إصلاحات جذرية منتظرة في سوق العمل السعودية

«الموارد البشرية» لـ«الشرق الأوسط»: مستمرون في تطوير الأنظمة الداعمة لبيئة نمو القطاع الخاص

وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تواصل استطلاع مرئيات العموم لتطوير بيئة سوق العمل  (الشرق الأوسط)
وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تواصل استطلاع مرئيات العموم لتطوير بيئة سوق العمل (الشرق الأوسط)
TT

إصلاحات جذرية منتظرة في سوق العمل السعودية

وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تواصل استطلاع مرئيات العموم لتطوير بيئة سوق العمل  (الشرق الأوسط)
وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تواصل استطلاع مرئيات العموم لتطوير بيئة سوق العمل (الشرق الأوسط)

في وقت يرى اقتصاديون لـ«الشرق الأوسط» أن التعديلات المستحدثة في سوق العمل السعودية مؤخرا ستعزز اقتصاد المعرفة وتزيد الإنتاجية وتدعم بيئة نمو القطاع الخاص، تؤكد وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية على مواصلة إحداث إصلاحات جذرية في سوق العمل بقطاعيه العام والخاص المتضمنة حزما من المبادرات، المرتكزة على زيادة معدل المشاركة الاقتصادية، ورفع المهارات والإنتاجية، وتحسين كفاءة السوق، إضافة لانسجامها مع برامج تحقيق الرؤية ومستهدفات رؤية المملكة 2030.
وقالت الوزارة لـ«الشرق الأوسط»، إنها رفعت مشروع تعديل نظام العمل على منصة استطلاع الشهر الماضي وسينتهي الأسبوع الأول من فبراير (شباط) الحالي، وما زالت التعديلات محل استطلاع آراء العموم، حيث سيتم بعد الانتهاء من الوثيقة التشريعية النهائية الرفع للمقام السامي الكريم للنظر حيال هذه التعديلات.
وأوضحت أنها تهدف من خلال تلك الإصلاحات إلى دعم التوجه العام في تطوير أنظمتها ولوائحها القائمة، ما يسه م في دعم وإصلاح سوق العمل وتوفير البيئة التشريعية الملائمة لتنمية القطاع الخاص وزيادة نموه، إضافة إلى إيجاد بيئة عمل لائقة محفزة للعاملين فيه، والإسهام في تحقيق أهداف واستراتيجية سوق العمل والتي أطلقتها الوزارة مؤخرا.
- تقليص التوطين
واقترحت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية حزمة من التعديلات، تتضمن ربط التعيين بحسب المؤهلات والمهارات وليس حسب الجنسية، بجانب إلغاء شرط نسب التوطين بنسبة 75 في المائة وربطها بقرارات الوزارة والتوقع بتخفيف نسب التوطين على الشركات، فضلا عن إلغاء شرط تشغيل الأجانب في مهن صدرت قرارات بتوطينها واستبدال بشرط التوطين عبارة قرارات الوزارة، وعدم ربط مدة العقد برخص العمل.
وهنا، قال عضو مجلس الغرف السعودية السابق، عبد الله المليحي لـ«الشرق الأوسط»، إنه تعتبر التعديلات الجديدة ذات أهمية واضحة في رؤية المملكة 2030 وتعديل وإضافة التشريعات والتنظيمات الجديدة لدعم الشركة في تنظيم وتحفيز الشباب السعودي وتسهل إيجاد الفرص في سوق العمل، وتساهم في تطوير ودعم وإصلاح سوق العمل لتنمية القطاع الخاص وخلق بيئة عمل مثالية للتطوير.
وأضاف المليحي «شهدت سوق العمل السعودية في السنوات الأخير تطورا متصاعدا ومستمرا، ما يدل على توجه القيادة لدعم سوق العمل التي تعتبر الشريان الحقيقي للاقتصاد، فضلا عن ذلك فإن المملكة تشهد تدفق استثمارات ضخمة، ولا بد من مواكبة التطوير المستمر والاستفادة من التجارب للدول الأخرى، للوصول إلى الهدف الحقيقي الذي تطمح له الدول بقيادة ولي العهد السعودي».
ولفت المليحي، إلى أن التعديلات المقترحة تهدف لتحسين بيئة العمل ورفع الكفاءة وتعظيم التنافسية بما يتسق مع المشاريع الجديدة والواعدة بما فيها «ذا لاين»، ومدينة «نيوم» التي تؤسس للاقتصاد الرقمي، وتعزز التوجه السعودي، للمواءمة بين سوق العمل وحاجة العصر، فضلا عن تنفيذ سياسات تنويع الاقتصاد وزيادة الصادرات غير التقليدية في الأسواق العالمية.
- إصلاح السوق
