فرنسا تتهم إيران بالسعي للحصول على السلاح النووي وتدعو إلى «رد فوري»

ظريف اتهم باريس بالعمل على زعزعة استقرار المنطقة ووصف تصريحات لودريان بـ«السخيفة»

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان خلال مؤتمر صحافي في باريس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان خلال مؤتمر صحافي في باريس (أ.ف.ب)
TT

فرنسا تتهم إيران بالسعي للحصول على السلاح النووي وتدعو إلى «رد فوري»

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان خلال مؤتمر صحافي في باريس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان خلال مؤتمر صحافي في باريس (أ.ف.ب)

للمرة الأولى، يتهم مسؤول أوروبي كبير إيران، بشكل مباشر، بالعمل على الحصول على قدرات نووية عسكرية، ويعتبر أن الوقت قد أخذ ينفد، وبالتالي يتعين توفير رد «فوري» على الأنشطة الإيرانية التي تسارعت في الأسابيع الأخيرة.
والمثير في هذه الاتهامات أنها جاءت على لسان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان الذي كانت بلاده الأكثر نشاطاً في الدفاع عن الاتفاق النووي المبرم مع طهران عام 2015، والأشد انتقاداً لخروج الولايات المتحدة منه في ربيع 2018، والتي أتبعته بفرض عقوبات اقتصادية ومالية على إيران، في إطار ما سماه الرئيس دونالد ترمب بـ«سياسة الضغوط القصوى».
ففي حديث لصحيفة «جورنال دو ديمانش» الأسبوعية، قرع لو دريان ناقوس الخطر، وأعلن بشكل قاطع أن إيران «بصدد بناء قدرة (سلاح) نووية». وجاء في مقابلته ما حرفيته أن الولايات المتحدة «بخروجها من الاتفاقية النووية، اختارت ما سمته الضغوط القصوى على إيران، وكانت النتيجة أن هذه الاستراتيجية فاقمت فقط من المخاطر والتهديد. لذا، يتعين أن نوقف هذه الآلية، وأنا أقول ذلك بوضوح كامل، إيران بصدد بناء قدرة نووية».
وبعد أن أشار لو دريان إلى الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل، وتلميحه إلى ما يمكن أن تحمله من مزايدات ومخاطر، شدّد الوزير الفرنسي على أنه «من الملحّ أن نقول للإيرانيين كفى (انتهاكات للاتفاق النووي) وأن نتخذ الترتيبات اللازمة لعودة إيران والولايات المتحدة إلى اتفاقية فيينا». بيد أنه نبّه أن هذه العودة «لن تكون كافية، بل سيتطلب الأمر محادثات صعبة حول الانتشار الباليستي وزعزعة إيران استقرار جيرانها في المنطقة».
وبجملة غامضة حمّالة تفسيرات كثيرة، أضاف لو دريان أنه «ملزم بالسرية بشأن روزنامة هذا النوع من الملفات، لكنه أمر ملحّ»، إذ إن الإشارة إلى روزنامة يعني أن ثمة أموراً تحصل بعيداً عن الأنظار كاتصالات تمهيدية مثلاً بين الطرفين الأميركي والإيراني، بشأن مستقبل البرنامج النووي، أو بشأن الملفين الآخرين اللذين هما البرنامج الباليستي وسياسة طهران الإقليمية، التي دأبت باريس على وصفها بـ«المزعزعة للاستقرار».
ويبدو أن الدبلوماسية الفرنسية اطلعت عليها، أو ربما ساهمت في تسهيل حصولها، لكن زمن الكشف عنها لم يحن بعد.
ثمة 4 ملاحظات يتعين، وفق مصادر أوروبية واسعة الاطلاع في باريس، التوقف عندها؛ الملاحظة الأولى، أن تحذيرات لو دريان جاءت بعد أقل من 24 ساعة على البيان المشترك الصادر عن وزارات خارجية البلدان الأوروبية الثلاثة الموقعة على الاتفاق النووي (فرنسا وبريطانيا وألمانيا)، عبّرت فيه عن «القلق العميق» من إعلان طهران استعدادها لإنتاج معدن اليورانيوم «مزدوج الاستخدام السلمي والحربي»، بعد تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي جاء فيه أنها «تبلغت من طهران إحرازها تقدماً في أبحاث إنتاج معدن اليورانيوم، ليشكل وقوداً لمفاعل طهران للبحوث».
