الهِر «لاري»... 10 سنوات من الحكم في «داونينغ ستريت»

الهِر «لاري» أمام مقر رئاسة الوزراء البريطانية في داونينغ ستريت (أ.ف.ب)
الهِر «لاري» أمام مقر رئاسة الوزراء البريطانية في داونينغ ستريت (أ.ف.ب)
TT

الهِر «لاري»... 10 سنوات من الحكم في «داونينغ ستريت»

الهِر «لاري» أمام مقر رئاسة الوزراء البريطانية في داونينغ ستريت (أ.ف.ب)
الهِر «لاري» أمام مقر رئاسة الوزراء البريطانية في داونينغ ستريت (أ.ف.ب)

يسيطر الهر لاري على «داونينغ ستريت»، منذ عقد؛ فهو نجم مقر رئاسة الوزراء البريطانية؛ خدم ثلاثة رؤساء وزراء، وبات أسطورة يتابع الجميع أخبار قيلولته ومزاجه وشقاوته.
وصل الهر الأبيض المخطّط إلى «10 داونينغ ستريت» في 15 فبراير (شباط) 2011 عندما كان يبلغ 4 سنوات.
تم تبنيه من مأوى «باترسي دوغز آند كاتس هوم» للحيوانات في لندن، واختير لمهاراته في صيد الفئران، وفقاً لسيرته الذاتية على موقع «داونينغ ستريت» الإلكتروني.
حصل على لقب «رئيس مطادرة الفئران»، وهو أول ساكن في المقر الشهير لرئاسة الوزراء الذي ينال اللقب، حسب ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».
لكن في حين اصطاد ثلاثة فئران خلال أشهره الأولى في المكان، وفقاً لديفيد كاميرون، أول رئيس للوزراء في «عهده»، خيّب التطلعات منذ ذلك الحين حاصراً دوره في «التخطيط التكتيكي». ورغم لامبالاته، تشبث لاري بالسلطة.
وإن كان يفتقر إلى غريزة القتل، فإنه انشغل في مشاحنات غير دبلوماسية مع خصوم، بمن فيها بالمرستون، الهرّ الأبيض والأسود المقيم في مقر وزارة الخارجية القريبة.
ومنذ ذلك الحين، أذعن بالمرستون، واعتزل السياسة، وانتقل إلى الريف حيث تقاعد في عام 2020.
ووفقاً لـ«داونينغ ستريت»، فإن دبلوماسية القوة الناعمة التي يتبناها لاري، «استحوذت على قلوب الشعب البريطاني».
وهي تتضمن بناء علاقات مع الصحافيين والمصورين المتمركزين في الخارج، الذين يكافئونه بوجبات خفيفة وبعض المداعبة.
غادر كاميرون «داونينغ ستريت» في عام 2016، عقب حملة «ارحل»، التي صوت عليها الشعب البريطاني، وبقي لاري في منصبه.
حتى إن كاميرون اضطر لمحاربة شائعات حول خلاف مع لاري في آخر جلسة أسئلة كرئيس وزراء أمام البرلمان؛ فعرض صورة لهما معاً، نافياً أن يكون قال (بشكل أو بآخر): «لا أحب لاري».
وبقي لاري بعد ذلك ضمن طاقم «داونينغ ستريت»، وتعايش مع تيريزا ماي، والآن بوريس جونسون.
يلعب وجود هِر في «داونينغ ستريت» دوراً حاسماً في العلاقات العامة في بلد محب للحيوانات، كما قال المؤرخ أنتوني سيلدون لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح كاتب السير الذاتية لآخر أربعة رؤساء وزراء بريطانيين: «إنه يساعد على إضفاء طابع إنساني على رئيس الوزراء». وأضاف أنه في أوقات الأزمات يمكن أن يكون الهر «مصدر تمويه».
وعزا تيم بايل، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كوين ماري بلندن، استمرارية «لاري» في هذا الدور إلى رغبة رؤساء الوزراء في سد «فجوة كبيرة بين السياسيين والناخبين». وتابع أن رئيس الوزراء، خصوصاً إذا كان قد استقطب الرأي العام «سينتهز أي فرصة متاحة له لإعطاء الناس انطباعاً بأن ثمة قاسماً مشتركاً بينهم».
وأضاف: «لا نحب جميعنا القطط، وقد يكون هذا هو سبب اقتناء بوريس جونسون كلباً أيضاً». وشرح: «لكنّ ملايين البريطانيين لديهم حيوانات أليفة... لذلك، فهذه إحدى هذه الفرص».
وشارك لاري في زيارات العديد من قادة العالم، بدرجات متفاوتة من الود.
وفيما سمح لباراك أوباما بمداعبته، اعترض سيارة دونالد ترمب الرئاسية المدرعة، فجلس تحتها، ورفض بعناد التحرك.
وعشية عيد الميلاد، فيما كان الصحافيون ينتظرون في الخارج لإعلان اتفاق «بريكست»، اندفع لاري فجأة وانقض على طير حمام، فتمكن الطير من النجاة بريشه فيما استقطب الهر اهتمام الإعلام.
قد يكون لاري لزم الصمت علناً، لكنه روى قصته في كتاب بعنوان «مذكرات لاري» بريشة جيمس روبنسون.
كما أن لديه حساباً غير رسمي على «تويتر» مع أكثر من 433 ألف متابع.
وشدد صاحب هذا الحساب الذي تم الاتصال به عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على عدم وجود أي تدخل بشري، عارضاً نبذة موجزة عن حكم لاري الطويل في «داونينغ ستريت»، جاء فيها: «الأمر الرئيسي الذي يجب تذكره هو أنني أعيش هنا بشكل دائم، والسياسيون يقيمون معي لفترة قصيرة حتى يتم طردهم... سيكتشفون عاجلاً أو آجلاً أنني أنا من يدير المكان».


