وزير الخارجية الأفغاني: اتفاق وقف النار يبرئ «طالبان» من العنف

قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن بلاده طلبت من السعودية المشاركة بدعم السلام

وزير الخارجية الأفغاني خلال حواره مع «الشرق الأوسط» (تصوير: بشير صالح)
وزير الخارجية الأفغاني خلال حواره مع «الشرق الأوسط» (تصوير: بشير صالح)
TT

وزير الخارجية الأفغاني: اتفاق وقف النار يبرئ «طالبان» من العنف

وزير الخارجية الأفغاني خلال حواره مع «الشرق الأوسط» (تصوير: بشير صالح)
وزير الخارجية الأفغاني خلال حواره مع «الشرق الأوسط» (تصوير: بشير صالح)

شدد محمد حنيف أتمر وزير خارجية أفغانستان على أهمية الدور السعودي في دفع عملية السلام ببلاده، وقال حنيف إنه طلب خلال لقائه نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، مشاركة السعودية بثقلها للقيام بدور يمكن بلاده من تحقيق عملية السلام وإيقاف إطلاق النار.
وأشار حنيف خلال حوار مع «الشرق الأوسط» إلى أن حكومة بلاده التزمت بجميع واجباتها تجاه «طالبان»، مطالباً الأخيرة بالالتزام بما عليها لإثبات حسن النية، مبيناً أن مؤتمر الدوحة بداية جيدة للمصالحة مع «طالبان»، لكنه غير كافٍ ويتطلب مشاركة دولية وإقليمية.
وتطرق الوزير الأفغاني إلى أنهم يرون ثقلاً كبيراً للدور الذي تقوم به رابطة العالم الإسلامي في دعم الاستقرار ببلاده، مشيراً إلى أنهم لا يريدون أن يصبحوا جزءاً من الصراعات الإقليمية، وأبدى حنيف تفاؤله نحو الإدارة الأميركية الجديدة، مؤكداً أن الملف الأمني الذي يشترك فيه البلدان مهم لدعم الاستقرار الدولي... وفيما يلي نص الحوار:
> ما أبرز نتائج زيارتكم الحالية إلى السعودية ولقاءاتكم بالمسؤولين فيها؟
- خلال هذه الزيارة التقيت عدداً من المسؤولين والوزراء وكذلك المنظمات الدولية، وبصورة عامة كانت اللقاءات مثمرة للغاية، وأسهمت أيضاً في تطوير علاقاتنا بأبعاد مختلفة، والسبب في أهمية مثل هذه الزيارة والنتائج الإيجابية والمتوقعة منها مكانة السعودية وأهميتها بالنسبة لنا، فالمملكة تحمل مكانة كبيرة لنا في أفغانستان وأكثر ثقة ودعماً لنا.
ونحن ممتنون جداً للاهتمام الخاص الذي يوليه خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وحرصهما على تقوية العلاقة مع بلادنا.
وتركزت الاجتماعات بصورة رئيسية على تعزيز التعاون الثنائي بيننا في عدة جوانب؛ منها تعاوننا السياسي والأمني والعلاقات الاقتصادية، وكانت الحوارات مثمرة وبناءة للغاية لمستقبل البلدين والشعبين.
> هل تطرقتم خلال اجتماعاتكم إلى سير المصالحة التي تجريها الحكومة الأفغانية مع «طالبان»؟
- نعم بالتأكيد، كنت حريصاً على ذلك، وتطرقت للمصالحة في اجتماعي مع الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية، وكذلك في لقائي الآخر مع أمين رابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى، وكان التركيز الرئيسي أيضاً خلال لقائي مع الأمير فيصل بن فرحان على عملية السلام، لأننا نؤمن بمكانة وأهمية السعودية على المستوى الإقليمي والدولي وفي العالم الإسلامي بلا شك.
> كيف ترون الجهود السعودية في دعم أفغانستان؟
