بعد ست سنوات من الاتصالات والمداولات والتحقيقات، قرر قضاة محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، أمس الجمعة، منح الضوء الأخضر للمدعية العامة في المحكمة بفتح تحقيق ضد جرائم حرب تتهم إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 عموماً، وخلال الحرب على غزة في سنة 2014، وكذلك تتهم حركة «حماس» الحاكمة في قطاع غزة، بارتكابها خلال تلك الحرب ضد المدنيين الإسرائيليين.
وقد أثار القرار غضباً شديداً في إسرائيل، وخرج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عن المألوف وأصدر بياناً رسمياً تعقيباً عليه، مساء أمس الجمعة، خارقاً بذلك حرمة السبت. وجاء في بيانه: «لقد أثبتت المحكمة اليوم مرة أخرى أنها مؤسسة سياسية وليست هيئة قضائية. إنها تتجاهل جرائم الحرب الحقيقية، وبدلاً من ذلك هي تلاحق دولة إسرائيل، وهي دولة ذات نظام ديمقراطي قوي، تقدس حكم القانون وليست عضواً في المحكمة. في قرارها هذا نالت المحكمة من حق الدول الديمقراطية في الدفاع عن نفسها من الإرهاب، وهي لعبت في مصلحة جهات تقوض الجهود الرامية إلى توسيع دائرة السلام. سنواصل الدفاع عن مواطنينا وجنودنا بشتى الوسائل من الملاحقة القانونية».
كان القضاة الثلاثة، مارك فرين دي بريشمبو، وهو من فرنسا، وبيتر كوباتش، من هنغاريا، وأدلايد ألفيني غانسو من بنين، قد ترددوا في قبول الدعاوى بسبب وضعية المناطق المحتلة، وهل لهم صلاحيات لتحديد مكانتها. وبالمقابل أوصت المدعية العامة فاتو بنسودا، بالتداول في الموضوع، وأثبتت في تقرير لها أن هناك صلاحيات للمحكمة. وقد قبل القضاة موقفها. وأوضحوا في قرارهم المفصل أن للمدعية صلاحية فتح تحقيق في جرائم نفذت على ما يبدو من قبل الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة وشرق القدس، وأرجع القضاة ذلك إلى أن «فلسطين تُعَد دولة، ولذلك تنطبق اتفاقية روما على جرائم نفذت فيها». وأتاح القضاة، في المقابل، فتح تحقيقات ضد «حماس».
يذكر أن القرار حول فتح التحقيق في هذه الجرائم مطروح على أجندة المحكمة الدولية منذ نهاية عام 2019، إلا أن بنسودا طلبت رأي قضاة المحكمة بشأن صلاحياتها بالتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس والجولان وغزة، لأن هناك جدلاً في إسرائيل حول مكانتها القانونية. وقد امتنعت إسرائيل عن التعاون المباشر مع المحكمة، وبطلب منها قرر الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، محاربة المحكمة. ومع اقتراب البت في الموضوع، توجهت الحكومة الإسرائيلية إلى إدارة الرئيس الجديد، جو بايدن، تطلب أن يواصل ضغوطه على المحكمة حتى لا تصدر قراراً بفتح التحقيق، مؤكدة أن قراراً كهذا يعني أن تتم ملاحقة الكثير من السياسيين والعسكريين الإسرائيليين الحاليين والسابقين في مختلف دول العالم، وإصدار أوامر اعتقال ضدهم في دول أوروبا وغيرها من الدول الأعضاء في المحكمة.
وقالت مصادر في تل أبيب إن إسرائيل ستطلب من إدارة بايدن تنسيق انتخاب مدعٍ عام جديد في المحكمة الدولية، خلفاً لفاتو بنسودا، التي ستنتهي ولايتها في الفترة القريبة المقبلة.
«الجنائية الدولية» تتيح التحقيق في جرائم حرب من إسرائيل و«حماس»
«الجنائية الدولية» تتيح التحقيق في جرائم حرب من إسرائيل و«حماس»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة