جلد صناعي يولد الطاقة ويحاكي حاسة اللمس

مبتكره تحدث لـ «الشرق الأوسط» عن تطبيقاته

TT

جلد صناعي يولد الطاقة ويحاكي حاسة اللمس

قال باحثون من جامعة غلاسكو بأسكوتلندا، إن نوعا جديدا من الجلد الصناعي المولد للطاقة يمكن أن يخلق أطرافا صناعية وروبوتات بأسعار معقولة، وقادرة على محاكاة حاسة اللمس.
وفي ورقة بحثية نشرت بالعدد الأخير من دورية «IEEE Transactions on Robotics»، وصف الباحثون كيف يمكن لليد الملفوفة بالجلد المطعم بالخلايا الشمسية أن تتفاعل مع الأشياء دون استخدام أجهزة استشعار مخصصة ومكلفة.
وتدمج الخلايا الشمسية على سطح الجلد من أجل استخدام مزدوج ذكي، حيث تولد الخلايا طاقة كافية لتشغيل المشغلات الدقيقة التي تتحكم في حركات اليد، ولكنها أيضًا تزود اليد بإحساسها الفريد بـ«اللمس».
ويأتي الإحساس باللمس، عندما يقترب أي شيء من سطح الخلية، فإنه يحدث تقليلا لكمية الضوء التي تصل إليها، وتنخفض كمية الطاقة التي تولدها الخلية عندما يصبح الضوء باهتًا، ويصل في النهاية إلى الصفر عندما يلمسه شيء ما ويغطيه. ومن خلال تقديم تفسيرات ذكية لمستويات الطاقة المنتجة في كل خلية، يكون الجلد قادرًا على اكتشاف شكل الجسم الوارد. وتقوم مجموعة ثانية من مصابيح «ليد» البسيطة، المدمجة بين الخلايا الشمسية في الجلد الصناعي، بنقل الضوء بالأشعة تحت الحمراء نحو الأشياء، ومن خلال قياس الوقت الذي يستغرقه الضوء لينعكس من الجسم، يمكن للجلد أن يشعر بالمسافة بين الجسم واليد.
ويتيح الجمع بين المعلومات التي تم جمعها من الخلايا الشمسية ومصابيح ليد، استنتاج قرب الكائن وموقعه وحوافه، مما يؤدي إلى تنفيذ العديد من المهام التي يمكن قياسها بواسطة مستشعرات اللمس التقليدية، وتسمح البيانات لليد بالإمساك بأشياء مثل الكرات المطاطية الموضوعة أمامها.
يقول تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة غلاسكو في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إنه في السابق وجدت البشرة الإلكترونية الحساسة للمس، العديد من التطبيقات التجريبية في الأطراف الصناعية والروبوتات، لكن المشروع البحثي الحالي هو أول جلد إلكتروني مولد للطاقة قادر على تقديم ردود فعل باللمس دون استخدام مستشعرات اللمس المخصصة.
ولا يحتاج الجلد إلى مصدر طاقة تقليدي للعمل، على عكس الأجهزة الأخرى المكافئة التي تشمل مستشعرات اللمس، فالواقع أن الجلد نفسه هو مصدر الطاقة، وهو قادر على تشغيل اليد والأجهزة المتصلة به، ويمكن تخزين الطاقة في أجهزة مثل المكثفات الفائقة المرنة التي طورناها لتعمل جنبًا إلى جنب مع الجلد، لذلك ليس من الضروري التعرض باستمرار لأشعة الشمس من أجل العمل.
ويوضح التقرير أن التطبيقات المأمولة لهذا الجلد هو استخدامه في طرف صناعي يعمل بالطاقة الذاتية بالكامل وملفوف بجلد مرن مصنوع من مكونات غير مكلفة نسبيًا، ويمكن أيضا إضافة اليد المزودة بهذا الجلد إلى نهاية ذراع الروبوت، على غرار تلك الموجودة في أماكن مثل مرافق تصنيع السيارات، حيث تستطيع مستشعرات الجلد إيقاف حركة الذراع عندما يستشعر جسمًا غير متوقع، وهو ما نعتقد أنه يمكن أن يساعد في منع الحوادث الصناعية في المستقبل.
يقول ريفندر داهيا، أستاذ الإلكترونيات والهندسة النانوية، والباحث الرئيسي بالدراسة لـ«الشرق الأوسط»، إن أحد التطبيقات العاجلة التي يمكن توظيف الجلد فيها، هو استخدامه في تصنيع الحقائب الجلدية لتشغيل المستشعرات لمراقبة جودة الجلد بناءً على الرائحة، أو لتشغيل مصابيح «ليد» ضمن تطبيقات الموضة. ويضيف، أن التطبيق الآخر هو استخدام الطاقة المولدة من الخلايا الشمسية لشحن الهواتف المحمولة الموجودة داخل الحقائب.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً