باراك ينوي العودة إلى المشهد السياسي الإسرائيلي

استطلاع رأي يعطي نتنياهو مقعدين جديدين من أصوات العرب

إيهود باراك مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أرشيفية من غيتي)
إيهود باراك مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أرشيفية من غيتي)
TT

باراك ينوي العودة إلى المشهد السياسي الإسرائيلي

إيهود باراك مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أرشيفية من غيتي)
إيهود باراك مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أرشيفية من غيتي)

مع إظهار استطلاعات الرأي ارتفاعاً جديداً في قوة الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو، ونجاح حملته السياسية عند الناخبين العرب، بحصوله على مقعدين إضافيين، ومحو قسم كبير من أحزاب اليسار والوسط وسقوطها تماماً، أعلنت مصادر مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، نيته خوض الانتخابات المقبلة في 23 مارس (آذار) المقبل، على رأس قائمة حزب العمل.
وقالت هذه المصادر إن استطلاعات داخلية أجراها باراك نفسه بينت أن هذا الحزب سينجح في تحصيل 6 - 7 مقاعد لو تولى هو رئاسته. وأضافت هذه المصادر أن باراك، الذي يقود منذ سنتين حملة لإسقاط نتنياهو «الذي يهدد مصالح إسرائيل الاستراتيجية»، حسب تعبيره، يرى أن حزب العمل بالذات يجب أن يبقى في المشهد السياسي. ويضيف: «هذا الحزب هو الذي أسس الصهيونية. وهو الذي بنى إسرائيل. وسقوطه سيعني أننا صرنا ضالين وناكرين للجميل ولا يجوز لنا ذلك».
المعروف أن باراك هو أبرز جنرال في التاريخ العسكري الإسرائيلي. وهو الضابط الذي حظي بأكبر عدد من الأوسمة والنياشين على خدمته العسكرية، التي تدرج فيها على جميع المناصب حتى صار رئيس أركان للجيش. ولكنه لا يحظى بتقدير على عمله السياسي. ولم يصمد في رئاسة الحكومة أكثر من سنتين (1999 - 2001).
وكانت صحيفة «معاريب» قد نشرت، أمس، استطلاع الرأي الأسبوعي لها، فتبين منه أن الليكود بزعامة نتنياهو، بدأ يسترد عافيته وأن هناك ارتفاعاً ملموساً في شعبيته هذا الأسبوع، قياساً بالأسابيع الماضية، فيما تراجع التأييد لرئيس حزب «أمل جديد»، غدعون ساعر، ولتحالف أحزاب اليمين المتطرف (يمينا)، برئاسة نفتالي بينيت. وارتفع قليلاً التأييد للقائمة المشتركة من 10 إلى 11 (لها اليوم 15 مقعداً وفي الأسابيع الأربعة الأخيرة هبطت بشكل حاد).
وأظهرت نتائج الاستطلاع أنه لو جرت انتخابات الكنيست (البرلمان) الآن، لحصل الليكود على 32 مقعداً، بزيادة 4 مقاعد على الاستطلاع السابق (له اليوم 36 مقعداً، وفق نتائج الانتخابات الأخيرة). وفي تحليل للنتائج، تبين أن نتنياهو حصل على مقعدين إثر تقدم حملة التطعيم بلقاح كورونا وتجاوز عدد الذين تلقوا التطعيم مليوني مواطن، ومقعدين آخرين من المصوتين العرب (فلسطينيي 48)، الذين التقى بهم نتنياهو في عدة زيارات شملت مدن الطيرة وأم الفحم والناصرة. وقالت الصحيفة إن نتنياهو سعد بهذه النتائج، وإنها تشجعه لإدارة حملة مركزة أكثر بين العرب للحصول على مزيد من المقاعد لديهم.
ولكن، في المقابل، ارتفعت حصة «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية. ومع أنها زادت بمقعد واحد على الاستطلاع السابق، فإن معد الاستطلاع مناحم لازر، يرى أن الزيادة يمكن أن تصبح نهجاً. وقال: «التفسخ في المشتركة جعل نحو 30 في المائة من المصوتين في الانتخابات السابقة يقررون الامتناع عن التصويت. لكن تصريحات قادة المشتركة في الأيام الخيرة جعلت 5 في المائة من الممتنعين يعودون إلى التصويت للقائمة المشتركة، ومن المحتمل أن يستمر ارتفاع قوتها في حال تمكنت من تعديل وضعها».
وحسب نتائج الاستطلاع، هذا الأسبوع، تنخفض قوة المعسكر المعادي لنتنياهو من 64 نائباً (من مجموع 120)، في الأسبوع الماضي، إلى 60 نائباً هذا الأسبوع، وذلك على النحو التالي: حزب ساعر، الذي تراجع بمقعد واحد، مقارنة مع الاستطلاع السابق، وحصل على 17 مقعداً، وحزب «ييش عتيد»، برئاسة يائير لبيد، يحصل على قوته نفسها من الأسبوع الماضي، أي 14 مقعداً، والمشتركة 11 نائباً، وحزب اليهود الروس «يسرائيل بيتينو» برئاسة أفيغدور ليبرمان على 7 مقاعد. كما يحصل حزب ميرتس اليساري على 6 مقاعد، وحزب «كحول لفان» برئاسة بيني غانتس على 5 مقاعد.
بالمقابل يحصل نتنياهو على 32 مقعداً، وكل من حزب شاس لليهود الشرقيين المتدينين، وكتلة «يهودوت هتوراه» لليهود الأشكيناز المتدينين، على 8 مقاعد. وبما أن تحالف «يمينا»، سيحصل حسب الاستطلاع على 12 مقعداً، أي أنه خسر مقعداً لصالح حزب صهيوني ديني متطرف برئاسة عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش، فإنه أصبح لسان الميزان. وهو الذي يقرر كيف يكون شكل الحكومة. فإذا ذهب مع نتنياهو، يصبح هناك سد متساوٍ من النواب (60 : 60).
ولذلك فإن نتنياهو يسعى لتثبيت قوته هذه والانطلاق من هذه النقطة لزيادة إنجازه بمزيد من الأصوات والمقاعد، بغض النظر عن مصدرها.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك عدداً من القوائم والأحزاب التي لا يتوقع أن تتجاوز نسبة الحسم، البالغة 3.25 في المائة (نحو 140 ألف صوت)، وبينها حزب العمل وحزب «إسرائيليون» برئاسة روون خلدائي، رئيس بلدية تل أبيب يافا، وحزب رجل الاقتصاد يارون زليخا وحزب كهانا وغيرها.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.