مقالات ذات صلة

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

يوميات الشرق يشكو وحدة الحال (أدوب ستوك)

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

قال العلماء إنّ الأصوات التي يصدرها الدلفين «ديل» قد تكون «إشارات عاطفية» أو أصوات تؤدّي وظائف لا علاقة لها بالتواصل.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
يوميات الشرق بإمكان الجميع بدء حياة أخرى (أ.ب)

شبل الأسد «سارة» أُجليت من لبنان إلى جنوب أفريقيا لحياة أفضل

بعد قضاء شهرين في شقّة صغيرة ببيروت مع جمعية للدفاع عن حقوق الحيوان، وصلت أنثى شبل الأسد إلى محمية للحيوانات البرّية بجنوب أفريقيا... هذه قصتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق الضوء الاصطناعي يهدد قدرة النحل على تلقيح المحاصيل (رويترز)

الضوء الاصطناعي يهدد نوم النحل

توصَّل الباحثون إلى أن الضوء الاصطناعي يمكن أن يعطل دورات النوم لدى نحل العسل، وهو ما يؤثر سلباً على دوره الحيوي بصفته مُلقحاً للنباتات والمحاصيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق مهارة مذهلة (إكس)

فِيلة تُذهل العلماء... «ملكة الاستحمام» عن جدارة! (فيديو)

أذهلت فِيلةٌ آسيويةٌ العلماءَ لاستحمامها بنفسها، مُستخدمةً خرطوماً مرناً في حديقة حيوان ألمانية، مما يدلّ على «مهارة رائعة».

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق الجمهور يُحفّز الشمبانزي على أداء أفضل في المهمّات الصعبة (جامعة كيوتو)

الشمبانزي يُحسِّن أداءه عندما يراقبه البشر!

كشفت دراسة يابانية أن أداء الشمبانزي في المهمّات الصعبة يتحسّن عندما يراقبه عدد من البشر، وهو ما يُعرف بـ«تأثير الجمهور».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».