ويرى الأوروبيون أنّ تذرّع الطرف الإيراني بالحاجة إلى هذا المعدن للمفاعل الذي تُشغله في طهران لا يستقيم ولا مبرر له لإنتاج معدن اليورانيوم إلا إذا كان للاستخدام العسكري. يضاف إلى ذلك، أن الخطوة الإيرانية الأخيرة جاءت بعد أيام قليلة على مباشرة طهران تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة التي تشكل 5 أضعاف ما يتيحه لها اتفاق العام 2015. وبحسب المصادر المشار إليها، فإن الانتقال من نسبة التخصيب هذه إلى نسبة 90 في المائة الضرورية لإنتاج السلاح النووي «في متناول الخبراء الإيرانيين».
وإذا عطف هذا التحول على إنتاج معدن اليورانيوم، فإن معناه أن المدة الزمنية التي تحتاج إليها إيران للوصول إلى السلاح النووي تقلصت من عام إلى عدة أشهر، الأمر الذي يفسر القلق الأوروبي العميق وتحذيرات لو دريان الأخيرة.
والملاحظة الثانية، أن طهران تستفيد من الفترة الانتقالية في واشنطن ومن تيقنها أن ضربة عسكرية أميركية «لم تعد محتملة وإن كانت ممكنة» لمفاقمة الضغوط على الإدارة القادمة، وتخييرها بين أمرين؛ إما العودة عن العقوبات التي فرضها ترمب، أو مواجهة توصل إيران إلى السلاح النووي. يضاف إلى ذلك أن تسريع تحلل إيران من التزاماتها النووية أو ما تبقى منها. والملاحظة الثالثة، يمكن فهمها أيضاً على أنها تجميع أوراق ضاغطة لاستخدامها عندما يحين زمن المفاوضات مع واشنطن أو مع المجموعة السابقة «5 + 1».
أما الملاحظة الرابعة فعنوانها عدم اكتراث إيران الواضح بالتحذيرات الأوروبية التي توالت منذ أن بدأت بالتخلي عن التزاماتها في شهر مايو (أيار) من العام الماضي، ولا شيء يشي أنها اليوم ستكون أكثر استعداداً للاستماع للمطالب الأوروبية؛ خصوصاً أن ما يهمها بالدرجة الأولى هو ما يحصل في واشنطن، وليس في مكان آخر.
لم يتأخر ردّ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تصريحات لو دريان، إذ دعاه في تغريدة له على «تويتر» إلى أن «يكفّ عن الحديث التافه والسخيف حول إيران»، متهماً إياه بالعمل على «زعزعة استقرار المنطقة»، ونافياً بشدة أن تكون الترويكا الأوروبية هي من حافظ على الاتفاق النووي، بل إن الفضل يعود، وفق تأكيداته، إلى إيران نفسها. ولم يفته تكرار الاتهامات للترويكا الأوروبية بأنها لم تنفذ التزاماتها وتعهداتها إزاء إيران منذ انسحاب ترمب من الاتفاق.
ثمة تساؤلات اليوم في العواصم الأوروبية وغيرها حول بنود النهج الذي ستسلكه الإدارة الأميركية القادمة في تعاطيها مع الملف الإيراني، إذ معلوم رغبة بايدن بالعودة إلى الاتفاق. لكن ما هو غير معلوم شروط هذه العودة. وتجدر الإشارة إلى أن التوصل إلى اتفاق فيينا استغرق 10 سنوات من المفاوضات الشاقة وعشرات الاجتماعات عالية المستوى. يضاف إلى ذلك، أن بايدن يربط بين «النووي» وبين برنامج طهران الصاروخي وسياستها الإقليمية.
وحتى اليوم، رفضت طهران فتح باب التفاوض حول الأول، باعتباره «سيعلق بالأمن القومي». لذا، يرى كثيرون أن لو دريان كان مصيباً في توقعه «مفاوضات شاقة»، في حال أُطلقت، خصوصاً أنه لا أحد يتوقع حصول السيناريو الذي تريده طهران، أي أن تعمد واشنطن إلى رفع العقوبات كافة، وبعدها تعود إيران للالتزام ببنوده، بل إن مسؤولين إيرانيين ومنهم ظريف ذهبوا إلى حد اعتبار أنه «لا حاجة للمفاوضات» مع واشنطن، ولا مع أي جهة أخرى.
والحال أن المتابعين لهذا الملف يستبعدون تماماً سيناريو كهذا، ولذا يتوقون للتعرف على المقاربة الأميركية، وتحديداً معرفة ما إذا كانت واشنطن ستتخلى عن ورقة العقوبات كتمهيد للمفاوضات، أم أنها ستتمسك بها لتكون تتويجاً لنجاحها، أم سيتم التوافق على حل «وسطي» بحيث يقوم كل طرف بخطوة مقابل خطوة من الجانب الآخر. وواضح لباريس أنه لا يتعين التساهل كثيراً مع طهران والتمسك بربط رفع العقوبات بالتفاوض بشأن الملفين الخلافيين الآخرين.
وتذكر المصادر الفرنسية أن لوران فابيوس، وزير الخارجية زمن إبرام الاتفاق، كان الأكثر تشدداً مقابل نظيره الأميركي جون كيري، الذي بحسب تعليمات الرئيس الأسبق باراك أوباما، كان «مستعجلاً» لإبرام الاتفاق الذي بانت عيوبه لاحقاً.



