صباح الأحمد.. صاحب المبادرات الإنسانية

أطلق عليه «عميد الدبلوماسية في العالم» إثر توليه «الخارجية» الكويتية لأكثر من نصف قرن

صباح الأحمد.. صاحب المبادرات الإنسانية
TT

صباح الأحمد.. صاحب المبادرات الإنسانية

صباح الأحمد.. صاحب المبادرات الإنسانية

تحولت الكويت في عهد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى عاصمة عالمية للأنشطة الإنسانية والجهود الدبلوماسية، آخرها استضافتها للمؤتمر الدولي الثاني للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا منتصف الشهر الحالي الذي اختتم أعماله بتصريح للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وصف فيه الشيخ صباح الأحمد بأنه زعيم للإنسانية ووصف الكويت بأنها مركز إنساني عالمي.
بدأ أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حياته المهنية والسياسية والعمل العام في 19 يوليو (تموز) 1954 عندما أصدر الأمير الراحل الشيخ عبد الله السالم الصباح أمرا بتعيينه عضوا في اللجنة التنفيذية العليا التي عهدت إليها مهمة تنظيم مصالح ودوائر الحكومة الرئيسية ووضع خطط عملها ومتابعة تنفيذها.
وفي فبراير (شباط) عام 1959 ترأس الشيخ صباح الأحمد دائرتي المطبوعات والشؤون الاجتماعية، كما أصبح عضوا في المجلس التأسيسي الذي أنيطت به مهمة وضع دستور دولة الكويت مطلع عام 1962، وتولى الشيخ صباح الأحمد عام 1962 وزارة الإرشاد والأنباء ثم وزارة الخارجية عام 1963، بعد العمل بالدستور واعتماد التقسيم الإداري لدولة الكويت.
ويعد أمير الكويت الشيخ صباح منذ أكثر من 57 سنة أحد أبرز الشخصيات الكويتية والعالمية، حيث يعد عميد الدبلوماسية بالعالم إثر توليه وزارة الخارجية الكويتية منذ نهاية يناير (كانون الثاني) عام 1963 حتى تسميته رئيسا لمجلس الوزراء عام 2003. وشهدت الكويت خلال توليه وزارة الخارجية انضمامها للأمم المتحدة بعد استقلالها عن الحماية البريطانية 19 يونيو (حزيران) 1961، حيث جرى تسجيل الكويت رسميا عضوا في الأمم المتحدة، وتلا الشيخ صباح الأحمد أول كلمة للكويت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ورسم الشيخ الأحمد خلال توليه وزارة الخارجية السياسة الخارجية للكويت التي تقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وإعمال مبادئ السلم العالمي والعدالة وحقوق الإنسان والحفاظ على الحياد، وهو ما أكسب الكويت مكانة عالمية جعلها وسيطا بين الفرقاء ومضيفة لأكثر من قمة ونشاط عالمي وإنساني.
وتولى الشيخ صباح وزارة الإرشاد والأنباء في أول تشكيل وزاري في تاريخ الكويت في 17 يناير عام 1962، ثم عُيِّن وزيرا للمالية والنفط بالوكالة إضافة إلى حقيبة وزارة الخارجية في 4 ديسمبر (كانون الأول) 1965، ثم وزيرا للإعلام بالوكالة في 2 فبراير 1971، ثم وزيرا للداخلية بالوكالة في 16 فبراير 1978، ثم وزيرا للإعلام بالوكالة في 4 مارس (آذار) 1981. وتولى الشيخ صباح الأحمد منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية منذ 16 فبراير 1978 وحتى 20 يونيو 1990، ثم أصبح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) 1992 وحتى يوليو 2003.
وفي الثاني من أغسطس (آب) 1990 تعرضت الكويت لغزو عراقي قاده نظام صدام حسين لم تكن لتتحرر منه بعد سبعة أشهر في 26 فبراير 1991 لولا الجهود الدبلوماسية والتنسيق العسكري تحت مظلة الأمم المتحدة ومجلس الأمن التي تكللت بجهود الحكومة الكويتية، ومن بينها جهود الشيخ صباح الأحمد الذي قام بجولات مكوكية لمختلف دول العالم ساهمت في وقوف المجتمع الدولي مع الحق الكويتي إبان محنة الغزو العراقي للكويت وعودتها إلى أبنائها.
