استهداف جديد لمطار بغداد... وواشنطن تخصص 20 مليون دولار لحماية «الخضراء»

مراقبون لا يجدون فرقاً بين «الأحزمة الناسفة» و«الكاتيوشا»

جانب من عزاء أمس بمقتل عراقيين في بغداد (أ.ف.ب)
جانب من عزاء أمس بمقتل عراقيين في بغداد (أ.ف.ب)
TT

استهداف جديد لمطار بغداد... وواشنطن تخصص 20 مليون دولار لحماية «الخضراء»

جانب من عزاء أمس بمقتل عراقيين في بغداد (أ.ف.ب)
جانب من عزاء أمس بمقتل عراقيين في بغداد (أ.ف.ب)

بعد يومين من تفجيرين بأحزمة ناسفة تحمل «داعش» مسؤوليتهما، وسط بغداد، وأسفرا عن عشرات الجرحى والقتلى، شنت الفصائل المسلحة المتهمة بموالاتها لإيران هجمات صاروخية على مطار بغداد الدولي، أمس، الأمر الذي نظر إليه مراقبون على أنه أعمال «متشابهة تهدف إلى تقويض الدولة، وإلحاق الأذى بالمدنيين».
وفي الأثناء، أعلنت سفارة واشنطن في بغداد عن تقديم 20 مليون دولار أميركي لحماية المنطقة (الدولية - الخضراء) التي تتعرض من سنوات وأشهر طويلة لهجمات صاروخية.
وفي حين تؤكد منصات إعلامية تابعة للفصائل المسلحة إصابة قاعدة «فيكتوريا» العسكرية، وثكنة أميركية داخلها، نفت خلية الإعلام الأمني الحكومية ذلك، وأكدت سقوط الصواريخ في منطقة سكنية، من دون خسائر بشرية.
وقالت الخلية، في بيان، إن «3 صواريخ أطلقت باتجاه مطار بغداد الدولي في ساعة متأخرة من ليلة أمس (الجمعة)». وأضافت أن «صاروخين سقطا خارج المطار، والثالث سقط على دار مواطن في منطقة حي الجهاد، مما أدى إلى حدوث أضرار مادية، دون تسجيل خسائر بشرية».
ومثلما حدث في مرات سابقة، من دون أن تتمكن من إيقافها حتى الآن، توعدت قيادة العمليات المشتركة بملاحقة مطلقي الصواريخ ومحاسبتهم. وقال الناطق باسمها، اللواء تحسين الخفاجي، في تصريحات، إن «هناك جهداً استخباراتياً مكثفاً لجمع المعلومات عن منفذي الهجمات في بغداد وبقية المحافظات الأخرى». وأضاف: «لن نسمح بتكرار الاعتداءات على غرار قصف مطار بغداد».
وبدورها، أكدت سلطة الطيران المدني، أمس، أن حركة الطيران في مطار بغداد الدولي طبيعية. وقال المتحدث باسم سلطة الطيران المدني، جهاد كاظم، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية، إن «الوضع طبيعي في المطار، وحركة الطيران طبيعية في بغداد».
وفيما يبدو رداً على الاستهدافات المتكررة للمنطقة الخضراء في بغداد التي تضم مقار الحكومة والسفارات الأجنبية، وضمنها سفارة واشنطن، أعلنت الأخيرة، أمس، عن تخصيص نحو 20 مليون دولار لدعم الحكومة العراقية في تأمين ما سمتها «المنطقة الدولية».
وقالت السفارة، في بيان، إن «الولايات المتحدة خصصت ما يقارب 20 مليون دولار أميركي لدعم الحكومة العراقية في تأمين المنطقة الدولية. وهذا الدعم يشمل تمويل فريق من المهندسين المدنيين لإجراء دراسة استقصائية شاملة لنقاط الدخول الحالية إلى المنطقة الدولية، ووضع خطط لبوابات جديدة». وطبقاً للبيان، فإن كبير مسؤولي الشؤون الدفاعية في سفارة الولايات المتحدة «قدم التقرير النهائي من فريق المسح إلى اللواء الركن حامد مهدي الزهيري، قائد الفرقة الخاصة المسؤولة عن أمن المنطقة الدولية (الخضراء). ويمثل هذا التسليم إنجازاً مهماً لتأكيد المشروع التعاوني الجاري حالياً لتعزيز أمن المنطقة الدولية ببغداد، وتأمين مقر الحكومة العراقية».
وتعليقاً على هجمات الأحزمة الناسفة والصواريخ في بغداد خلال اليومين الأخيرين، رأى رئيس «مركز التفكير السياسي»، الدكتور إحسان الشمري، أن «هدفهما واحد، وهو تقويض صورة الدولة ومؤسساتها، وتهديد أمن المواطنين العاديين».
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجماعات التي تقف وراء هجمات الأحزمة والصواريخ تهدف إلى إثبات قوتها، عبر إرباك الأوضاع من خلال استهدافها للناس العاديين أو المنطقة الخضراء، والمصالح الغربية والأميركية في العراق».
ويضيف الشمري أن «ثمة شعوراً عميقاً يتبلور لدى غالبية العراقيين، هو أن غياب الدولة وعمليات الردع يتيح للجماعات المسلحة بمختلف أنواعها مواصلة أفعالها المنافية للدستور والقانون. وقد باتت الناس تضع تلك الجماعات في خانة واحدة، هي خانة الأفعال الإجرامية الخارجة عن القانون».
ويتفق الأكاديمي ستار الواسطي حول أوجه الشبه بين جماعات الصواريخ والأحزمة الناسفة، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «كل الأعمال العسكرية والإرهابية بمختلف أشكالها تندرج ضمن مفاهيم الإخلال بالأمن، والاستهداف المتعمد للأبرياء».
ويضيف أن «الصواريخ التي تطلق صوب المنطقة الخضراء تسقط على منازل تؤذي الأبرياء، مثلما تفعل هجمات (داعش)».
ويعتقد الواسطي أن «هذه النوع من الأعمال يستهدف استقرار العراق، سياسياً وأمنياً، خاصة حين يتعلق الأمر باستهداف البعثات الدبلوماسية والسفارات والمصالح الأجنبية؛ المشكلة أن تلك الأعمال تجد لها غطاء من قبل جهات سياسية معروفة التوجه».
ويرى أن «هجمات الصواريخ وغيرها من أعمال الإرهاب تضع الحكومة أمام الشعب والعالم بموقف محرج؛ في تصوري أن حكومة الكاظمي غير قادرة على تجاوز ذلك إلا من خلال تفاهمات دولية وإقليمية وسياسية».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.