استخدام الصحافيين لـ«مواقع التواصل»... ترويج أم آراء شخصية؟

استخدام الصحافيين لـ«مواقع التواصل»... ترويج أم آراء شخصية؟
TT

استخدام الصحافيين لـ«مواقع التواصل»... ترويج أم آراء شخصية؟

استخدام الصحافيين لـ«مواقع التواصل»... ترويج أم آراء شخصية؟

مع تزايد الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي مصدراً للمعلومات والأخبار، أصبحت هذه الوسائل أحد أهم الطرق لـ«ترويج المحتوى للصحافيين والإعلاميين». وبات هؤلاء يستخدمون حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج للمحتوى المُنتج، وسط حالة من الجدل في الوسط الصحافي والمؤسسات الصحافية التي تضع بعض القيود على ذلك. وفي حين يرى صحافيون ومتخصصون أن «تحويل الصفحات الشخصية للصحافيين إلى مواقع لإنتاج محتوى ضرورةٌ لبناء الهوية المهنية وتقديم تغطيات خاصة ونشرات إخبارية»، يشير آخرون إلى أنها «مجرد حسابات شخصية، لا ينبغي أن تستخدم في أغراض مهنية، خاصة ما يتعلق بمدى صحة المعلومات المنشورة من قبل البعض».
الدكتورة مارغريت دفي، أستاذة الاتصال الاستراتيجي بمدرسة ميزوري للصحافة، والمديرة التنفيذية لمعهد نوڤاك للقيادة (NLI) التابع لجامعة ميزوري الأميركية، قالت: «استخدام الصحافيين لمواقع التواصل وسيلة لترويج محتواهم، مسألة تتعلق بالشفافية بشكل أساسي»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «حالة الارتباك تحدث في الفصل بين متى يمثل الصحافيون المؤسسة التي يعملون بها، ومتى يمثلون أنفسهم ويعرضون وجهات نظرهم الشخصية عبر صفحاتهم». بينما يرى مراقبون أنه لم يعد استخدام الصحافيون والإعلاميون لمواقع التواصل، محصوراً بنشر روابط مواضيعهم والترويج لها أو الإعلان عنها؛ بل اتجه بعضهم لإنتاج محتوى خاص به، إذ يجرون تغطيات خاصة ومباشرة بالفيديو والصور للأحداث على صفحاتهم الشخصية. وظهر هذا بوضوح في الأحداث الكبرى، مثل الانتخابات الأميركية الأخيرة وفعاليات المظاهرات حول العالم.
الصحافي المصري معتز نادي اتجه وزوجته الصحافية أسماء منصور إلى إنتاج محتوى فيديو خاص على صفحاتهما الشخصية. وقال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن «العزلة التي فرضتها جائحة (كوفيد 19) دفعته للتفكير في إيجاد طريقة للحديث إلى الناس، وطرح بعض القضايا للنقاش عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أنها أصبحت المكان الذي يمضي فيه الناس معظم وقتهم، كما أنها تتيح فرصة للتفاعل وتبادل الرأي».
وبحثاً عن جمهور ومساحة أكبر للتحليل، قرّر الصحافي المصري محمد سعد خسكية، تحويل صفحته الشخصية على «فيسبوك» إلى مساحة ينشر من خلالها نشرة أخبار يومية. وشرح لـ«الشرق الأوسط» أن «مواقع التواصل تسمح بخلق جمهور من المتابعين، كما أنها تمنح مساحة أكبر للتعبير والتحليل، إضافة إلى أنها مكان لأرشفة المحتوى. ومن هنا جاءت فكرة نشرة الأخبار، التي أجمع فيها أهم الأخبار، بلغة تجمع بين الفصحى والعامية، مع تعليقات وتحليلات طريفة لبعضها، وأسئلة تفاعلية مع القراء». ولا يرى خسكية أن «ما ينشره من أخبار يتعارض مع عمله؛ حيث إنه يعمل بقسم الديجيتال في شبكة قنوات (سي بي سي)»... بل يوضح أنه «فقط يمنح الأولوية في النشر لصفحته الشخصية».
هذا، ويثير استخدام الصحافيين لمواقع التواصل أسئلة ومخاوف لدى بعض المؤسسات الإعلامية، فعام 2017 أصدرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية دليلاً لتعامل صحافييها مع مواقع التواصل. ووفق الدليل فإن «ما ينشره الصحافيون على صفحاتهم الشخصية، سواء أكان متعلقاً بعملهم أم لا، قد يؤثر على مؤسساتهم. وبالتالي، يجب على الصحافيين تجنب التعبير عن توجهاتهم الحزبية، أو نشر تعليقات عدائية، أو أي محتوى قد يؤثر على سمعة المؤسسة». لكن وفق ما نشره معهد «بوينتر» الأميركي للدراسات الإعلامية، في منتصف العام الحالي «معظم القواعد التي وضعتها المؤسسات الإعلامية الكبرى في هذا المجال تفتقد للتحديث؛ حيث تعود إلى عام 2016 في (واشنطن بوست)، و2017 في (نيويورك تايمز)، و2013 في (أسوشييتد برس). كذلك، فإن بعض المؤسسات لم تضع قواعد لذلك».
الدكتورة دفي ترى أنه «من الأفضل أن يلتزم الصحافيون بالأخلاقيات والقواعد المتبعة في المؤسسة الإعلامية التي يعملون فيها... فهناك حالات كثيرة يستخدم فيها الصحافيون حساباتهم الشخصية لتغطية أحداث أو أخبار، وهذا يؤدي بطبيعة إلى حالة من الارتباك عند الجمهور، حول صحة هذه المعلومات ومصادرها». بينما يشدد نادي على الحرص على «ألا يتعارض ما يقدمه من محتوى على صفحته الشخصية، مع متطلبات المؤسسة الإعلامية حيث يعمل. إن تقرير ما يتعارض وما لا يتعارض، نتاج الخبرة والتمرس في المهنة، ومعرفة القواعد المهنية الخاصة بالمؤسسة»، ويتابع: «لكل مؤسسة إعلامية معايير وشروط ينبغي على العاملين الالتزام بها، طالما تم التوافق عليها. ولهذا قد يرى البعض أن هذا قيوداً، بينما يراها آخرون قواعد، ضمن بنود عمل المؤسسة الإعلامية».
من جهته، يرفض خسكية فرض قيود على الصحافيين في التعامل مع حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل، معتبراً أن «هذه القيود من بعض المؤسسات الصحافية، قد تدفع بعض الصحافيين إلى الاكتفاء بنشر مواد ومنشورات في الرياضة والفن والمنوعات وغيرها، والابتعاد عن السياسة وإبداء الآراء الشخصية وفق قواعد كل مؤسسة».
يُذكر أنه حسب دراسة لمعهد «رويترز» لدراسة الصحافة، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية، في عام 2017، فإن «(تويتر) هي أكثر المنصات أهمية بالنسبة للصحافيين، وأنهم يفضلون الحضور على منصات التواصل لمخاطبة شرائح متنوعة من الجمهور». كذلك تشير الدراسة إلى أن «مواقع التواصل تعد جزءاً من العمل الصحافي، ما يعني أن التعرض والتفاعل وردود فعل الجمهور يكتسب أهمية كجزء من الهوية المهنية للصحافيين». وتضيف الدراسة أن «على الصحافي أن يدرك أن مهنته أصبحت أسلوب حياة، فالسوشيال ميديا ليست لها مواعيد عمل».مارغريت دفي



