مخيم الهول... «قنبلة موقوتة» شمال شرقي سوريا

«المرصد» يسجل 13 جريمة وإخراج مائة عائلة نازحة شرق الفرات في الشهر الماضي

عائلة سورية نازحة لدى خروجها من مخيم الهول شرق الفرات في 28 الشهر الماضي (أ.ف.ب)
عائلة سورية نازحة لدى خروجها من مخيم الهول شرق الفرات في 28 الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

مخيم الهول... «قنبلة موقوتة» شمال شرقي سوريا

عائلة سورية نازحة لدى خروجها من مخيم الهول شرق الفرات في 28 الشهر الماضي (أ.ف.ب)
عائلة سورية نازحة لدى خروجها من مخيم الهول شرق الفرات في 28 الشهر الماضي (أ.ف.ب)

أفيد أمس بأن الشهر الماضي، شهد ارتكاب 13 جريمة في مخيم الهول بالتزامن مع إخراج نحو مائة عائلة من النازحين السوريين، وسط تحذيرات من تحول المخيم إلى «قنبلة موقوتة قابلة للانفجار وإعادة الفوضى» إلى شمال شرقي سوريا الذي حررته «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) من «داعش» في ربيع 2019.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في تقرير أمس، إن الأحداث في مخيم الهول جنوب شرقي الحسكة تعتبر «إرثاً شاهداً على الفوضى التي أطلقها تنظيم (داعش) في سوريا، حيث بات مخيم الهول للاجئين والنازحين أشبه بـ(دويلة) لعناصر وعائلات التنظيم وتنتشر الفوضى والانفلات الأمني بصورة كبيرة داخل المخيم الذي يعد بمثابة قنبلة موقوتة، وهي أزمة تسعى معظم دول العالم إلى تجاهلها والتغاضي عنها تجنباً لاستعادة مواطنيها الذين انضموا إلى عناصر التنظيم،. وتنتشر الفوضى والانفلات الأمني بصورة كبيرة داخل المخيم الذي يعد بمثابة قنبلة موقوتة».
وخلال الشهر الماضي، شهد المخيم تنفيذ 13 جريمة قتل ضمن «دويلة الهول»، على يد خلايا «داعش» سواء من نساء متشددات أو رجال، والقتلى هم: 9 من اللاجئين العراقيين بينهم طفل و3 نساء، و3 من حملة الجنسية السورية بينهم امرأة و«رئيس المجلس السوري» في المخيم، وعنصر من شرطة الإدارة الذاتية (أسايش). وفي السياق ذاته قتل مسلح من الخلايا المسؤولة عن عمليات القتل، بعد تفجير قنبلة أثناء ملاحقته من قبل دورية تابعة للأسايش.
وقال «المرصد» إن «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) لاتزال تحاول «الحد من عمليات التهريب ومحاربة الفساد المستشري بدويلة الهول عبر حملات أمنية متعددة»، حيث قامت في نهاية الشهر الماضي «قوة عسكرية تابعة لقوات سوريا الديمقراطية وبإسناد من قوات التحالف الدولي، بمداهمة منزل في منطقة تل حميس بريف الحسكة الشمالي الشرقي، وقامت باعتقال شخص يعمل مهرباً ضمن مخيم الهول جنوب شرقي الحسكة، ولديه صلة بخلايا تنظيم (داعش) الموجودة هناك، والمسؤولة عن عمليات القتل التي تجري بشكل دوري في الدويلة».
واذ عمدت إدارة مخيم الهول بريف الحسكة الجنوبي الشرقي خلال الشهر الماضي إلى إخراج 98 عائلة سورية من المخيم في إطار العملية المتواصلة لإفراغ الهول من النازحين السوريين ضمن المبادرة التي أطلقها «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد)، وجرى إخراج العوائل على دفعتين اثنتين، الدفعة الأول جرت في 19 الشهر الماضي، وحيث خرجت 31 عائلة سورية يقدر عددها بأكثر من 99 شخصاً جلهم من سكان مدينة الحسكة وريفها، أما الدفعة الثانية فكانت بتاريخ 28 من الشهر ذاته، حيث جرى إخراج 67 عائلة يتحدرون من مدينة منبج وريفها بريف حلب الشرقي، ويقدر عددهم بنحو 236 شخصاً.
كما قامت دائرة العلاقات الخارجية في «الإدارة الذاتية» لمناطق شمال وشرق سوريا، بتسليم 7 أطفال أيتام فرنسيين من عوائل عناصر تنظيم «داعش»، لممثلين عن دولة فرنسا، وفق وثيقة تم التوقيع عليها بين الطرفين خلال زيارة الوفد الفرنسي في 12 يناير (كانون الثاني) لمقر دائرة العلاقات الخارجية في مدينة القامشلي.
ومع تحول مخيم الهول إلى «قنبلة موقوتة» قد تعيد الفوضى إلى المنطقة، جدد «المرصد» مناشداته المجتمع الدولي بضرورة إيجاد حل لأزمة «دويلة الهول»، التي تهدد بالانفجار في أي لحظة في وجه العالم أجمع.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.