«النهضة» تحذّر رئيس الحكومة التونسية من تعيينات وزارية «مشبوهة»

المشيشي ينفي وجود علاقة للتعديل بجلسات «الحوار الوطني»

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (غيتي)
راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (غيتي)
TT

«النهضة» تحذّر رئيس الحكومة التونسية من تعيينات وزارية «مشبوهة»

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (غيتي)
راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (غيتي)

وجهت يمينة الزغلامي، القيادية في حركة «النهضة» الإسلامية، التي يقودها راشد الغنوشي، تحذيراً إلى رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، وذلك على خلفية قرب الإعلان عن إجراء تعديل في تركيبة الحكومة بعد نحو أربعة أشهر من العمل.
وحذرت الزغلامي، رئيس الحكومة، من «أي تعيين مشبوه»، خصوصاً في وزارة البيئة والشؤون المحلية، ودعت المشيشي إلى نشر نتائج التدقيق، التي أذن بها في تلك الوزارة، بعد «فضيحة النفايات الإيطالية»، وطلبت حذف كل «وكالات التمعش والفساد»، على حد تعبيرها.
في سياق متصل، استبعد رئيس الحكومة أن يكون هناك تأثير للتعديل الوزاري، المزمع إجراؤه على مبادرة الحوار الوطني، التي اقترحها اتحاد الشغل، وتبناها الرئيس قيس سعيد، وقبِل الإشراف على جلساتها.
الفصل بين التحوير والحوار
وأكد المشيشي في تصريح إعلامي أنه يساند فكرة «الفصل بين التحوير والحوار»، موضحاً أن التعديل الوزاري «يخضع لتقييم أداء الوزراء، الذي هو متابعة تتم بشكل دوري، لكن في حال أصبح التعديل حتمياً، فإنه سيجرى بغض النظر عن بقية المسارات السياسية والاجتماعية».
وأضاف المشيشي موضحاً: «إذا تم التقييم، وترسخت القناعة بوجود مرشح أجدر بموقع حكومي معين، فإن القرار الحكومي سيكون منفصلاً عن بقية المسارات، خصوصاً منها الحوار الوطني، الذي تتزعمه قيادات اتحاد الشغل».
أما بخصوص «الحوار الوطني»، فقد أكد المشيشي على أن جوهره «سيكون اقتصادياً واجتماعياً، ولا علاقة له بالمسار الحكومي، وهو لن يؤثر على تقييم رئيس الحكومة لوزرائه».
كان المشيشي قد أعلن قبل أيام عدم توصله بنص المبادرة، التي اقترحها اتحاد الشغل، التي سيتم على أساسها إجراء «الحوار الوطني»، وهو ما ترك تساؤلات وانتقادات كثيرة، حيث يرى مراقبون أنه من غير المعقول ألا تكون الحكومة حاضرة في جلسات الحوار، رغم أنها مدعوة ومطالبة بتنفيذ مخرجاته. كما يرون أنه في حال عدم مشاركة المشيشي بسبب وجود خلافات بينه وبين الرئيس سعيد حول الصلاحيات الدستورية، فإن هذا الحوار سيجد نفسه لا محالة في طريق مسدودة.
وتؤكد مختلف التصريحات الإعلامية أن التعديل الوزاري سيكون سابقاً لجلسات الحوار الوطني، وأنه من الصعب الحديث عن عدم وجود علاقة عضوية بين المسارين، وعدم تأثير أحدهما على الآخر.
في هذا الشأن، قال عادل العوني، المحلل السياسي التونسي، إن التعديل الوزاري «قد يسعى في المقام الأول لتحصين حكومة المشيشي، في ظل مبادرة متصدعة... وقد يضع حداً لأي أمل في إجراء حوار وطني ناجح»، مؤكداً أن الحزام السياسي الداعم لحكومة المشيشي «يضغط بقوة من أجل التعجيل بالتعديل الوزاري، وسد الثغرات الكثيرة التي باتت تعرفها تركيبة الحكومة، وهو ما سيكون له تأثير عميق على جلسات الحوار، التي قد لا تنطلق قبل نهاية شهر مارس (آذار) المقبل».
وفاة نائب
من ناحية أخرى، قررت رئاسة البرلمان تأجيل الجلسات العامة إلى حين استشارة الهيئات الصحية المختصة، وذلك بعد وفاة النائب البرلماني مبروك الخشناوي، النائب عن حزب «قلب تونس» نتيجة إصابته بـ«كورونا».
وأكد طارق الفتيتي، النائب الثاني لرئيس البرلمان، أن مجموعة من الهياكل الصحية اقترحت مواصلة العمل البرلماني عن بعد، بصفة استثنائية، مع ضرورة احترام البروتوكول الصحي. لكن هذا القرار قد يكون موضوع خلافات حادة بين نواب البرلمان، خصوصاً أن بعض الكتل البرلمانية المعارضة ترفض اعتماد الإجراءات الاستثنائية. كما أن بعض نواب الكتلة البرلمانية المكونة من حزبي «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب»، اعتبروا الإجراءات الاستثنائية «قراراً سياسياً للهروب من الاعتصام، الذي تنفذه الكتلة، مما تسبب في تأجيل إحدى الجلسات العامة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.