عائلة المقرحي تسعى لتبرئته في الذكرى الـ32 لحادثة لوكربي

وكيلها لـ «الشرق الأوسط»: كسب القضية يقوي موقف المتهمين

نجل عبد الباسط المقرحي يتوسط محامي عائلته (يمين) ووالد أحد ضحايا «لوكربي» الداعم للعائلة (الشرق الأوسط)
نجل عبد الباسط المقرحي يتوسط محامي عائلته (يمين) ووالد أحد ضحايا «لوكربي» الداعم للعائلة (الشرق الأوسط)
TT

عائلة المقرحي تسعى لتبرئته في الذكرى الـ32 لحادثة لوكربي

نجل عبد الباسط المقرحي يتوسط محامي عائلته (يمين) ووالد أحد ضحايا «لوكربي» الداعم للعائلة (الشرق الأوسط)
نجل عبد الباسط المقرحي يتوسط محامي عائلته (يمين) ووالد أحد ضحايا «لوكربي» الداعم للعائلة (الشرق الأوسط)

تجدد الحديث عن الذكرى الثانية والثلاثين لحادث انفجار الطائرة الأميركية فوق أجواء بلدة لوكربي الاسكتلندية، كان أمراً يرغب عامر أنور، محامي عائلة الليبي الراحل المتهم الرئيسي في القضية عبد الباسط المقرحي، في حدوثه بشدة، خاصة أنه يتزامن مع «انتظار عائلة الراحل جلسة الحكم في طلب الاستئناف المقدم لتبرئة ساحته من حكم الإدانة بالمسؤولية عن الحادث»، لكن ما حدث هو أن «الحوار تجدد بالفعل بشأن (لوكربي) جراء ما نشرته وسائل إعلام دولية، قبل أيام، عن عزم وزارة العدل الأميركية توجيه اتهام لمواطن ليبي يدعي أبو عجيلة محمد مسعود». وقال أنور الذي يتولى الدفاع بالقضية منذ عام 2014 في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن الأطراف المعنية بالقضية كافة كانت على علم باسم شخصية أبو عجيلة مسعود، مضيفاً: «يبدو أن كثيراً من المعلومات الموجهة ضده تستند إلى برقيات تلقتها وكالة المخابرات المركزية الأميركية من قبل عملاء ليبيين مزدوجين عملوا لصالحها في مجال تقديم المعلومات لمساعدتها في بناء قضية ضد الليبيين، مقابل حصول هؤلاء العملاء على حياة أفضل لهم بالولايات المتحدة. وقد كشفنا مراراً عن استخدام الأموال، ووجود عملاء مزدوجين، لبناء قضية (كاذبة)، وأظن أنه يمكننا المجادلة مرة أخرى»، على حد تعبيره.
كانت الطائرة الأميركية «بان إم» قد انفجرت فوق أجواء بلدة لوكربي الاسكتلندية في 21 من ديسمبر (كانون الأول) 1988 خلال رحلتها رقم (103) بين لندن ونيويورك، ما أسفر عن وفاة 270 ضحية، واستمرت التحقيقات من تاريخ الحادث حتى عام 1991، حين تم توجيه الاتهام لاثنين من الرعايا الليبيين، منهم ضابط المخابرات عبد الباسط المقرحي، وهو الوحيد الذي أدين بالقضية في عام 2001، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، إلا أنه في أغسطس (آب) 2009، أفرجت عنه الحكومة الاسكتلندية لأسباب إنسانية، بعد إصابته بسرطان البروستاتا، وعاد إلى ليبيا، حيث توفي في مايو (أيار) 2012.
ولجأت عائلة المقرحي، في مارس (آذار) الماضي، إلى «اللجنة الاسكتلندية» لمراجعة الإدانة الجنائية التي لحقت بوالدهم الذي فارق الحياة في عام 2012. وقررت اللجنة رفع القضية إلى محكمة العدل، مع عدم استبعادها وجود خطأ قضائي. ووافقت المحكمة العليا في أغسطس (آب) الماضي على دراسة طلب الاستئناف في الجوهر. وتساءل أنور: «لماذا ينتظر الأميركيون قرابة 32 عاماً ليعلنوا قضية ضده؟ لماذا عشية الذكرى؟ ولماذا بينما ننتظر إعلان قرار الاستئناف (لتبرئة المقرحي)... إنه أمر مستغرب، فالمدعي العام الأميركي الذي وجه التهم إلى المقرحي ومحمد الأمين في عام 1991، وادعى أنه كان على علم بمسعود طوال تلك السنوات، فضل الانتظار حتى الأسبوع الأخير له بوظيفته ليعلن عن رغبته في رفع دعوى جديدة بالقضية... فماذا كان يفعل طوال الثلاثين عاماً الماضية بكل ما كان يجمع تحت تصرفه من سلطة وموارد الدولة الأميركية؟!».
وعن مدى معلوماته عن شخصية أبو عجيلة مسعود، أجاب أنور: «يُعتقد أن مسعود عمل في المخابرات الليبية، وتحديداً في صناعة المتفجرات، ويتم الزعم أنه كان على صلة بالراحل المقرحي، بل إنه سافر معه إلى مالطا في ديسمبر (كانون الأول) 1988، حيث زعم المدعون بالقضية أن القنبلة التي فجرت الرحلة (103) تم تجميعها وتعبئتها في حقيبة، قبل إرسالها من دون مرافق على متن الطائرة إلى لندن. أما بالنسبة لمكانه، وفقاً للمعلومات الواردة من جهات الاتصال الخاصة بي، فإنه كان مطلوباً لتسليمه من قبل محكمة الجنايات الدولية، لكن بصفته مواطناً ليبياً، ورفضت ليبيا تسليمه، وحاكمه القضاة، وحكموا عليه بالسجن 10 سنوات على الأقل». واستبعد المحامي «أي تأثير سلبي محتمل على قضية الراحل المقرحي، حال توجيه وزارة العدل فعلياً تهماً لمسعود»، قائلاً: «أي صلة بين المقرحي ومسعود نعتقد أنها ضعيفة للغاية».
ويرى أنور أن «نجاحه وفريقة في قبول طلب الاستئناف سيدعم ويقوي الموقف القانوني لأي متهم آخر بالقضية»، موضحاً: «لن يمكنهم استخدام قضية رجل بريء في دعم توجيه تهم جديدة؛ نجاحنا بالاستئناف سيكون مثل كرة هدم لأي آمال في محاكمة جديدة ضد محمد مسعود أو غيره، فقضية المقرحي مثل بيت من ورق، وقضية محمد مسعود تعد بمثابة ورقة واحدة فيه، فإذا انهار المنزل ستنهار بالتبعية التهم ضده؛ ربما هذا ما يدركه الأميركيون، وربما هذا ما يفسر وجود قلق قوي من فوزنا بالاستئناف... دون إدانة المقرحي، تختفي القضية ضد آخرين مثل الدخان».
وحول الجهة التي تقوم بدفع أتعاب المكتب حالياً، قال: «قبل عام 2011، كانت الدولة الليبية مسؤولة عن دفع التكاليف القانونية للمحامين المعنيين. للأسف، منذ أن توليت قضية ما بعد الوفاة في عام 2014، لم يتم دفع فلس واحد؛ لقد قُطعت وعود كثيرة، لكنني أظن أن هناك من يأمل في أن نستسلم ببساطة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.