التطعيم ضد فيروس «كورونا» في الهند جاهزاً للنجاح في البداية. بالنسبة لـ«صيدلية العالم»، التي أنتجت 60 في المائة من اللقاحات للاستخدام العالمي قبل الجائحة، بما أعطى انطباعًا بعدم وجود مشكلة في الإمداد على الإطلاق.
كان لدى البلاد بالفعل أكبر برنامج تطعيم في العالم، حيث يقدم 390 مليون جرعة سنوياً للحماية من أمراض مثل السل والحصبة، وبنية تحتية حالية تجعل توزيع لقاحات «كورونا» أسهل.
قبل إطلاق حملة التلقيح، نظمت الحكومة دورات تجريبية، ووضعت لوحات إعلانية تروج للقاحات واستبدلت بنغمات رنين الهاتف رسالة تحث الناس على التطعيم، وفقاً لمجلة «التايم».
ومع ذلك، بعد مرور شهر على حملة التطعيم، تكافح الهند من أجل إلزام حتى العاملين الصحيين بمواعيد أخذ اللقاحات. في أوائل يناير (كانون الثاني)، أعلنت البلاد هدفاً لتلقيح 300 مليون شخص بحلول أغسطس (آب). وتلقى 8.4 مليون شخص فقط لقاحاً في الشهر الأول، أي أقل من ربع العدد اللازم لتحقيق هدف الحكومة. وحتى الآن، التطعيمات متاحة فقط للعاملين الصحيين في الخطوط الأمامية، وفي بعض الأماكن لضباط الشرطة والجنود.
وحتى هذا الاهتمام المبدئي قد يتضاءل. يعتمد مخطط التطعيم في الهند على تطبيق الهاتف الجوال الذي يحدد مواعيد التطعيم. في اليوم الأول من تناول الجرعات، أي في 16 يناير، ظهر نحو 191 ألف شخص. ولكن بعد أربعة أسابيع، عندما تم استدعاء هؤلاء الأشخاص للجرعة الثانية، عاد 4 في المائة منهم فقط.
وقالت فالسالا، عاملة الصحة المجتمعية في مدينة كولام الجنوبية التي قضت شهوراً في محاربة «كوفيد - 19»، إنها لم تلتزم بموعدها للحصول على جرعتها الأولى من اللقاح، الذي كان في 12 فبراير (شباط). وأضافت: «لا أشعر بالحاجة إلى التسرع لأن الأسوأ قد انتهى... لذلك هناك شعور بأنه لا بأس من الانتظار والمراقبة نظراً لوجود مخاوف بشأن كيفية تطوير اللقاحات بهذه السرعة».
وتشير تعليقات فالسالا إلى اتجاه مقلق انعكس في مقابلات «التايم» مع العاملين الصحيين في جميع أنحاء الهند. ويؤدي مزيج من حالات «كوفيد - 19» المتضائلة على الصعيد الوطني، والأسئلة حول فعالية أحد اللقاحين المصرح بهما حالياً للاستخدام في البلاد، والرضا عن النفس، إلى تردد متزايد في الحصول على التطعيم.
يقول الدكتور شاندراكانت لاهريا، عالم الأوبئة في نيودلهي: «هناك تصور منخفض للتهديد فيما يتعلق بالفيروس... لو كانت اللقاحات نفسها متاحة خلال ذروة الوباء في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكانت ردود الفعل مختلفة».
* علامة مقلقة
يشعر خبراء الصحة العامة بالقلق الآن من أن البداية البطيئة يمكن أن تؤثر على المراحل اللاحقة لحملة التلقيح، خاصة عندما يتم توسيع مخطط التطعيم الشهر المقبل ليشمل كبار السن وذوي المشاكل الصحية.
وتقول الدكتورة سميشا أغاروال، مديرة الأبحاث في مبادرة «جونز هوبكينز غلوبال هيلث» في الهند: «لدى الناس ثقة متأصلة في الأطباء... لذلك عندما لا يحضر الأطباء للحصول على اللقاحات، فإن ذلك يعزز أي شكوك قد تكون لدى عامة الناس».
في محاولة لتسريع حملة التطعيم، بدأت الحكومة في إجراء اللقاحات على الفور بدلاً من السماح فقط لأولئك المسجلة أسماؤهم ضمن مواعيد بالحصول عليها. كما أنشأت مراكز تطعيم جديدة في جميع أنحاء البلاد.
في الوقت الحالي، قد تكون الهند دولة لديها فائض من اللقاحات مع عدد قليل من المتلقين. لكن تجربتها تُظهر أنه في حين أن التحدي الأول هو تخزين إمدادات اللقاحات، إلا أن إقناع الناس بتناولها يمكن أن يكون المهمة الضخمة. قد يكون ذلك نذيراً لبقية العالم مع انخفاض عدد حالات «كورونا»، وبعد أن أصبحت اللقاحات متاحة على نطاق أوسع، كما يحذر الدكتور بول غريفين، اختصاصي الأمراض المعدية في جامعة كوينزلاند في بريسبان.
* «الأسوأ لم ينتهِ بعد»
على المستوى العالمي أيضاً، قد يؤدي الميل إلى التخلي عن الحذر إلى إعاقة الجهود للسيطرة على الوباء. يقول الخبراء إن التطعيم ضروري ليس فقط للحصول على مناعة طويلة الأمد ولكن أيضاً لتقليل احتمالية حدوث طفرات جديدة، التي تُعد إلى حد كبير وراء الزيادات الأخيرة في الحالات بالمملكة المتحدة والبرازيل.
ويقول غريفين: «ارتفاع معدل التطعيم يقلل من احتمالية ظهور سلالات جديدة».