«السلطة» تتهم إسرائيل بتحويل الضفة إلى ميدان للتدريب العسكري

يوم جمعة دامٍ وحافل بالصدامات

محتجون فلسطينيون خلال مظاهرات ضد الاستيطان في كفر قدوم بالضفة (إ.ب.أ)
محتجون فلسطينيون خلال مظاهرات ضد الاستيطان في كفر قدوم بالضفة (إ.ب.أ)
TT

«السلطة» تتهم إسرائيل بتحويل الضفة إلى ميدان للتدريب العسكري

محتجون فلسطينيون خلال مظاهرات ضد الاستيطان في كفر قدوم بالضفة (إ.ب.أ)
محتجون فلسطينيون خلال مظاهرات ضد الاستيطان في كفر قدوم بالضفة (إ.ب.أ)

في أعقاب يوم جمعة آخر حافل بالصدامات الدامية وقمع المسيرات السلمية، أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين في الحكومة الفلسطينية، بياناً أدانت فيه الاعتداءات الاحتلالية العسكرية والاستيطانية على المواطنين الفلسطينيين المسالمين، واتهمت الجيش بتحويل الضفة الغربية ومواقع فلسطينية أخرى إلى منطقة تدريب بالنيران الحية.
وقالت الوزارة إن «قوات الاحتلال حولت المخيمات والبلدات والمدن الفلسطينية وعموم الأرض الفلسطينية إلى ميدان للتدريب وتفريغ شحنات وثقافة الكراهية والعنصرية لكل ما هو فلسطيني؛ الأرض والإنسان والحجر والشجر». وحملت الوزارة «دولة الاحتلال وحكومتها وأذرعها المختلفة المسؤولية الكاملة والمباشرة عن تلك الانتهاكات التي ترتقي لمستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية». كما عبرت عن أسفها الشديد لحالة التراخي واللامبالاة الدولية تجاه تلك الجرائم، التي تجسد أفظع انتهاك لمبادئ حقوق الإنسان. وطالبت الوزارة المنظمات الحقوقية والإنسانية بتوثيق تلك الجرائم تمهيداً لرفعها للمحاكم الدولية المختصة، كما طالبت المنظمات والمجالس الأممية ذات العلاقة، خصوصاً المعنية بحقوق الطفل، برفع صوتها في وجه الجلادين الإسرائيليين، واتخاد ما يلزم من الإجراءات للضغط على سلطات الاحتلال لوقف استفرادها العنيف للشعب الفلسطيني، بما في ذلك مساءلة ومحاسبة مرتكبي تلك الجرائم ومن يقف خلفهم، وفرض عقوبات رادعة عليهم».
ولفتت الوزارة الفلسطينية إلى ما يحدث ببلدة العيساوية في القدس منذ ما يزيد على عام من عمليات قمع وبطش، وآخرها اعتقال فتى صغير واحتجازه لمدة طويلة وتقييده بالسلاسل وضربه وتوجيه الإهانات له وصعقه بمسدس كهربائي خلال اعتقاله. وقالت إن هذا الحادث يعكس بشاعة الاحتلال وتنكيله بكل ما هو فلسطيني.
وكان يوم أمس، شهد عشرات الصدامات بين الاحتلال والمستوطنين من جهة، والمواطنين الفلسطينيين من جهة أخرى. ففي طريق قلقيلية نابلس، أقام فلسطينيون حاجزاً أمام حركة المستوطنين، عقب دعوات لهم للتجمع على مفارق الطرق. وقال الناطق الإعلامي باسم حركة «فتح» في قلقيلية، مراد اشتيوي، إن لجان المقاومة الشعبية قطعت الطريق على المستوطنين الذين كانوا يدعون إلى تجمعات واستهداف الفلسطينيين وممتلكاتهم على الشوارع الرابطة بين المدن. فاعتدى الاحتلال عليها ووقعت مواجهات.
وتصدى أهالي قرية اللبن الشرقية جنوب نابلس، أمس (الجمعة)، لمحاولة عشرات المستوطنين اقتحام «خان اللبن» الواقع على شارع رام الله نابلس الرئيسي. واندلعت مواجهات بين الأهالي والمستوطنين الذين حظوا بحماية جنود الاحتلال. وهذه البلدة تتعرض بشكل مستمر لاعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين، وقبل أيام، هدمت جرافات الاحتلال عدة مبانٍ فيها.
كما اندلعت مواجهات بين شبان وقوات الاحتلال في بلدة سلواد، شرق رام الله، حيث اقتحمت قوات الاحتلال البلدة وأطلق الجنود الأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط وقنابل الغاز المسيل للدموع صوب الشبان، دون أن يبلغ عن إصابات. وفي قرية كفر قدوم شرق قلقيلية، أصيب ثلاثة شبان بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وستة شبان بالرصاص الإسفنجي والعشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال، التي جاءت لقمع المسيرة السلمية الأسبوعية. واندلعت مواجهات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والشبان في بلدة الخضر جنوب بيت لحم، إثر اقتحام البلدة. وأفاد شهود عيان بأن قوات من جيش الاحتلال معززة بوحدات خاصة اقتحمت منطقة البلوع في البلدة، وسيرت آلياتها في شوارع المنطقة، واقتحمت عدداً من المحلات التجارية، وقامت بتفتيشها، ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع الشبان، دون أن يبلغ عن أي اعتقالات أو إصابات.
وفي القدس، واصلت الشرطة الإسرائيلية منع آلاف الفلسطينيين من الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة، وذلك للأسبوع الخامس على التوالي. ووصل المئات من المصلين فقط إلى مسجد الأقصى الذي بدت ساحاته ومصلياته شبه خالية. وأوقفت الشرطة الإسرائيلية المصلين على مداخل البلدة القديمة، ومنعت من هم من غير سكانها من الوصول إلى المسجد لأداء الصلاة. وبررت الشرطة الإسرائيلية خطوتها بالقيود التي فرضتها الحكومة للحد من انتشار فيروس كورونا. وقد أدى بعض المصلين الذين مُنعوا من دخول البلدة القديمة، صلاة الجمعة قرب أسوار البلدة.



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.