سليمان: نوّعنا شراكاتنا دولياً للحد من التضليل والتزييف الإعلامي

من مشاهد المعاناة في السودان (رويترز)
من مشاهد المعاناة في السودان (رويترز)
TT

سليمان: نوّعنا شراكاتنا دولياً للحد من التضليل والتزييف الإعلامي

من مشاهد المعاناة في السودان (رويترز)
من مشاهد المعاناة في السودان (رويترز)

أعلن المهندس عبد الرحيم سليمان، مدير عام اتحاد إذاعات الدول العربية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «المؤتمر الرابع للإعلام العربي» سيُعقد في العاصمة العراقية، بغداد، خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل، وستعنى فعالياته بقضايا الساعة، وبينها ملفات التنمية، والبيئة، وموضوعية وسائل الإعلام في تغطية العدوان على الشعبين الفلسطيني واللبناني، والمنطقة العربية.

سليمان نوّه بدعم هيئة الإعلام العراقية ورئيسها الوزير كريم حمادي لمشروع تنظيم المؤتمر المقبل في العراق، وسط تعقيدات الأوضاع الطبيعية والبيئية في العراق والمنطقة، خلال العقود الماضية لأسباب عدة، من بينها إلقاء مئات آلاف الأطنان من القنابل على مناطق عمرانية وسكنية وزراعية. وأوضح المهندس سليمان أنها المرة الأولى التي تستضيف فيها الجمهورية العراقية مؤتمراً إعلامياً عربياً دولياً بهذا الحجم، بدعم من مؤسسات جامعة الدول العربية، ومن مسؤولي هيئة الإعلام العراقية والقائمين عليها وخبرائها.

