مباحثات للتعاون الصناعي بين الرباط وتل أبيب

بيريتس تحدث بالعامية مع نظيره المغربي

صورة سيلفي لثلاث نساء في القدس القديمة وبدا علما إسرائيل والمغرب على الجدار في الخلف (أ.ب)
صورة سيلفي لثلاث نساء في القدس القديمة وبدا علما إسرائيل والمغرب على الجدار في الخلف (أ.ب)
TT

مباحثات للتعاون الصناعي بين الرباط وتل أبيب

صورة سيلفي لثلاث نساء في القدس القديمة وبدا علما إسرائيل والمغرب على الجدار في الخلف (أ.ب)
صورة سيلفي لثلاث نساء في القدس القديمة وبدا علما إسرائيل والمغرب على الجدار في الخلف (أ.ب)

قام أعضاء الوفد المغربي الذي زار إسرائيل، أمس (الثلاثاء)، بزيارة المبنى الذي كان يقوم فيه مكتب الارتباط، قبل عام 2000، وفحص إمكانية أن يعاد استخدامه مكتباً دبلوماسياً يمثل المغرب في إسرائيل، فيما أجرى وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي المغربي، مولاي حفيظ العلمي، مساء الاثنين، مباحثات عبر تقنية التواصل عن بُعد، مع نظيره الإسرائيلي، بهدف تحديد القطاعات الصناعية المؤهلة للشراكة بين المغرب وإسرائيل.
ويأتي الاتصال بعد توقيع المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل على إعلان مشترك ينص على استئناف الرحلات الجوية بين المغرب وإسرائيل، وإطلاق تعاون اقتصادي بين البلدين، وفتح مكتبي اتصال في كل من الرباط وتل أبيب بعد إغلاقهما سنة 2000. وأفادت وزارة الصناعة والتجارة المغربية، في بيان لها، بأن المباحثات غطّت قطاعات النسيج والصناعات الفلاحية والبحث والتطوير في القطاع الصناعي، والتكنولوجيا الخضراء، والطاقات المتجددة.
وجرى بث جزء من المحادثات بين الوزيرين عن بُعد، عبر «يوتيوب»، ظهر فيها الوزير الإسرائيلي عمير بيريتس، ذو الأصول المغربية، وهو يتحدث بالدارجة المغربية مع نظيره المغربي، قائلاً له: «سوف نبدأ الحديث بالدارجة»، مضيفاً: «السيد العلمي المحترم، أنا فرحان كثيراً فأنا ابن مدينة بجعد (أبي الجعد) في المغرب»، مشيراً إلى أن والديه غادرا المغرب إلى إسرائيل وعمره أربع سنوات قبل 64 سنة، وذكر أنه كان وزيراً للدفاع في إسرائيل، قبل أن يصبح وزيراً للاقتصاد والصناعة.
وكتب العلمي تدوينة في «فيسبوك»، قال فيها إن المباحثات التي أجراها مع نظيره الإسرائيلي، تعلقت بـ«آفاق التعاون الصناعي الثنائي»، مشيراً إلى أنه تم تحديد مجموعة من القطاعات التي توفر مؤهلات مهمة للشراكة، وهي «النسيج، والصناعة الغذائية، والبحث التطبيقي في الصناعة، والتكنولوجيا الخضراء، وصناعة الطاقات المتجددة».
وحسب بيان لوزارة الصناعة المغربية، فقد اتفق الطرفان على إحداث «مجموعة عمل مشتركة»، لإعداد مخطط عمل في القطاعات المحددة. وأوضح البيان أن المحادثات شددت على آفاق «تعاون مثمر بين البلدين»، يرتكز على إنجازاتهما الاقتصادية ويستجيب لأولوياتهما واستراتيجياتهما التنموية.
في السياق، قام أعضاء الوفد المغربي الذي زار إسرائيل، أمس (الثلاثاء)، بفتح المبنى الذي كان يقوم فيه مكتب الارتباط، قبل سنة 2000، وفحص إمكانية أن يعاد استخدامه من جديد كمكتب دبلوماسي يمثل المغرب في إسرائيل. وقالت مصادر دبلوماسية إن المكتب في حالة جيدة ويمكن جعله صالحاً للاستعمال في غضون أسبوعين. ويقع المكتب في شارع «هيركون» في تل أبيب. وكان المغرب قد اقتناه في سنة 1995، على أثر توقيع اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. ففي حينه، عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين، من حفل التوقيع في واشنطن عبر الرباط، حيث حطت طائرته هناك والتقى الملك الحسن الثاني، واتفقا على إقامة علاقات رسمية بين البلدين ومكتبي ارتباط في الرباط وتل أبيب. ولكن الوضع تغير عام 2000، بسبب سماح الحكومة الإسرائيلية بقيادة إيهود باراك، لرئيس المعارضة، آرئيل شارون، اقتحام باحة المسجد الأقصى، ما أدى إلى تفجير الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وفي ذلك الوقت قرر المغرب إغلاق مكتبه التمثيلي في تل أبيب.
هذا وقد بدأ الوفد المغربي عدداً من اللقاءات مع مسؤولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية ومكتب رئيس الوزراء، للتحضير لوصول وفد رسمي رفيع المستوى، الشهر المقبل، بغرض إعادة فتح مكتب الاتصال، رسمياً. المعروف أن البلدين كانا قد اتفقا على تسيير الرحلات الجوية المباشرة بين تل أبيب والمغرب، ويُتوقع أن يبدأ ذلك في الشهر المقبل.
كان العاهل المغرب الملك محمد السادس، قد أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، شدد فيها العاهل المغربي على «الأواصر المتينة والخاصة التي تربط الجالية اليهودية من أصل مغربي بالملكية المغربية»، ونوه بـ«إعادة تفعيل آليات التعاون بين المملكة المغربية ودولة إسرائيل»، واستئناف الاتصالات «بشكل منتظم»، في إطار علاقات دبلوماسية «سلمية وودية».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.