إيران توقف زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده

المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

إيران توقف زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده

المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)

أوقفت السلطات الإيرانية، اليوم الجمعة، رضا خندان زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده التي اعتُقلت عدة مرات في السنوات الأخيرة، بحسب ابنته ومحاميه.

ونشرت ابنته ميراف خاندان عبر حسابها على موقع «إنستغرام»: «تم اعتقال والدي في منزله هذا الصباح». وأكد محاميه محمد مقيمي المعلومة في منشور على منصة «إكس»، موضحاً أن الناشط قد يكون أوقف لقضاء حكم سابق.

ولم ترد تفاصيل أخرى بشأن طبيعة القضية أو مكان احتجازه، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأوقفت زوجته ستوده البالغة 61 عاماً والحائزة عام 2012 جائزة «ساخاروف» لحرية الفكر التي يمنحها البرلمان الأوروبي، آخر مرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أثناء حضورها جنازة أرميتا غاراواند التي توفيت عن 17 عاماً في ظروف مثيرة للجدل. وكانت دول أوروبية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد أعربت عن دعمها للمحامية التي أُطلق سراحها بعد أسبوعين.

وقد دافعت عن العديد من المعارضين والناشطين، من بينهم نساء رفضن ارتداء الحجاب الإلزامي في إيران، وكذلك مساجين حُكم عليهم بالإعدام بسبب جرائم ارتكبوها عندما كانوا قاصرين. وكان زوجها يساندها باستمرار، ويطالب بالإفراج عنها في كل فترة اعتقال. ويأتي توقيفه فيما من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في الأيام المقبلة قانون جديد يهدف إلى تشديد العقوبات المرتبطة بانتهاك قواعد اللباس في إيران.

وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير إن النساء قد يواجهن عقوبة تصل إلى الإعدام إذا انتهكن القانون الرامي إلى «تعزيز ثقافة العفة والحجاب».