«الأمم المتحدة» تناقش قضية ازدراء الأديان بطلب من السعودية

إثر إعادة مجلة «شارلي إيبدو» نشر رسوم مسيئة للرسول

«الأمم المتحدة» تناقش قضية ازدراء الأديان بطلب من السعودية
TT

«الأمم المتحدة» تناقش قضية ازدراء الأديان بطلب من السعودية

«الأمم المتحدة» تناقش قضية ازدراء الأديان بطلب من السعودية

قرر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، مناقشة قضية ازدراء الأديان، بعد إعادة مجلة "شارلي إيبدو" نشر رسوم مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، وطرح مشروع قرار حولها للتصويت؛ وذلك في دورته القادمة في شهر مارس (آذار)، بطلب من السعودية قدمه سفير المملكة لدى الأمم المتحدة في جنيف فيصل بن حسن طراد للمفوض السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد بن الحسين.
ويطالب القرار الذي سيطرح للتصويت في مجلس حقوق الإنسان، بألا تتجاوز حرية التعبير والصحافة والرأي الحدود التي تمثل إهانة للأديان والمعتقدات، كما يطالب بوقف الإهانات المتعمدة للدين الإسلامي.
وكانت المملكة قد سعت من قبل في عام 2011 لاستصدار قرار مشابه من مجلس حقوق الإنسان؛ إلا أن الدول الغربية نسقت تحالفات دبلوماسية لتخفيف صيغة القرار بدعوى أنه لا مساس بحرية التعبير والصحافة.
وأعادت صياغة القرار بطريقة توفيقية تنص على منع عدم التسامح الديني، وقد أدى هذا القرار رقم 18 / 16 لعام 2011 إلى تأجيل المناقشة المعمقة لهذه القضية، ولكنه لم يلغها، حيث واصلت السعودية ومنظمة التعاون الإسلامي ومصر وباكستان وتركيا السعي في المحافل الدولية لإعادة القضية إلى المناقشة وإلى جدول الأعمال.
وكان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان خلال تأبين ضحايا "شارلي إيبدو" قد أدان الهجمات على المجلة، في نفس الوقت الذي أكد أنه رغم إدانته للحادث، إلا أن الرسوم المسيئة جرحت مشاعره ومشاعر الملايين من المسلمين حول العالم.
وفي 13 يناير(كانون الثاني) وقبل إعادة نشر الرسوم في شارلي إيبدو، أصدرت جمعية صحافية دولية معتمدة في الأمم المتحدة وهي حملة شعار الصحافة، أصدرت بيانا صحافيا لتذكير الصحافيين بأخلاقيات المهنة ونددت بالاستفزازات الضارة وغير الضرورية لأتباع الأديان ومعتقداتهم.
وأكد البيان أنه رغم تفهم رغبة المجلة في إظهار تحديها للإرهاب، إلا أنه لا يمكن كتابة كل شيء ورسم كل شيء.
وكانت السعودية قد استنكرت بشدة وأدانت حادث الهجوم الإرهابي الشنيع الذي تعرضت له مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية، وذهب ضحيته العديد من الأرواح، انطلاقا من رفضها للإرهاب بأشكاله وصوره كافة، مهما كانت دوافعه أو الجهات التي تقف وراءه، وحرصت المملكة على المشاركة في مسيرة التضامن ضد الإرهاب في باريس في إطار التلاحم الدولي لمواجهة الإرهاب، الذي يرفضه الإسلام، كما ترفضه المبادئ والتشريعات والقوانين الدولية كافة. وعبرت في تصريح لمصدر مسؤول بوزارة الخارجية عن استهجانها لاستمرار صحيفة "شارلي إيبدو" في الاستهزاء بالإسلام وبشخص نبي الهدى والرحمة صلى الله عليه وسلم، ولا ترى المملكة أي مبرر لمثل هذه الإساءة المتعمدة ضد الإسلام واستفزاز مشاعر مليار ونصف المليار مسلم حول العالم.
كما شددت السعودية على أن حرية الرأي والتعبير المسؤولة لا تسوغ إهانة المعتقدات الدينية، داعية إلى الابتعاد عن إثارة الفتن والأحقاد والضغائن ضد الإسلام والمسلمين، وضد أي من الأديان السماوية، وعدم ازدراء الأنبياء والرسل عليهم جميعاً الصلاة والسلام. وأكدت على موقفها الثابت في التصدي لظاهرة الإرهاب والفكر المنحرف المؤدي إليه، وتفهمها للإجراءات التي تتخذها الحكومة الفرنسية للحفاظ على وحدة فرنسا الوطنية.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.