«الوفاق» تلجأ إلى شركة ألمانية لحل أزمة انقطاع الكهرباء

فائز السراج خلال لقائه أمس وزير ماليته ورئيس ديوان المحاسبة (المجلس الرئاسي)
فائز السراج خلال لقائه أمس وزير ماليته ورئيس ديوان المحاسبة (المجلس الرئاسي)
TT
20

«الوفاق» تلجأ إلى شركة ألمانية لحل أزمة انقطاع الكهرباء

فائز السراج خلال لقائه أمس وزير ماليته ورئيس ديوان المحاسبة (المجلس الرئاسي)
فائز السراج خلال لقائه أمس وزير ماليته ورئيس ديوان المحاسبة (المجلس الرئاسي)

لجأ فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي في ليبيا، إلى شركة «سيمنس» الألمانية للتغلب على أزمة انقطاع التيار الكهرباء خلال فصل الصيف على وجه الخصوص، والتي تعاني منها مدن منطقة طرابلس بسبب تهالك الشبكة وتعرض بعض بنيتها للتدمير بسبب الحرب على العاصمة. كما بحث أمس مع وزير ماليته فرج بومطاري، ورئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك، تذليل العقبات التي تواجه مشروعات الكهرباء.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي أمس، إنه في «إطار الجهود المبذولة لإيجاد حلول عاجلة وفعالة لمشكلة الكهرباء، عقد السراج اجتماعاً مشتركاً عبر تقنية (فيديو كونفرنس) مع المسؤولين عن شركة «سيمنس» الألمانية، بمشاركة رئيس مجلس إدارة الشركة الدكتور كريستيان بروخ، وعدد من مديري الشركة، كما شارك رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء في ليبيا (جيكول) وئام العبدلي، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق على «خطة عاجلة للتغلب على مشكلة الكهرباء خلال فضل الصيف».
وعرض السراج عددا من المطالب، التي وصفها بـ«الملحة»، مشدداً على أهمية «المساعدة في التخفيف من حدة أزمة الكهرباء خلال فترة الذروة الصيفية المقبلة». وقال إنها «خطوط عريضة يُترك للخبراء والفنيين الخوض في تفاصيلها»، لكنه عبر عن رغبته في أن تتعدى الشراكة بين «سيمنس» والشركة العامة للكهرباء في ليبيا حدود العلاقة التقليدية بين المالك والمقاول، إلى علاقة «تكافل وتكامل يمكن من خلالها المساعدة في نقل التقنية، وتطوير قدرات الشركة المحلية سواء بشرياً أو تقنياً». وطرح السراج ثلاثة عناصر لتحقيق هذه الشراكة أولها، وضع وتنفيذ برنامج تدريبي لتكوين فرق من مهندسين ليبيين، مجازين من شركة «سيمنس» في أعمال الصيانة والعمرات، بالإضافة إلى وضع آلية يمكن من خلالها توفير المتطلبات الفنية الطارئة (من خدمات وقطع غيار)، دون خضوعها للروتين والإجراءات التقليدية، وثالث هذه العناصر تقديم دعم فني لقسمي الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة طرابلس.
كما تطرق السراج إلى تاريخ العلاقة مع شركة «سيمنس»، التي قال إنها تمتد لعقود، وقال إنّها علاقة شراكة قوية حققت نتائج مهمة، من بينها التوقيع على اتفاقية الصيانة والتنفيذ لعدد من المشروعات في ليبيا.
من جانبه، اعتبر رئيس مجلس إدارة «سيمنس»، وفقا لبيان المجلس الرئاسي، ليبيا «شريكاً فعالاً ومهماً لشركته»، كما أبدى بروخ الاستعداد للتعاون المشترك للتخفيف من حدة مشكلة الكهرباء الصيف المقبل. وتعاني مدن الغرب الليبي من أزمات انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر خلال فصل الصيف، لمدد تصل إلى 17 ساعة في اليوم، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات أمام مقر الشركة العامة للكهرباء، والمجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» في طرابلس. واضطر السراج أمام هذه الأزمة إلى إعادة تشكيل مجلس إدارة جديد للشركة العامة للكهرباء.
وعقب اتفاق السراج مع الشركة الألمانية، اجتمع السراج مع بومطاري وشكشك والعبدلي لبحث إمكانية إيجاد آليات عمل، تعجل بتوفير المتطلبات المالية، وتذليل العقبات أمام برامج تغطية العجز في إمدادات الكهرباء، وخطط زيادة القدرة الإنتاجية، والإسراع بتنفيذ المشروعات الخاصة بالإصلاح والصيانة، «للتغلب ولو جزئياً على مشكلة انقطاع الكهرباء، والتخفيف من حدتها خلال فصل الصيف المقبل».
وكانت الشركة العامة للكهرباء قد أعلنت أكثر من مرة أن وضع الشبكة «حرج جداً»، مما يتطلب «ضرورة تعاون جميع المدن والمناطق في عملية طرح الأحمال». لكنها كشفت عن «كثير من المواطنين يرفضون ذلك ويستخدمون السلاح لمنع طرح الأحمال في مناطقهم».



خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
TT
20

خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)

برغم فشل غالبية مشاريع خدمة التوصيل في العاصمة اليمنية صنعاء بسبب غلاء المعيشة، فإن الطلب عليها لم يتوقف، ويستمر مئات الشباب في تقديمها خصوصاً في شهر رمضان، وتشهد الشوارع المزدحمة قبيل مغرب كل يوم سباقاً مع الوقت يخوضه الشباب العاملون في هذه الخدمة، معرضين حياتهم للخطر.

وغالباً ما تتسبب الدراجات النارية بالكثير من الحوادث المرورية في شوارع صنعاء، ويرفع العاملون في خدمة التوصيل منسوب هذه الحوادث نتيجة رغبتهم في توصيل أكبر عدد من الطلبات لزيادة مداخيلهم، والاستجابة لإلحاح زبائنهم المطالبين بسرعة وصول الوجبات من المطاعم ومستلزمات الوجبات المنزلية من الأسواق.

ويذكر عمار سعيد، وهو عامل توصيل على دراجة هوائية، أن عمله في هذه المهنة يتطلب هدوء أعصاب وتركيزاً شديداً وقدرة على الصبر والتحمل.

ويبين سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية زبائنه يطلبون وصول الطعام بأقصى سرعة، ويستعجلونه خلال تنقلاته بإلحاح شديد وتذمر، ما قد يفقده التركيز أثناء قيادة دراجته، وكثيراً ما يكون مضطراً لتوصيل أكثر من طلب في الوقت نفسه في اتجاهات مختلفة.

عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)
عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)

وكانت خدمة التوصيل في العاصمة صنعاء ومدن أخرى قد شهدت ازدهاراً كبيراً منذ 5 أعوام بسبب حائجة كورونا (كوفيد 19) وما تسببت به من عزوف عن الاختلاط والخروج من المنازل، وهو ما دفع بعدد من المستثمرين إلى إنشاء شركات توصيل تستخدم تطبيقات على الهواتف المحمولة.

ويكشف مقيمون في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنه، وبرغم إيقاف العديد من شركات التوصيل نشاطها وتسريح العاملين فيها خلال الأعوام الماضية، فإن الخدمة ذاتها لم تتوقف، بل تشهد تزايداً نسبياً من خلال طلب العائلات والأفراد لها من شبان يتعاملون معهم باستمرار، إلى جانب توظيف المطاعم الكبيرة لعمال توصيل.

ثراء غير متوقع

يستغرب الكثير من المتابعين للوضع في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ظهور وانتشار خدمة التوصيل، في حين يعاني غالبية السكان من أوضاع معيشية صعبة ومعقدة، ولا يملكون القدرة على شراء الطعام من المطاعم، ناهيك عن دفع المزيد من الأموال مقابل خدمة توصيله.

المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)
المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)

وبحسب هؤلاء، فإن العاصمة صنعاء تشهد اتساع رقعة البطالة وإغلاق العديد من الشركات التجارية وهروب أصحاب الأموال والاستثمارات، ولم يتبقَّ فيها إلا من لا يستطيع المغادرة لعدم مقدرته على ذلك، أو من لا يخشى على نفسه وممتلكاته من ممارسات الجماعة الحوثية.

إلا أن الباحث الاقتصادي اليمني عادل شمسان يشير إلى أن الإقبال على طلب خدمة التوصيل يأتي بسبب نشوء فئة واسعة تمكنت من الإثراء مستفيدة من الانقلاب والحرب، وهي الفئة التي تسيطر مظاهر ثرائها على المشهد في صنعاء من خلال ظهور أنواع جديدة من السيارات الفارهة والقصور الكبيرة وزيادة النشاط العمراني، مقابل اتساع دائرة الفقر والفاقة.

ويوضح شمسان لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الفئة الجديدة نشأت من خلال أعمال النهب المنظم، أو العشوائي، لموارد المؤسسات العامة وأعمال الجباية والإتاوات المفروضة على غالبية السكان، وابتزاز الشركات التجارية ورجال الأعمال والمستثمرين، وتكوين طبقة من المستثمرين الطفيليين الذين سعوا للإثراء من خلال الأموال المنهوبة أو بالشراكة الإجبارية مع أصحاب رؤوس الأموال.

شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)
شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)

ويرى مراقبون للشأن اليمني في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية أن هناك فئة أخرى تمكنت من الإثراء من خلال العمل أو النشاط في تقديم المساعدات الإغاثية، سواء مع المنظمات الدولية والأممية أو المحلية، وهو النشاط الذي يشهد فساداً واسعاً بحسب العديد من التقارير.

أطعمة جديدة

يعدّ انتشار خدمة التوصيل في صنعاء أمراً لافتاً، كون الأوضاع المعيشية فيها لا تؤهل لذلك، إلى جانب أن المطاعم الشعبية منتشرة في كل الشوارع والأحياء وبالقرب من جميع المساكن تقريباً، في حين يفضل غالبية السكان إعداد الطعام في المنازل.

تقول لبنى عقلان، وهي طبيبة أسنان، إنها وحتى سنوات قليلة مضت، لم تكن تطلب هذه الخدمة كما هي عليها الآن، وكانت تكتفي بالاتصال الهاتفي إلى الكافتيريا الموجودة في نفس البناية التي تقع فيها عيادتها لطلب الطعام، فيقوم أحد العاملين بإيصاله خلال دقائق معدودة.

انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)
انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)

لكن الأعوام الأخيرة شهدت، بحسب حديث عقلان لـ«الشرق الأوسط»، افتتاح مطاعم تقدم وجبات جديدة ومميزة، وهو ما يغري بطلب إيصالها بسبب ازدحام أوقات العمل وعدم القدرة على التنقل إليها والعودة بسرعة.

أما عصام شرف، وهو اسم مستعار لمعلم فيزياء في إحدى كبريات مدارس العاصمة صنعاء، فيلفت إلى أن طلبات توصيل الطعام تعدّ رفاهية لا يحصل عليها سوى من يملكون القدرة على ذلك، وقد حظي بها بسبب عملها في تقديم الدروس الخصوصية.

الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)
الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)

ووفق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، فإن الطلاب الذين يقدم لهم الدروس الخصوصية، وغالبيتهم من عائلات ثرية، يطلبون الطعام لهم وله خلال جلسات الدراسة، فيحصل على وجبات لم يكن يفكر حتى بها بسبب أسعارها المرتفعة، وأحياناً يأخذ ما تبقى منها لعائلته في المنزل.

وتساعد مشاريع إعداد الطعام بالمنازل في استمرار خدمة التوصيل، حيث يعتمد أصحاب هذه المشاريع، وأغلبهم من النساء، على شبان يعملون على دراجات نارية أو هوائية في توصيل الطعام إلى الزبائن.