عون يتحصن بالتحقيق لتأخير الحكومة... والحريري يتمسك بتشكيلته الوزارية

رؤساء الحكومة ينتفضون دفاعاً عن موقع الرئاسة الثالثة

عنصر من الجيش اللبناني في موقع انفجار مرفأ بيروت (رويترز)
عنصر من الجيش اللبناني في موقع انفجار مرفأ بيروت (رويترز)
TT
20

عون يتحصن بالتحقيق لتأخير الحكومة... والحريري يتمسك بتشكيلته الوزارية

عنصر من الجيش اللبناني في موقع انفجار مرفأ بيروت (رويترز)
عنصر من الجيش اللبناني في موقع انفجار مرفأ بيروت (رويترز)

عادت مشاورات تشكيل الحكومة بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري إلى نقطة الصفر، بعدما طغى عليها ادعاء المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس بتهمة التقصير والإهمال، مما أثار ردود فعل أوقعت التحقيق في شرك التطييف المذهبي والطائفي والاشتباك السياسي، خصوصاً أن الادعاء لم يأت متطابقاً مع الرسالة التي كان بعث بها صوان إلى المجلس النيابي وفيها أسماء 12 وزيراً حاليين وسابقين و3 رؤساء حكومات سابقين هم نجيب ميقاتي وتمام سلام والحريري، إضافة إلى دياب.
وأثار التوقيت الذي اختاره صوان للادعاء تساؤلات مصادر نيابية حول أسباب اعتماده، على الأقل حتى الساعة، على «الاستنسابية والانتقائية» في حصره الادعاء بثلاثة وزراء سابقين ورئيس الحكومة المستقيلة من دون شموله الآخرين الذين وردت أسماؤهم في رسالته إلى البرلمان التي طلب فيها القيام بما هو مناسب حيال وجود شبهة اتهامية جدية بحق جميع هؤلاء.
وسألت هذه المصادر عن الأسباب التي كانت وراء امتناع الرئيس عون بعد أن تلقى مراسلة من مدير أمن الدولة اللواء طوني صليبا بوجود هذه المواد في المرفأ، عن طرحها في اجتماعات مجلس الدفاع الأعلى التي تُعقد برئاسته مع أن وجودها يهدد أمن لبنان وسلامة اللبنانيين.
وقالت إنها «لا تعترض على أن المادة (60) من الدستور تنص على عدم ملاحقة رئيس الجمهورية من خارج المواد المنصوص عليها في هذه المادة، لكن ألا يستدعي الأمر إدراج المراسلة على جدول أعمال مجلس الدفاع الأعلى وصولاً إلى رفع توصية إلى مجلس الوزراء للنظر فيها أو الطلب من المعنيين التدخل لتفادي الأخطار المترتبة عليها في حال أن هناك صعوبة في اجتماع الحكومة التي تتولى تصريف الأعمال؟».
وعادت المصادر إلى السؤال عن توقيت الادعاء لجهة أنه تسبب في رفع منسوب الاحتقان المذهبي والطائفي وأدى إلى تظهير الخلاف على غير حقيقته، وتحديداً بين قوى مسيحية تطالب بمحاسبة المسؤولين وأخرى إسلامية تصطف وراء المشمولين بالادعاء دفاعاً عنهم من دون أن يغيب عن بالها السؤال الآخر حول التزامن بين دعوة مجلس القضاء الأعلى للاجتماع برئيس الجمهورية واستحضار الادعاء في أقل من 24 ساعة على انعقاده، كما تسأل عما إذا كان لتوقيت الادعاء علاقة بالجولة الأخيرة من مشاورات التأليف بين عون والحريري، والتي عادت إلى نقطة الصفر؟ مع أن الأخير تعامل بإيجابية معها سرعان ما أخذت تتلاشى في ضوء إصرار عون على طرح صيغة مضادة للصيغة التي عرضها عليه الرئيس المكلف رغم أنها ضمت 5 أسماء من اللائحة التي كان طرحها سابقاً عون يضاف إليها الوزير الأرمني. لذلك، فإن مشاورات التأليف تدخل حالياً في إجازة قسرية، يُنتظر أن يبادر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تحريكها في زيارته الثالثة المرتقبة إلى لبنان، مع أنه أحيط علماً بالتفاصيل التي أعادت التأليف إلى نقطة الصفر بسبب إصرار عون على الثلث الضامن الذي لن يكون في متناوله إلا بحكومة يغلب عليها الحضور الحزبي في مقابل صمود الحريري على موقفه وعدم التنازل عن الصيغة التي طرحها لأن إخضاعها إلى تعديل سيؤدي حتماً لإطاحة المبادرة الفرنسية.
وبالنسبة إلى تضامن رؤساء الحكومات مع دياب في وجه الادعاء، استغربت مصادر مقربة منهم لجوء فريق يتزعّمه رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل إلى تطييف التحقيق في جريمة الانفجار الذي استهدف المرفأ. وقالت إن رؤساء الحكومات «مع تبيان كل الحقيقة للرأي العام وإنزال أشد العقوبات بالجهات التي يثبت ضلوعها في هذه الجريمة، لكن حذار من إقحام التحقيق في مزايدات شعبوية».
وأوضحت أن «رؤساء الحكومات انتفضوا دفاعاً عن موقع رئاسة الحكومة بعد الادعاء على دياب و3 منهم»، متسائلة: «ألا يحق لهم الدفاع عن هذا الموقع؟ وهل يلوذ الفريق الآخر بالصمت في حال استهداف الرئاسة الأولى؟». وشددت على أن «البلد لا يدار بتصفية الحسابات، علما بأن عون يستمر في الالتفاف على صلاحيات رئيس الحكومة سواء بالقرارات التي اتخذها في مجلس الدفاع الأعلى أو عبر نسفه الصيغة الوزارية المتوازنة التي طرحها عليه الرئيس الحريري واستبدال صيغة أخرى بها، وبالتالي، فإن عون وباسيل يعطيان الأولوية للتحقيق تحت عنوان مكافحة الفساد لتبرير تأخير ولادة الحكومة ما لم يؤخذ بشروطهما، فيما يعترضان على من يدافع عن الموقع الأول للطائفة السنية في التركيبة اللبنانية».



