القضاء اللبناني يحدد موعداً لاستجواب حاكم «المركزي» في ملف «الدولار المدعوم»

TT

القضاء اللبناني يحدد موعداً لاستجواب حاكم «المركزي» في ملف «الدولار المدعوم»

حدد القضاء اللبناني يوم الاثنين المقبل، موعداً لاستجواب حاكم «مصرف لبنان» رياض سلامة وآخرين بجرم الإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة ومخالفة قرار إداري، وذلك في ملف «سوء إدارة الدولار المدعوم».
و«الدولار المدعوم»، هو آلية وضعها مصرف لبنان المركزي في مايو (أيار) الماضي لتوفير الدولار لاستيراد المواد الغذائية الأساسية والمواد الأولية لصناعتها، على سعر صرف 3900 ليرة للدولار الواحد، وذلك في محاولة للحد من غلاء الأسعار بعدما انخفضت قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار إلى سعر صرف في السوق السوداء يتخطى الـ8000 ليرة للدولار الواحد، علما بأن سعر صرف الدولار الرسمي يبلغ 1500 ليرة للدولار الواحد.
وحدد قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور جلسة يوم الاثنين المقبل في الثامن من فبراير (شباط) الجاري لاستجواب حاكم «مصرف لبنان» رياض سلامة وآخرين بجرم الإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة ومخالفة قرار إداري، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية.
وكانت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون قد ادعت على سلامة وعلى رئيسة لجنة الرقابة على المصارف مايا دباغ وعلى صاحب شركة استيراد دولار وأحد الصيارفة، وأحالت الملف إلى القاضي منصور الذي، بعد مطالعة الملف، حدد جلسة استجواب المشار إليهم الأسبوع المقبل.
واستمعت القاضية عون في 17 يناير (كانون الثاني) الفائت إلى حاكم مصرف لبنان الذي حضر إلى مكتبها، حول ملفي الهدر الحاصل في استعمال الدولار المدعوم، والقروض السكنية المدعومة من مصرف لبنان.
ويأتي ذلك في ظل ملف قضائي آخر يتعامل معه سلامة، وهو الاشتباه بتحويلات مالية من لبنان إلى سويسرا، وقد استمع مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات إلى سلامة حول هذا الملف قبل أسبوعين.
وأرسل عويدات أمس، كتباً إلى كل من حاكم مصرف لبنان، ومفوض الحكومة لدى المصرف المركزي، وهيئة التحقيق الخاصة ولجنة الرقابة على المصارف، طلب بموجبها إيداعه كل المعطيات الواردة في طلب المساعدة السويسرية، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام».
ويأتي الطلب استعداداً لتزويد السلطات السويسرية بالأجوبة اللازمة على طلب المساعدة القضائية المتعلقة بتحويلات مالية عائدة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومساعدته ماريان الحويك وشقيقه رجا سلامة، وبعد الاستماع إلى إفادات الأشخاص المذكورين وموافقتهم على المثول أمام القضاء السويسري.
كما طلب عويدات إيداعه المستندات الخاصة بالتحويلات المالية التي تتحدث عنها المراسلة السويسرية، بالإضافة إلى المستندات الخاصة بالآلية التي تنظم إجراء التحويلات من مصرف لبنان إلى الخارج، على أن يرسل النائب العام التمييزي الخميس المقبل جوابه إلى السلطات السويسرية، وأن يزود القضاء السويسري بمراسلات إلحاقية في ضوء ما يرده من مستندات تباعاً من الجهات المصرفية المختصة، وفي ضوء ما يتوافر لديه من معطيات جديدة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.