وفي 13 يوليو 2003 أصدر أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح أمرا أميريا بتعيين الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح رئيسا لمجلس الوزراء، وهو المنصب الذي تولاه حتى إعلانه أميرا للبلاد 29 يناير 2006 بإجماع أعضاء مجلس الأمة. وكان الشيخ صباح الأحمد خلال الفترة الممتدة من 14 فبراير 2003 إلى يناير 2006 يقوم بمهام رئيس مجلس الوزراء بالنيابة خلال فترة غياب أمير البلاد الراحل الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح في الخارج أثناء رحلة العلاج أثناء توليه رئاسة مجلس الوزراء.
واستقى الشيخ صباح الأحمد جانبا من خبرته السياسية عبر مرافقته لوالده الأمير العاشر للكويت الراحل الشيخ أحمد الجابر المبارك الصباح في جولاته الخارجية، ما أكسبه خبرة سياسية عندما زار عددا من الدول، بينها الهند وبريطانيا، وأفاد من ذلك دراية بالدول ومعرفة بمسؤوليها وشخصياتها البارزة. واكتسب من والده مباشرة سلوك الحكام وتقديرهم للأمور، كما رافق الشيخ صباح الأحمد الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، والأمير الراحل الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح، في جميع مراحل توليهما المسؤولية في البلاد، ومثل الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد في الكثير من المؤتمرات والاجتماعات محليا وإقليميا ودوليا.
ويعد الشيخ صباح المولود 16 يونيو 1929 الابن الرابع من الأبناء الذكور للشيخ أحمد الجابر الصباح أمير الكويت العاشر من زوجته منيرة عثمان السعيد العيار، وعاش جانبا من حياته بمنطقة الجهراء. وتلقى تعليمه في مدارس الكويت، كما استكمل دراسته على يد أساتذة مختصين، وهو أرمل بعد وفاة زوجته الشيخة فتوح السلمان الحمود الصباح، وله منها ثلاثة أولاد هم الشيخ ناصر الذي يشغل منصب وزير الديوان الأميري، والشيخ حمد وهو رجل أعمال ويشرف على عمل شركة مشاريع الكويت القابضة إحدى كبرى شركات الاستثمار في الوطن العربي ومدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية، فيما توفي الشيخ أحمد صغيرا والشيخة سلوى عام 2002 وهي التي سميت عليها دار سلوى، وهي القصر الخاص لسكن أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بمنطقة البدع على ضفاف الخليج العربي، وهو يجيد اللغة الإنجليزية، ومن هواياته صيد الأسماك والقنص.
وحصل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد خلال عمله العام وحياته المهنية على عدة أوسمة تقدير، أبرزها قلادة الملك عبد العزيز من المملكة العربية السعودية، ووسام الشيخ زايد من دولة الإمارات العربية المتحدة، ووسام عيسى بن سلمان آل خليفة من الدرجة الممتازة من مملكة البحرين، ووسام عمان المدني من الدرجة الأولى من سلطنة عمان، وقلادة الاستقلال من دولة قطر، ووسام جوقة الشرف الأكبر من الجمهورية الفرنسية، ووسام الاستحقاق اللبناني من الدرجة الاستثنائية برتبة وشاح أكبر من الجمهورية اللبنانية، ووسام الاستحقاق الرئاسي لجمهورية إيطاليا، ووسام الاستحقاق الرئاسي لجمهورية ألمانيا، وقلادة كريسا نثموم الإمبراطورية من اليابان، وآخرها الوسام الأعظم من طبقة باث من ملكة المملكة المتحدة إليزابيث الثانية الذي تسلمه منها خلال زيارته الرسمية للمملكة المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، إلى جانب حصوله على شهادة الدكتوراه الفخرية في القانون من جامعة جورج واشنطن التي تسلمها في يونيو 2005.



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».