وقال المستشار وأستاذ القانون بمعهد الإدارة العامة بالرياض، الدكتور أسامة العبيدي لـ«الشرق الأوسط»، إن مشروع تعديل نظام العمل يهدف لتحسين بيئة ممارسة الأعمال وإصلاح سوق العمل، وتوفير البيئة القانونية والتنظيمية الملائمة لتنمية وتطوير القطاع الخاص والعاملين فيه من سعوديين ووافدين، وكذلك دعم مشاركة المرأة في سوق العمل وتمكينها.
وأفاد العبيدي بأن إلغاء اشتراط التوطين بنسبة 75 في المائة وتخفيض نسبة التوطين على الشركات سيساعدان على تخفيض التكلفة وزيادة الأرباح، خاصة مع الآثار السلبية لجائحة كورونا وبالتالي زيادة النمو الاقتصادي.
ووفق العبيدي، ستؤدي التعديلات أيضا إلى زيادة توطين الوظائف في سوق العمل عبر تحسين بيئة العمل من خلال تخفيض ساعات العمل الأسبوعية إلى 40 ساعة بدلا عن 48 ساعة وتعديل ساعات العمل في رمضان لتصبح 30 ساعة أسبوعيا بدلا عن 36 ساعة، كما تمنح التعديلات إجازة يومين أسبوعيا بدلا عن إجازة اليوم الواحد، واستحقاق العامل جميع حقوقه عند الاستقالة، مؤكداً أن تلك الإجراءات ستحفز بيئة العمل في القطاع الخاص لتكون أكثر جاذبية للعاملين السعوديين.
- الاقتصاد المعرفي
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور خليل خوجة لـ«الشرق الأوسط» إن حزمة التعديلات والمقترحات والإجراءات والمبادرات التي أطلقتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في الفترة الأخيرة، ستعمل على تعزيز الاقتصاد الرقمي، متوقعا أن تسهم في رفع مستوى جودة الخدمات المقدمة وتوفير بيئة ستدعم تحول شريحة كبيرة من الشباب من الجنسين إلى منتجين ومبتكرين.
واستطرد خوجة «التعديلات لا تنفصل عن خطة المملكة في توفير فرص عمل لائقة للمواطنين من خلال تكثيف برامج التأهيل والتدريب لتخريج دفعات مؤهلة ومحترفة وقادرة على القيادة والإدارة والمنافسة في سوق العمل، في ظل توسيع القطاع وتوجيهه للعمل في مجالات التنمية وبناء القدرات الوطنية وحوكمة القطاعات على مختلف تخصصاتها، فضلا عن رفع كفاءة الخدمات والبرامج المقدمة من خلال المراكز والمؤسسات في رفع المستوى المهارات للسعوديين بما يتلاءم مع احتياجات سوق العمل».
وأوضح خوجة أن هذا التوجه يعزز أيضا التوجه السعودي بشكل عام، حيث إن المملكة تعمل على تحسين مخرجات منظومة التعليم والتدريب في جميع مراحلها لتتواءم مع احتياجات التنمية وسوق العمل المحلي ما يسهم في خفض نسبة البطالة، بالإضافة إلى ابتكار البرامج الداعمة للباحثين عن عمل، وللمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتيسير الفرص الاستثمارية، لفتح آفاق فرص عمل جديدة.
- زيادة الإنتاجية
وفي السياق نفسه، ذكر رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية بجازان الدكتور عبد الرحمن باعشن لـ«الشرق الأوسط»، أنه تأتي الإجراءات والمبادرات التي اتخذتها الوزارة ستعزز لمكانة المملكة الاقتصادية في العالم وانسجاما مع نظام العمل الدولي، وتحقيقا لبرامجها الرامية لترسيخ مقومات اقتصاد المعرفة وزيادة الإنتاجية، مستفيدة من تجربتها من حزمة الإجراءات التي ساهمت في احتواء المملكة للتداعيات المالية والاقتصادية على القطاع الخاص.
وقال «هذا التوجه يؤكد جدية المملكة بالدور الريادي للقطاع الخاص في دعم الحركة التنموية المستدامة، وشراكته الدائمة مع مختلف أجهزة الدولة على مختلف القطاعات وبناء الشراكات بين القطاعين العام والخاص ذات قيمة مضافة، محققة رغبة بعض متطلبات تنمية الاستثمارات المطلوبة في سوق العمل السعودية».
ويعتقد باعشن أن هذه التعديلات لها دور تحفيزي للشباب لتعزيز قدراتهم ومهاراتهم للتنافس في سوق العمل وبالتالي زيادة استيعابهم وتقليل معدل البطالة بين السعوديين الذي يبلغ حاليا 11.6 في المائة وسط أمل أن تنخفض بنسبة 7 في المائة وتحقيق مستهدفات زيادة نسبة القوة العاملة النسائية من 22 في المائة إلى 30 في المائة، فضلا عن رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي من 20 في المائة إلى 35 في المائة بحلول عام 2030.