محامي دفاع حمدوك يواجه تهماً تصل إلى السجن المؤبد

حمدوك يتوسط قيادات مدنية خلال مؤتمر سابق في لندن (الشرق الأوسط)
حمدوك يتوسط قيادات مدنية خلال مؤتمر سابق في لندن (الشرق الأوسط)
TT
20

محامي دفاع حمدوك يواجه تهماً تصل إلى السجن المؤبد

حمدوك يتوسط قيادات مدنية خلال مؤتمر سابق في لندن (الشرق الأوسط)
حمدوك يتوسط قيادات مدنية خلال مؤتمر سابق في لندن (الشرق الأوسط)

من محامي دفاع تحول إلى متهم. هو منتصر عبد الله، ممثل هيئة الدفاع عن رئيس وزراء السودان السابق عبد الله حمدوك، وعدد من القادة السياسيين في تحالف «تنسيقية تقدم» سابقاً، يواجه تهماً جنائية تصل إلى حد السجن المؤبد.

وعُلّقت جلسة محاكمته التي كان مقرراً لها الاثنين الماضي في مدينة بورتسودان، دون توضيح رسمي من هيئة المحكمة، لتزامنها مع الجلسة الثانية لسماع الشهود في محاكمة قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» وشقيقه عبد الرحيم و14 من قادة قواته في مقتل حاكم ولاية غرب دارفور خميس أبكر.

النيابة العامة السودانية قيدت في أبريل (نيسان) 2024 بلاغات في مواجهة رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك و15 شخصاً آخرين، بينهم قيادات حزبية وصحافية، تتهمهم بـ«تقويض الدستور وإثارة الحرب ضد الدولة»، وهي اتهامات تصل عقوبتها إلى الإعدام.

ومن بين الأسماء، رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان - التيار الثوري» ياسر عرمان، ورئيس «حزب المؤتمر السوداني» عمر الدقير، ونائبه خالد عمر يوسف، والأمين العام لحزب الأمة الواثق البرير، ووزيرة الخارجية السابقة مريم الصادق المهدي، وشقيقها الصديق، وعضو مجلس السيادة السابق محمد الفكي سليمان.

رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك (موقع «صمود» على فيسبوك)
رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك (موقع «صمود» على فيسبوك)

وألقت الأجهزة الأمنية في مدينة بورتسودان في سبتمبر (أيلول) الماضي القبض على المحامي منتصر عبد الله، بعد ساعات من تقدمه بطلب للنيابة العامة للدفاع عن المتهمين من قادة «تنسيقية تقدم» في البلاغ رقم 1613 المقيد ضد حمدوك وقادة سياسيين وناشطين. ويواجه عبد الله بلاغات بموجب المادتين 51 و52 المتعلقتين بالجرائم الموجهة ضد الدولة، والمادة 53 الخاصة بالتجسس، وهي تهم تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد.

وقالت هيئة «محامو الطوارئ» (منظمة حقوقية ترصد الانتهاكات في حرب السودان)، إن المحامي تقدم بطلب قانوني للنيابة العامة، وبدلاً من الاستجابة له وقبوله تم القبض عليه دون أسباب قانونية ولم يتم الإفراج عنه حتى اليوم. ولم يتسنَّ لـ«الشرق الأوسط» الحصول على تعليق من السلطات الحقوقية في السودان، بشأن هذه المزاعم.

وأضافت الهيئة، في بيان، الثلاثاء، أن «المحامي تعرض لانتهاكات جسيمة، شملت التعذيب الجسدي والنفسي، ما يشكل انتهاكاً صارخاً لحقوقه القانونية وحقوق المحامين بشكل عام». وطالبت بالإفراج الفوري عنه، واعتبار الإجراءات المتخذة ضده باطلة لعدم مراعاتها ضمانات المحاكمة العادلة، بما في ذلك حقه في توكيل محامٍ بحرية وأمان.

ودعت «الهيئة الحقوقية» المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان إلى التدخل الفوري لحماية المحامي وكل المدافعين عن الحقوق في السودان، من هذه الممارسات التي تقوض العدالة وحماية الحريات.

وقال مصدر قضائي إن توقيف المحامي منتصر عبد الله يخالف قانون الإجراءات الجنائية لعام 1991 الذي ينص على حق المتهم في الحصول على محامٍ يترافع عنه، «وفي حالة عبد الله هو محامٍ مرخص له ومسموح بأن يمارس حقه». وأضاف أن احتجاز المحامي وتحويله إلى متهم، من دون ورود اسمه في البلاغات المقدمة ضد القوى المدنية أو في أي بلاغ آخر، «لا يعدو كونه مسألة كيدية سياسية».

وأشار، في إفادة لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «هذا الفعل يبين استخدام القانون لمحاربة الخصوم السياسيين، ويخل بمبدأ المحاكمة العادلة». وذكر المصدر القضائي، الذي طلب حجب اسمه، أن «هذه الإجراءات تدخل في باب التخويف والترهيب، لمنع أي محامٍ من التصدي للدفاع عن القادة السياسيين».

من جهة ثانية، قال محامٍ في «التحالف الديمقراطي للمحامين» (هيئة تضم قانونيين من كل القوى السياسية» إن تأخير تقديم المحامي منتصر عبد الله لأكثر من 7 أشهر «جزء من العقوبة التي يتعرض لها من قبل القضاء السوداني». وأضافت: «لم يرتكب أي جناية ولا توجد أي أدلة تدينه، فهو كان يمارس حقه في القيام بمهامه المهنية، واعتقاله خرق دستوري كبير يلغي حقوقه بوصفه محامياً». وكشف المصدر القانوني عن مخاطبة المقرر الخاص لحقوق الإنسان الحكومة السودانية بالشأن ذاته، لكنها لم تستجب أو ترد على طلبه. وقال إن ما لا يقل عن 300 شخص يقبعون في سجون بورتسودان بالتهم ذاتها، بينهم أطباء ومهندسون ومديرو شركات، لا يجدون حقوقهم في المحاكمة العادلة.