2020... عام الجائحة والإنجازات العلمية الهائلة

تعد اللقاحات أحد أهم التطورات العلمية في عام 2020 رغم الجائحة (إ.ب.أ)
تعد اللقاحات أحد أهم التطورات العلمية في عام 2020 رغم الجائحة (إ.ب.أ)
TT

2020... عام الجائحة والإنجازات العلمية الهائلة

تعد اللقاحات أحد أهم التطورات العلمية في عام 2020 رغم الجائحة (إ.ب.أ)
تعد اللقاحات أحد أهم التطورات العلمية في عام 2020 رغم الجائحة (إ.ب.أ)

لا شك أن 2020 كان عاماً مأساوياً حافلاً بالأحداث السيئة ما بين مرض يطرق باب الجميع بدون أي اعتبار لعمر أو وضع اجتماعي أو مكان جغرافي، وتضرر الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بسبب عمليات الإغلاق الناجمة عن «كوفيد 19»، إلا أن الضغوط الناجمة عن ذلك ساعدت في الوقت نفسه في الإسراع من وتيرة إنجازات علمية ما كانت لتتحقق في الغالب بدون تلك الظروف.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي الأميركي تايلر كوين، أستاذ علوم الاقتصاد بجامعة جورج ميسون، في تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء إنه لأسباب واضحة لن ينتهي المطاف بعام 2020 ليكون عاماً جيداً، لكن في الوقت نفسه، تحقق فيه تقدم علمي أكثر من أي عام في الذاكرة الحديثة، وستستمر هذه التطورات لفترة طويلة بعد انتهاء جائحة كوفيد 19 باعتبارها تهديداً رئيسياً.
وأشارت الوكالة إلى أن هناك اثنتين من العلامات الملموسة والأكثر وضوحاً للتقدم وهي اللقاحات التي تعتمد على تقنية جديدة تستخدم الحمض النووي الريبوزي (إم رنا) التي يتم توزيعها الآن في جميع أنحاء الولايات المتحدة وحول العالم.
ويبدو أن هذه اللقاحات تتمتع بمستويات عالية جداً من الفعالية والأمان، ويمكن إنتاجها بسرعة أكبر من اللقاحات التقليدية. وهذا هو السبب الرئيسي في تشكل نظرة متفائلة نسبياً لعام 2021. فقد يكون لتقنية «إم رنا» كذلك إمكانات أوسع نطاقاً، على سبيل المثال من خلال المساعدة في علاج القلوب المعتلة.
وربما لا تكون التطورات الأخرى في مجال العلوم الحيوية أقل إثارة للإعجاب. فهناك لقاح واعد للغاية مرشح للاستخدام ضد الملاريا، التي ربما تكون الأكثر فتكاً في تاريخ البشرية، وهو في المراحل الأخيرة من الاختبار. وقد أوجدت التطورات في تكنولوجيا اللقاحات إمكانية حقيقية لإيجاد لقاح عالمي ضد الإنفلونزا، والعمل مستمر على هذه الجبهة.
كما أن تقنيات التكرارات العنقودية المتناظرة القصيرة منتظمة التباعد (كريسبر) الجديدة على وشك التغلب على مرض أنيميا الخلايا المنجلية، كما سمحت أساليب تقنيات «كريسبر» الأخرى للعلماء بإنشاء اختبار تشخيصي جديد قائم على الهواتف الذكية من شأنه اكتشاف الفيروسات وتقديم التشخيص في غضون نصف ساعة.
كما أنه كان عاما جيدا أيضا لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. فتسمح تكنولوجيا «جي بي تي 3-» المكتشفة في 2020، وهي شبكة عصبية لإنشاء النصوص، بإنشاء كتابة شبيهة بكتابة البشر بشكل ملحوظ وذات عمق وتعقيد كبيرين. ويعد ذلك خطوة رئيسية نحو إنشاء كيانات آلية يمكنها التفاعل بطرق تشبه تفاعلات البشر إلى حد كبير للغاية. وفي غضون ذلك، فقد استخدمت تقنية «ديب مايند» الأساليب الحوسبية لإحداث تقدم كبير في طي البروتين وهي عملية فيزيائية يتخذ فيها البروتين بنية ثلاثية الأبعاد طبيعية تمكنه من القيام بوظيفة بيولوجية محددة. وهذا إنجاز في علم الأحياء قد يؤدي إلى اكتشاف أسهل لمستحضرات صيدلانية جديدة.
ويعد أحد الشروط المسبقة وراء العديد من هذه التطورات هو الوصول اللامركزي إلى قوة حوسبة هائلة، من خلال الحوسبة السحابية عادة. ويبدو أن الصين تتقدم بسرعة كبيرة في الحوسبة الكمومية (وسيلة تعتمد على مبادئ ميكانيكا الكم وظواهرها)، وهو تطور يصعب التحقق منه ولكن يمكن أن يكون ذا أهمية كبيرة.