مقالات ذات صلة

«السوق المالية» السعودية: تقييد دعويين جماعيتين ضد تنفيذيين بـ«شركة الخضري»

الاقتصاد المدعي طلب تعويضه عن خسائر نتيجة مخالفات مرتكبة (الشرق الأوسط)

«السوق المالية» السعودية: تقييد دعويين جماعيتين ضد تنفيذيين بـ«شركة الخضري»

قررت «لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية» السعودية قبول طلبين لتقييد دعويين جماعيتين مقدمتين من مستثمر ضد الرئيس التنفيذي وبعض موظفي «شركة الخضري».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد المجلس استعرض أداء برامج تحقيق الرؤية والاستراتيجيات الوطنية (الهيئة الملكية لمدينة الرياض)

«المجلس الاقتصادي» ينوّه بقدرة السعودية على مواجهة التحديات العالمية

نوّه «مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية» السعودي بقدرة البلاد على مواجهة تحديات الاقتصاد العالمي، في ظل التحسن الملحوظ بالقطاع غير النفطي والأنشطة الصناعية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد  2.6 مليار ريال إجمالي التمويل المقدم لروّاد الأعمال والمنشآت الصغيرة والناشئة (الشرق الأوسط)

«التنمية الاجتماعية» السعودي يتوسع تمويلياً بحجم إقراض 2.1 مليار دولار

تمكّن بنك التنمية الاجتماعية السعودي خلال العام الحالي من التوسع في التمويل وشمول شرائح متنوعة في القطاعات المختلفة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نمو إيرادات القطاع غير الربحي بنسبة 33 % في عام 2023 (واس)

القطاع غير الربحي في السعودية يحقق نمواً ملحوظاً بإيرادات تتجاوز 14.5 مليار دولار

ارتفع إجمالي إيرادات منظمات القطاع غير الربحي في السعودية إلى 54.4 مليار ريال (14.5 مليار دولار) في عام 2023، بنمو نسبته 33 في المائة مقارنةً بعام 2022.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد حاويات في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام (واس)