- بلا شك هي كبيرة، وكون المملكة تحظى باحترام كبير في أفغانستان وفي العالم الإسلامي، متأكدون من دورها البناء وحرص القيادة السعودية على دفعه للإمام، لا سيما في عملية السلام التي تعد مهمة للغاية في ظل أن للبلدين مصلحة مشتركة في عملية السلام، لأنها ستسهم أيضاً في إزالة الإرهاب من المنطقة.
> ما الدور المرتقب مع الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس جو بايدن؟
- لدى الولايات المتحدة وأفغانستان مصالح مشتركة، لا سيما في تحقيق الأمن، واستناداً إلى هذه المصلحة المشتركة، وقعت الولايات المتحدة في أفغانستان اتفاقيات ملزمة للطرفين كاتفاقية التعاون الاستراتيجي، والاتفاقية الأمنية الثنائية استناداً إلى المصالح والاتفاقيات نفسها على مدار 19 عاماً تقريباً مع الولايات المتحدة وأفغانستان، بالإضافة إلى شركائنا الآخرين، خصوصاً الشركاء الأوروبيين في حلف الناتو والشركاء الإقليميين الآخرين بقيادة السعودية.
ونحن نتطلع بشدة للمشاركة البناءة مع أميركا، ونتفهم أن الرئيس الأميركي جو بايدن سيكون مشغولاً جداً في البداية بالقضايا المحلية خصوصاً جائحة كورونا، لكن تصريحات كبار المسؤولين من الإدارة الجديدة كانت مشجعة لنا، لأننا نتطلع إلى زيادة تعزيز تعاوننا مع الولايات المتحدة.
> يوجد قادة من الإرهابيين على أرض أفغانستان، فما الدور الذي تقوم به لمحاربة الإرهابيين في بلدك؟ وما مدى تعاونك مع دول أخرى؟
- تحاول عدد من الشبكات الإرهابية حول العالم تحويل أفغانستان إلى معقل لها لمهاجمة دول أخرى، ولقد فعلوا ذلك قبل 11 سبتمبر (أيلول)، وفكرتهم بعد ذلك بعد سقوط «طالبان» كانت إعادة تأسيس وجودهم في أفغانستان حتى يتمكنوا من متابعة أجندتهم الإرهابية السياسية في أماكن أخرى من العالم الإسلامي وعلى المستوى الدولي أيضاً، وعلى مدى السنوات الـ19 الماضية كنا نحارب بقوة حتى لا نسمح لهم بتأسيس مثل هذا الوجود.
> ما الوضع حالياً في أفغانستان فيما يتعلق بمحاربة الجماعات الإرهابية؟
- هناك أكثر من 20 مجموعة إرهابية دولية وإقليمية نحاربها حالياً ولا نسمح لها بإثبات وجودها، وهذا يشمل أيضاً القاعدة الأعلى و«تي تي بي» وكذلك «داعش» وبقية الجماعات الإرهابية، لذا فإن تعاوننا في محاربة هؤلاء الإرهابيين كان متعدد الأوجه.
> هل تتوقع أن تكون مفاوضات الدوحة فرصة لإنهاء 40 عاماً من الحرب مع «طالبان»؟
- إنها مبادرة مهمة لفتح الباب للمفاوضات، ولدينا الآن الجولة الثانية من المفاوضات، لكننا نأمل أن يتم دعم هذه المفاوضات إقليمياً ودولياً، لأن المفاوضات بمفردها لا تكفي وسيكون من الصعب تحقيق الأهداف المرجوة، ولكن إذا كان هناك دعم وضمانة دولية قوية، فنحن نأمل أن يحقق الهدف المعلن.
> وماذا عن مدى التزام «طالبان» بالاتفاقات بينكما؟
- قدمت «طالبان» عدداً من الالتزامات في اتفاقها مع الولايات المتحدة، وكان أول التزام تعهدوا به هو قطع العلاقات مع الإرهاب الدولي بما في ذلك العلاقات الخارجية، والثاني وقف إطلاق النار والحد من العنف، والثالث هو التوصل إلى تسوية سياسية مع أفغانستان.
من جانبنا، أوفت الحكومة الأفغانية بالفعل بالتزاماتها، إذ رغبوا بالإفراج عن خمسة آلاف من سجنائها، ولبينا تلك الرغبة وأطلقنا سراح أكثر من 6 آلاف شخص، وكل الالتزامات التي طلبتها منا «طالبان» التزمنا ووفينا بما علينا، والآن على «طالبان» أن تثبت للشعب الأفغاني وللمجتمع الدولي أنهم يوفون بوعودهم والتزاماتهم التي وقعوا عليها.
> هل هناك آلية واضحة متفق عليها مع «طالبان» لدفع البلاد إلى الحد من العنف وإنجاز ما يطلبه الشعب؟
- لم يتم الاتفاق على برنامج تسوية حتى الآن، لكن الاتفاق الوحيد هو بين «طالبان» والولايات المتحدة، وفي ذلك الاتفاق.
لقد قدمت «طالبان» تلك الالتزامات؛ لذلك نأمل الآن أن تؤدي المفاوضات إلى اتفاق سياسي بين «طالبان» وأفغانستان، وهذا الاتفاق السياسي سوف يوضح الترتيبات الخاصة بالسلام من أجل التكامل السياسي للمساعدة الاقتصادية وإعادة دمج اللاجئين، وأولئك الذين عادوا إلى أفغانستان مؤخراً.
> شهدت كابل مؤخراً عدداً من التفجيرات والاغتيالات... هل تتوقعون أن لتخفيض القوات الأميركية تأثيراً في هذه الأحداث؟
- لا يتعلق الأمر بخفض القوات بسبب تقليص القوات الأميركية وإن كانت مشروطة بتخفيض «طالبان» للعنف، لكن كان المنتظر أنه في حال تقليص القوات الأميركية لقواتها أن «طالبان» ستقوم بدورها أيضاً في إيقاف العنف، لكن «طالبان» لم تفعل ذلك، بل عندما تحدث أي حالات عنف تتنكر «طالبان» لذلك الفعل، وتوجه الاتهام لجهات أخرى، ونحن نتساءل: إذا لم تكونوا أنتم الفاعلون فلماذا لا توافقون على عملية وقف إطلاق النار؟ والحقيقة من جانبنا في الحكومة الأفغانية نرى أن الاتفاق على وقف إطلاق النار هو أفضل دليل على أن «طالبان» لا تريد العنف وليست مسؤولة عن مستوى العنف الحالي في البلاد.
> كيف ترون رأي بعض المهتمين بالشأن الأفغاني والقلق حول عودة عدد من المجندين من «لواء فاطميون» المدعوم من إيران إلى أفغانستان؟
- لا شك أن عودتهم بالتوجهات نفسها ستكون بالتأكيد مزعزعة للاستقرار في أفغانستان وفعلوا الشيء نفسه. دستور أفغانستان وقوانينه لا يسمحان للأفغان بالقتال تحت أي راية غير راية البلاد.
لقد دعونا جميع شركائنا في المنطقة للمساعدة في عملية السلام بأفغانستان، فنحن لا نريد أن نصبح جزءاً من الصراعات الإقليمية أو مشاكل البلدان الأخرى، فلدينا كثير من التحديات، لذلك نرى أنه تنبغي مساعدة الأفغان في تحقيق السلام وعدم الانجرار إلى الصراعات. لذلك أنا سعيد لأن الإجماع آخذ في الظهور وأن إيران تساعد أيضاً في عملية السلام بأفغانستان.
> ماذا عن استضافة طهران عدداً من عناصر «طالبان»؟ هل تؤثر في عملية السلام داخل أفغانستان؟
- لقد طلبنا من إيران وباكستان وكل الدول الأخرى التي لها علاقات مع «طالبان» أن تستغل ذلك في دعم الاستقرار في بلادنا ولتعزيز السلام، وآمل أن يكون هذا هو الحال لدعم عملية السلام، فبغير ذلك لا شك أن الأمور ستزيد صعوبتها.
> ما الأدوار التي تقومون بها من أجل اللاجئين الأفغان وكذلك المواطنين في الداخل؟
- نحن نقوم بعدد من الجهود بمساعدة الأشقاء، وبعض الأفغان لاجئون في كل من باكستان وإيران، وربما تكون المشكلة هي عودة اللاجئين، ونود بشدة إعادتهم إلى بلدنا من خلال برنامج تدريجي لإعادة الإدماج حتى يمكن مساعدتهم وإعادة دمجهم بالكامل في مجتمعاتهم، كذلك لدينا مشروع تعليمي يتعلق بالمنح الدراسية، ولقد التقيت يوم أمس بوزير التعليم السعودي الدكتور حمد ال الشيخ وقد عرض علينا زيادة المنح الدراسية لأفغانستان، وأنا أرحب بشدة بأن هذه أخبار سارة جداً للشعب الأفغاني، خصوصاً أن السعودية هي واحدة من أكبر مقدمي المنح الدراسية التي تحصل على أشياء جيدة.