وتزدهر البيولوجيا الحاسوبية بشكل خاص. فقد تم تصميم لقاح موديرنا القائم على تقنية «إم رنا» في غضون يومين وبدون الوصول إلى كوفيد 19 نفسه، هو إنجاز رائع لم يكن في المتناول قبل فترة قصيرة. وربما يبشر هذا بالوصول لكثير من الإنجازات العديدة الأخرى في علم الأحياء الحوسبي.
وسينتشر استخدام الإنترنت نفسه. فعلى سبيل المثال، لدى «ستارلينك»، وهي كوكبة من الأقمار الاصطناعية المصنوعة بواسطة شركة «سبيس إكس» لتوفير خدمة الاتصال القمري بالإنترنت، خطة لتوفير الاتصال بالإنترنت القائم على الأقمار الاصطناعية إلى العالم ككل.
لقد كان أيضاً عاماً جيداً للتقدم في مجال النقل. ويبدو أن المركبات ذاتية القيادة متوقفة الآن، لكن شركة متاجر «وول مارت» ستستخدمها في بعض عمليات التوصيل بالشاحنات في عام 2021، كما أن شركة «بوم»، وهي شركة ناشئة تسعى لتطوير رحلات أسرع من الصوت مجدية وبأسعار معقولة، تقدر الآن بأكثر من مليار دولار، وسط توقعات بتقديم النماذج الأولية العام المقبل.
وحققت «سبيس إكس» تقريباً كل هدف فيما يتعلق بالإطلاق والصواريخ كانت قد أعلنت عنه لهذا العام. كما أعلنت شركة «تويوتا» وشركات أخرى عن إحراز تقدم كبير في مجال بطاريات السيارات الكهربائية والمنتجات ذات الصلة التي يتوقع أن تظهر لأول مرة في 2021.
كل هذا سيثبت أن تلك الأمور هدية للبيئة، وكذلك التقدم في الطاقة الشمسية، التي تعتبر زهيدة التكلفة مثل أي بديل ذي صلة. وتفتتح الصين مفاعلاً اندماجياً جديداً وواعداً. وبالرغم من غياب سياسة وطنية متماسكة للطاقة في الولايات المتحدة، فإن فكرة مستقبل الطاقة الخضراء في الغالب لم تعد تبدو خيالية.
وجلب التقدم في الطاقة والنقل عادة في العصور السابقة مزيداً من التقدم التكنولوجي، من خلال تمكين البشر من غزو وإعادة تشكيل بيئاتهم المادية بطرق جديدة وغير متوقعة. ويمكننا أن نأمل أن يستمر هذا الاتجاه العام.
وأخيراً، فإن ظهور العمل عن بعد، رغم أنه لا يلبي تعريف التقدم العلمي تماماً، يعد إنجازًا حقيقياً. فسيتم عقد المزيد من الاجتماعات عبر تطبيق «زوم»، ولن تعود العديد من رحلات العمل أبداً. وقد يرى كثيرون في ذلك مزايا متباينة، لكنه سيحسن الإنتاجية بشكل كبير. وسيكون من الأسهل توظيف عمال أجانب، وسيتمكن الموظفون من تحقيق إنتاجية أكبر من خلال العمل من المنزل بسهولة أكبر.
لقد كان عاماً مأساوياً بلا شك. لكن إلى جانب الحزن والفشل، كان هناك قدر كبير من التقدم، وهذا أمر جدير بأن نضعه في الاعتبار، حتى لو لم نستطع الاحتفال بقدوم العام الجديد بينما ننظر إلى الوراء لعام 2020.


مقالات ذات صلة

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام تحمل اسم شركة «بيونتيك» خارج مقرها بمدينة ماينتس الألمانية (د.ب.أ)

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

قالت شركة «بيونتيك»، الجمعة، إنها عقدت اتفاقيتيْ تسوية منفصلتين مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية وجامعة بنسلفانيا بشأن دفع رسوم حقوق ملكية للقاح «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا على نحو مطرد (أ.ف.ب)

الصحة العالمية تعلن عن حدوث تراجع مطرد في وفيات كورونا

بعد مرور نحو خمس سنوات على ظهور فيروس كورونا، تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بهذا الفيروس على نحو مطرد، وذلك حسبما أعلنته منظمة الصحة العالمية في جنيف.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.