المناطق اللوجيستية تنتشر في السعودية تعزيزاً للحركة التجارية العالمية

أظهرت مؤشرات زيادة انتشار المناطق اللوجيستية في السعودية، ليصل إجمالي عدد المراكز القائمة في العام الماضي 22 مركزاً، مرتفعةً بنسبة 267 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

روما تقر موازنة 2025 مع تدابير لخفض الضرائب واحتواء العجز

يجلس الناس على طاولات خارجية في ساحة سان ماركو في البندقية بإيطاليا (رويترز)
يجلس الناس على طاولات خارجية في ساحة سان ماركو في البندقية بإيطاليا (رويترز)
TT

روما تقر موازنة 2025 مع تدابير لخفض الضرائب واحتواء العجز

يجلس الناس على طاولات خارجية في ساحة سان ماركو في البندقية بإيطاليا (رويترز)
يجلس الناس على طاولات خارجية في ساحة سان ماركو في البندقية بإيطاليا (رويترز)

وافق البرلمان الإيطالي، السبت، على موازنة عام 2025، وفق خطة هدفها تلبية مطالب المفوضية الأوروبية باحتواء العجز من جهة، والإيفاء بتعهّد رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني خفض الضرائب من جهة أخرى.

وخصّص أكثر من نصف الموازنة المقدرة بنحو 30 مليار يورو (31 مليار دولار) للتخفيضات الضريبية واشتراكات الضمان الاجتماعي لذوي الدخل المتدني أو المتوسط.

وخضعت روما لضغوط كبيرة من بروكسل في فترة سابقة من العام لخفض مديونيتها المقدّرة بنحو 3 تريليونات يورو، وهي ثاني أعلى مديونية نسبة إلى إجمالي الناتج المحلي في دول الاتحاد الأوروبي.

وقد تعهّد الائتلاف اليميني المتطرّف الحاكم، بزعامة ميلوني، خفض العجز العام إلى 3.3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2025، علماً بأن نسبته تقدّر هذه السنة بـ3.8 في المائة.

غير أن هذه التدابير تأتي في خضم نمو متباطئ، مع ارتفاع متوقع في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 0.5 في المائة فقط هذه السنة، وفق المكتب الوطني للإحصاء (إيستات).

وتتضمّن الموازنة خفض نسبة الضرائب المفروضة على الأسر التي تجني 28 ألف يورو في السنة من 25 إلى 23 في المائة، فضلاً عن توسيع نطاق الأشخاص المؤهّلين لتخفيض في الرسوم الاجتماعية أو الضريبية.

ويسعى حزب ميلوني اليميني المتطرّف «فراتيلي ديتاليا» إلى رفع معدّل الولادات الراكد في البلد. وتخصّص الموازنة الجديدة علاوة بقيمة ألف يورو لكل مولود جديد في الأسر التي يصل دخلها السنوي إلى 40 ألف يورو.

وبضغط من بروكسل وجمعيات حماية البيئة، تُقدم الحكومة الإيطالية في ميزانيتها الجديدة علاوةً قد تصل إلى مائة يورو أو مائتين للأسر التي تجني أقل من 25 ألف يورو، في مقابل اقتناء أجهزة منزلية فعّالة من حيث الطاقة.

وسيتسنّى للشركات التي تعزّز التوظيف، وتعيد استثمار جزء من أرباحها الاستفادة من تخفيض ضريبي من 24 إلى 20 في المائة، في تدبير جديد مموّل جزئياً من القطاع المصرفي الإيطالي الذي طُلب منه المساهمة في ميزانيتي عامي 2025 و2026، بقيمة إجمالية قدرها 3.4 مليار يورو. واتُّفق معه على تعليق الحسوم الضريبية لهاتين السنتين بغية توفير سيولة للدولة يعاد تسديدها في وقت لاحق.