العرب يعقدون «الوزاري السيبراني» الأول… والرياض مقراً للمجلس

صورة تذكارية لوزراء الأمن السيبراني العرب خلال اجتماعهم الأول في العاصمة السعودية الرياض (وام)
صورة تذكارية لوزراء الأمن السيبراني العرب خلال اجتماعهم الأول في العاصمة السعودية الرياض (وام)
TT

العرب يعقدون «الوزاري السيبراني» الأول… والرياض مقراً للمجلس

صورة تذكارية لوزراء الأمن السيبراني العرب خلال اجتماعهم الأول في العاصمة السعودية الرياض (وام)
صورة تذكارية لوزراء الأمن السيبراني العرب خلال اجتماعهم الأول في العاصمة السعودية الرياض (وام)

احتضنت العاصمة السعودية الرياض، الاثنين، الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني، وذلك بحضور المسؤولين المعنيين بمجال الأمن السيبراني في الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.

وشهد الاجتماع توقيع «اتفاقية المقر» وبموجبه تكون الرياض مقراً دائماً لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، وشدّد ‏المهندس ماجد المزيد، محافظ «هيئة الأمن السيبراني» السعودية، على أن ترحيب القادة بإنشاء مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، يأتي تأكيداً لأهمية الأمن السيبراني في صناعة التنمية والرخاء والاستقرار، فضلاً عن كونه ركناً أصيلاً في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليّين، مشيراً إلى حرص القادة العرب على أهمية تعزيز التعاون العربي المشترك في هذا القطاع.

وافتتح أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أعمال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، وثمّن جهود السعودية «التي بادرت بإنشاء هذا المجلس المهم»، وأضاف: «في هذا الوقت بالتحديد الذي يشهد العالم فيه تحديات وتهديدات مربكة في مجال المعلوماتية والأمن السيبراني، مما يجعل العمل العربي الجماعي الوسيلة المثلى لبناء نظام متين نقف فيه كعرب معاً في هذه الجبهة الخطيرة».

وأشاد المتحدث باسم الأمين العام، بـ«جهود السعودية ومبادرتها الرائدة لإنشاء هذا المجلس المهم»، معرباً عن تطلّعه إلى أن يمثل المجلس الجديد «إضافةً نوعية لمنظومة العمل العربي المشترك، بما يعكس سعي الدول العربية في مواكبة ما يشهده قطاع التكنولوجيا من تحولات وتطورات متسارعة في السنوات الأخيرة».

وأوضح جمال رشدي، المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن السنوات الأخيرة شهدت اهتماماً وتركيزاً من الجامعة العربية وأجهزتها ومجالسها المتخصصة على بعض الملفات المرتبطة بتطورات ومتطلبات العصر الحديث، مثل قضايا التغير المناخي والاقتصاد الرقمي والأمن السيبراني، وتابع «هذا الاهتمام والجهد الذي بُذل، نتج عنه كثير من الأفكار والمقررات التي جرى تبنيها واعتمادها على مستوى القادة في أكثر من مناسبة».

ورأى رشدي أن ذلك «يُساعد المجلس الجديد على الاستفادة من مخزون الخبرات العربية المتراكمة في هذا المجال»، بالإضافة إلى البناء على الأفكار والمقررات الصادرة عن الأجهزة والمجالس المتخصصة، لتأسيس إطار عربي موحد لمكافحة الجرائم الإلكترونية وحماية الفضاء السيبراني العربي. على حد وصفه.

من جانبه نوّه المهندس عبد الرحمن آل حسن، نائب محافظ الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في السعودية، بالتفاعل الكبير من الدول العربية للمشاركة في أعمال المجلس، وتوقيع اتفاقية المقر مع جامعة الدول العربية، مشيراً إلى عزم بلاده على مواصلة هذه الجهود بما يحقق النمو والازدهار للمنطقة العربية.

وشهد الاجتماع، توقيع «اتفاقية المقر» بين السعودية وجامعة الدول العربية، لتكون العاصمة السعودية الرياض مقراً لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، وتعيين الدكتور إبراهيم الفريح أميناً عاماً للمجلس لمدة خمس سنوات. كما ناقش الاجتماع ضمن جدول أعماله عدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بين الدول العربية، على غرار إعداد الاستراتيجية العربية للأمن السيبراني، وإقامة التمارين السيبرانية المشتركة، ومجموعة من أوراق العمل المقدمة من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، بهدف تعزيز التعاون في مجال الأمن السيبراني على المستوى العربي.

كان قادة الدول العربية قد اعتمدوا النظام الأساسي لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الـ33، الذي انعقد في العاصمة البحرينية المنامة، في مايو (أيار) الماضي، ورحب مجلس الجامعة بمبادرة السعودية بإنشاء مجلس وزاري يختص بشؤون الأمن السيبراني، وتضمّن النظام الأساسي للمجلس أن يعمل تحت مظلة مجلس الجامعة، ويتخذ من مدينة الرياض في السعودية مقراً دائماً له، ويكون للمجلس أمانة عامة ومكتب تنفيذي في دولة المقر.