«الوطني الحر» في بكركي لاحتواء مقترح تدويل الأزمة اللبنانية

نتائج الزيارة تحدد لقاء الراعي مع باسيل

الراعي مستقبلاً وفد «التيار» أمس (الوكالة المركزية)
الراعي مستقبلاً وفد «التيار» أمس (الوكالة المركزية)
TT

«الوطني الحر» في بكركي لاحتواء مقترح تدويل الأزمة اللبنانية

الراعي مستقبلاً وفد «التيار» أمس (الوكالة المركزية)
الراعي مستقبلاً وفد «التيار» أمس (الوكالة المركزية)

تحرك «التيار الوطني الحر» على خط بكركي غداة طرح البطريرك الماروني بشارة الراعي «تدويل القضية اللبنانية»، إذ زار وفد من «التيار» البطريرك الراعي، وهي زيارة «لم تكن مقررة مسبقاً»، بل جاءت في ضوء الموقف الجديد للراعي، حسب ما يؤكده مصدر نيابي في «التيار».
ويقول المصدر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن هدف الزيارة هو الاطلاع على وجهة نظر الراعي من قرب في موضوع تشكيل الحكومة، وحديثه عن مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية الأمم المتحدة، ووضعه في أجواء موقف «التيار» من الموضوعين، مضيفاً أنه «في حال كان هناك تقارب في الآراء، يرجح أن يكون هناك لقاء آخر مع الراعي، يحضره هذه المرة رئيس (التيار الوطني الحر)، جبران باسيل».
وكان باسيل قد غاب عن اللقاء أمس، إذ ضم الوفد الذي استقبله الراعي كلاً من مستشار رئيس «التيار» أنطوان قسطنطين، والنائب جورج عطالله، والوزير السابق منصور بطيش، ونائبة رئيس «التيار» مي خريش.
وقال بطيش بعد لقاء الراعي إنه تم البحث في ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ ذات مصداقية عالية، ووفق مندرجات المبادرة الفرنسية، وإنه «تم التركيز على التدقيق الجنائي واستكماله في مختلف المؤسسات التابعة للدولة»، مشيراً إلى أن «الحلول يجب أن تأتي من الداخل، وأن العيش المشترك يتطلب التعاون للوصول إلى هذه الحلول».
ولفت بطيش إلى أن «رئيس الجمهورية ميشال عون حريص على تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن وفق القواعد الوطنية، وعلى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري أن يقصد بعبدا ويتشاور مع عون».
وكان الراعي قد قال، أول من أمس، إن «وضع لبنان المنهار يستوجب أن تطرح قضيته في مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة، يثبت لبنان في أطره الدستورية الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد، وتعالج حالة غياب سلطة دستورية واضحة تحسم النزاعات، وتسد الثغرات الدستورية والإجرائية، تأميناً لاستقرار النظام، وتلافياً لتعطيل آلة الحكم عدة أشهر عند كل استحقاق لانتخاب رئيس للجمهورية ولتشكيل حكومة».
وفي الإطار، أكد المصدر أن «التيار الوطني الحر» لا يرى «حتى اللحظة، حاجة إلى تدويل الأزمة، إذ يمكن أن تُحل الأمور، وتُشكل الحكومة، إذا تنازل الرئيس المكلف قليلاً»، مضيفاً أن «الحريري يسير بمعايير معينة مع الأطراف كافة، وعندما يصل الأمر إلى الوزراء المسيحيين يعتمد معايير أخرى».
وشدد المصدر على أنه «وفق الدستور والأصول المعمول بها منذ سنوات، على الرئيس المكلف أن يستمر بلقاءاته مع رئيس الجمهورية، ولكن يبدو أن الحريري يعتبر أن في الموضوع انتقاصاً من كبريائه، في وقت عليه أن يتواصل مع رئيس الجمهورية الذي لا يستدعي عادة الرئيس المكلف».
ومن جهة أخرى، يرى مصدر نيابي في «تيار المستقبل» أن الحريري قام بما على الرئيس المكلف أن يقوم به وفق الدستور، فقدم لرئيس الجمهورية التشكيلة الحكومية التي تضمنت 4 وزراء من اللائحة المقدمة من عون نفسه، مع إمكانية التعديل.
وأضاف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الحريري «ينتظر رد عون، فإذا كان لديه أي استفسارات أو أمور ليناقشها في هذا الصدد، فليخبر الرئيس المكلف، وعندها يتم اللقاء».
وفي حين يستغرب المصدر استمرار النهج نفسه من قبل معطلي تشكيل الحكومة، يقول: «إذا كانوا لا يريدون الحريري، فليسقطوه عبر عدم إعطاء الحكومة الثقة، فلبنان لم يعد يملك ترف الوقت، وإذا كان لدى رئيس الجمهورية أي ملاحظات، فليتواصل مع رئيس الحكومة المكلف لمناقشتها».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.