الخرطوم تبدأ تحركات دبلوماسية لدفع مفاوضات سد النهضة

عبّرت عن عدم رضاها عن دور الاتحاد الأفريقي

الخرطوم تبدأ تحركات دبلوماسية لدفع مفاوضات سد النهضة
TT

الخرطوم تبدأ تحركات دبلوماسية لدفع مفاوضات سد النهضة

الخرطوم تبدأ تحركات دبلوماسية لدفع مفاوضات سد النهضة

شرع السودان في تحركات دبلوماسية مكثفة لتحريك مفاوضات سد النهضة المتعثرة، بغية حشد دعم إقليمي ودولي لموقفه، مؤكداً أنه لن يقبل بسياسة الأمر الواقع التي تهدد منشآته المائية ومواطنيه على النيل الأزرق، في إشارة إلى إعلان إثيوبيا مواصلة الملء الثاني للسد في يوليو (تموز) المقبل، دون التطرق لاتفاق بين الدول الثلاث.
وعقد وزير الري السوداني، ياسر عباس، لقاءات منفصلة مع سفراء المملكة المتحدة وفرنسا وروسيا لدى الخرطوم، أطلعهم خلالها على تطورات المفاوضات وموقف بلاده الداعي لحل الخلافات عبر الحوار والتفاوض الجاد، فيما يعتزم مسؤولون سودانيون القيام بجولة في عدد من دول المنطقة لشرح موقف بلادهم من الملف.
وأكد السفير البريطاني، عرفان صديق، أن بلاده تتفهم موقف السودان بشأن مفاوضات سد النهضة، ووعد بدعم الملف للوصول إلى اتفاق مرض للدول الثلاث.
ولوحت الخرطوم باللجوء إلى خيارات بديلة بسبب تعثر المفاوضات الثلاثية التي جرت خلال الأشهر الستة الماضية.
وكانت اللجنة العليا لمتابعة ملف سد النهضة، بحثت ليلة أول من أمس، المخاطر المترتبة للملء الثاني لسد النهضة، وأثره على سلامة وتشغيل سد (الروصيرص) والمنشآت المائية الأخرى في البلاد. وأكدت اللجنة التي يرأسها، رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، أن السودان لا يقبل بفرض سياسة الأمر الواقع وتهديد سلامة 20 مليون مواطن سوداني تعتمد حياتهم على النيل الأزرق.
ولا يخفي كثير من المسؤولين السودانيين، عدم الرضا عن وساطة الاتحاد الأفريقي، التي لم تحرز تقدما يذكر منذ توليه الملف، إلى جانب الصعوبات التي تواجهه في إقناع الأطراف الأخرى بالاستجابة لمطلب السودان بمنح الخبراء الأفارقة دورا أكبر لتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث.
وقال مصدر مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، فضل حجب اسمه، إن الدول الثلاث متوافقة حول ضرورة الوصول إلى اتفاق بشأن سد النهضة، لكن هنالك بعض العقبات التي تقف في طريق تحقيق ذلك. وأضاف المسؤول السوداني، أن الظروف الداخلية التي تعيشها إثيوبيا، واقتراب إجراء انتخابات عامة في البلاد، لا يمكنان الحكومة الإثيوبية من التوقيع على الاتفاق على الأقل في الوقت الراهن. وأشار إلى أن مصر تسعى لاتفاق يضمن عدم تضررها في فترات الجفاف والجفاف الشديد، وعدم قيام إثيوبيا بإنشاء مشاريع مستقبلية على النيل الأزرق دون موافقتها. وأوضح أن موقف السودان ثابت على ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني وملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة يحفظ ويراعي مصالح الأطراف الثلاثة، وأنه يسعى إلى ذلك من خلال إعطاء الخبراء الأفارقة لتسهيل المفاوضات.
وقال المسؤول إن المقصود بتلويح السودان بخيارات أخرى هو تحركات دبلوماسية في الإقليم وعلى مستوى الدول الكبرى، إلى جانب الاتصالات الثنائية مع دولتي إثيوبيا ومصر، مضيفا أن هذه التحركات تشكل ضغطا إيجابيا يساهم في تجاوز الخلافات بين الدول الثلاث. وأكد أن بلاده لا تمانع من أي مقترحات تقدم بشأن تدعيم الخبراء الأفارقة الذين اختارهم الاتحاد الأفريقي، للقيام بدور الميسر لتجسير الخلافات حول القضايا العالقة.
وتقود دولة الإمارات مبادرة لتقريب وجهات النظر بين السودان ومصر وإثيوبيا لكسر جمود مفاوضات سد النهضة الإثيوبي. كما احتضنت واشنطن في مارس (آذار) 2020 جولات مفاوضات سد النهضة التي حسمت أكثر من 90 في المائة من القضايا الخلافية، وكادت تصل إلى اتفاق كامل لولا تراجع إثيوبيا في الجولة الأخيرة ورفضها التوقيع على مسودة الاتفاقية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.