طاقم إسرائيلي لتخفيف الخلافات مع إدارة بايدن

رئيس الموساد في واشنطن لعقد سلسلة لقاءات

متظاهرون ضد سياسات رئيس الحكومة الإسرائيلية في القدس أمس (رويترز)
متظاهرون ضد سياسات رئيس الحكومة الإسرائيلية في القدس أمس (رويترز)
TT

طاقم إسرائيلي لتخفيف الخلافات مع إدارة بايدن

متظاهرون ضد سياسات رئيس الحكومة الإسرائيلية في القدس أمس (رويترز)
متظاهرون ضد سياسات رئيس الحكومة الإسرائيلية في القدس أمس (رويترز)

في أعقاب الاجتماعات التي أجراها رئيس الموساد (جهاز المخابرات الخارجية)، يوسي كوهن، في اليومين الأخيرين، مع فريق الرئيس المنتخب، جو بايدن، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تشكيل طاقم مهني يعمل على بلورة «منهج عمل وتعاون في القضايا الاستراتيجية الإسرائيلية»، مع الإدارة الجديدة في البيت الأبيض؛ خصوصاً حول البرنامج النووي الإيراني.
وذكرت مصادر في مكتب نتنياهو أن هذا الطاقم سيشمل مندوبين عن مجلس الأمن القومي، ووزارتي الأمن والخارجية، وكذلك عن الجيش الإسرائيلي واستخباراته العسكرية (أمان)، وعن «الموساد» و«الشاباك» ولجنة الطاقة الذرية. وأضافت أن نتنياهو ينوي تعيين مسؤول رفيع ليرأس الطاقم، ويكون مبعوثاً خاصاً إلى المحادثات مع الإدارة الأميركية الجديدة، قبل عودة الولايات المحتملة إلى الاتفاق النووي مع إيران.
وقد يكون الرئيس المفضل عنده هو يوسي كوهن نفسه، إلا أن هناك أسماء أخرى مقترحة من رجال نتنياهو، وبينهم السفير الإسرائيلي في واشنطن، رون ديرمر، وهو أحد أقرب المستشارين المقربين من نتنياهو، ويتوقع أن ينهي مهامه ويعود إلى إسرائيل الأسبوع المقبل؛ لكن احتمالاته ضعيفة؛ لأن علاقاته مع الحزب الديمقراطي سيئة، بسبب تدخله الفظ في الانتخابات الأميركية لصالح مرشحي الحزب الجمهوري. وعليه، يُطرح اسمان آخران من المقربين، هما مستشارا الأمن القومي السابقان: يعقوب عميدرور ويعقوب نيغل.
وكان رئيس «الموساد»، قد بدأ سلسلة لقاءات في واشنطن مع إدارة الرئيس دونالد ترمب. وحسب مراقبين، فإن مهمة كوهن الأساسية هي التمهيد للعلاقات مع إدارة بايدن، ولكن لأن القانون الأميركي يحظر على بايدن إجراء لقاءات سياسية دولية قبل دخول البيت الأبيض بشكل رسمي، فإن كوهن يجري لقاءات غير رسمية ومع شخصيات ديمقراطية غير بارزة.
وتشير أوساط سياسية مقربة من نتنياهو إلى أنه سيحاول جاداً ألا يدخل في صدامات مع إدارة بايدن، كما كان الحال في عهد الرئيس باراك أوباما. ولكنه قلق من سياسة بايدن المتوقعة، ويريد أن يحاول التأثير عليها وتقريبها من الموقف الإسرائيلي، وبشكل خاص في موضوعين: إيران، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ففي الموضوع الفلسطيني هناك تحسب من عودة الحديث عن حل الدولتين من خلال وضع شروط قاسية على إسرائيل. وفي الموضوع الإيراني يخشى نتنياهو من اتجاه بايدن الدخول إلى مفاوضات مع إيران حول العودة إلى الاتفاق النووي، من دون تصحيح بنوده السيئة، وهو ما يعتبره نتنياهو «خطأ فاحشاً». ويقول أحد مستشاري نتنياهو، إن مصدر القلق الأساس هو أن طاقم مستشاري بايدن في سياسة الخارجية والأمن، مؤلف من «مستشاري أوباما»، وأن قسماً منهم هم مهندسو الاتفاق النووي.
وقال نتنياهو خلال استقباله وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، يوم الخميس الماضي، إن العودة إلى الاتفاق النووي في عام 2015 ستؤدي إلى سباق تسلح نووي في «الشرق الأوسط»: «وهذا كابوس وغباء، ويجب ألا يحدث».
وقالت تلك الأوساط إن نتنياهو قد توجه إلى الرجل الثاني في حكومته، رئيس الحكومة البديل ووزير الأمن، بيني غانتس، الأسبوع الماضي، لعله يتولى مسؤولية حصرية لبلورة موقف إسرائيل من موضوع الاتفاق النووي، وذلك كبادرة إيجابية مع بايدن، باعتبار أن غانتس مقبول أكثر منه في الحزب الديمقراطي. ولكن غانتس خشي أن يكون هذا مطباً آخر يعده له نتنياهو، فرد قائلاً إن «هذه ليست مصلحة تجارية خاصة لشخص واحد»، وإنه يفضل أن تتولى إدارة هذا الموضوع أجهزة الأمن مع المجلس الوزاري المصغر في الحكومة للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت).



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.