الإعلام... والعدوان على فلسطين ولبنان

المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية كشف من ناحية ثانية، في كلامه لـ«الشرق الأوسط»، عن أن هذا المؤتمر العربي الكبير سينظَّم بالشراكة مع «شبكة الإعلام العراقي» بعد أسابيع قليلة من تنظيم الاتحاد مؤتمرات إعلامية وسياسية عربية كبيرة في تونس حول الحاجة إلى تطوير دعم «الإعلام المهني» لقضايا الشعبين الفلسطيني واللبناني، وللسلام في المنطقة، إلى جانب مواكبة التحديات الأمنية والجيو-استراتيجية الخطيرة التي تواجه كثيراً من الدول والشعوب العربية، وبينها الحرب المدمّرة الطويلة في السودان. وأوضح أن هذه الحرب تسببت حتى الآن في سقوط نحو 150 ألف قتيل ومئات الآلاف من الجرحى، وتشريد ملايين المواطنين وتهجيرهم.

المهندس عبد الرحيم سليمان (الشرق الأوسط)

حرب منسية

وأردف سليمان أن «انشغال الإعلام، سواء العربي أو الدولي، نسبياً بالحرب العدوانية على كل من فلسطين ولبنان همَّش إعلامياً ملفات خطيرة أخرى، من بينها معضلات التلوث، والبيئة، والتنمية، وحروب ونزاعات مسلحة خطيرة في المنطقة، بينها الحرب في السودان».

وتابع قائلاً: «الإعلام الدولي لا يواكب بالقدر الكافي محنة الشعب السوداني» حتى عدّ كثيرون الحرب المدمِّرة الحالية ضده «الحرب المنسية رغم الصبغة الجيو-استراتيجية المهمة جداً لهذا البلد العربي والأفريقي والإسلامي الكبير، الذي يتميّز بثروات بشرية ومادية هائلة، لكنه يعاني منذ عقود من التدخل الأجنبي، ومن أجندات محلية وإقليمية ودولية غير بريئة».

وعلى صعيد موازٍ، نفى سليمان أن تكون الأمانة العامة لاتحاد إذاعات الدول العربية «أهملت التحديات الأمنية الخطيرة جداً التي تواجه المنطقة؛ بسبب انحياز الإعلام الغربي إلى الروايات الإسرائيلية للتطورات في فلسطين ولبنان والمنطقة». وأفاد بأن مقر الاتحاد استضاف أخيراً في تونس تظاهرات إعلامية وعلمية، قدَّم خلالها مهنيون وخبراء دراسات وتقارير علمية حول قضايا التحرّر الوطني العربية، وعلى رأسها قضايا إنهاء الاحتلال في فلسطين ولبنان، والتعريف بتوظيف أطراف غربية الإعلام الغربي والدولي لتشويه صورة العرب والمسلمين والأفارقة، ومطالبهم المشروعة في التحرّر الوطني والتنمية والتقدم، والشراكة مع كبار الفاعلين دولياً بما في ذلك في قطاعات حوكمة الإدارة والاقتصاد والبحث العلمي والتكنولوجيا والبيئة والمحيط.

العراق استعاد مجده

من جانب آخر، ورداً على سؤالنا عن خلفيات قرار عقد «المؤتمر الرابع للإعلام العربي» في بغداد في هذه الظروف تحديداً؟ وهل لم تكن هناك تخوّفات من الاضطرابات التي تشهدها المنطقة؟ أوضح سليمان أن الأمانة العامة لاتحاد إذاعات الدول العربية «تتطلع إلى مؤتمر عربي ناجح ينظَّم الربيع المقبل في بغداد»، مضيفاً أن بغداد «عاصمة الحضارة والعروبة التي استردّت مجدها وألقها، واستحقت استضافة المؤتمر المقبل بعد نجاح مئات الخبراء خلال المؤتمرات الثلاثة الماضية في تونس في تقديم دراسات وتوصيات ومقررات مهنية نوعية بمشاركة خبراء من العالم أجمع». ومن ثم، أثنى على التطور الكبير الذي سُجِّل في قطاع الإعلام في العراق، وأورد أن «القفزات الإعلامية التي يشهدها العراق مكَّنته من حصد الجوائز الأوفر في المهرجانات والمسابقات الإذاعية والتلفزيونية التي ننظمها سنوياً».

استقلالية مالية

أيضاً، نوه المدير العام بانعقاد «الجمعية العامة» للاتحاد يومَي 15 و16 يناير (كانون الثاني) الحالي في المنطقة السياحية بالحمّامات، (60 كيلومتراً جنوب العاصمة تونس). وكان قد حضر هذه الفعالية إعلاميون ومسؤولون رسميون، ومشرفون على مراكز الأبحاث وتدريب الصحافيين وعن جامعات الأخبار والاتصال، ووسائل إعلام عربية ودولية، بجانب الاتحادات الإذاعية والتلفزيونية العربية والإسلامية والأوروبية والآسيوية والصينية والأفريقية، كما كان حاضراً الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية المكلف الإعلام، السفير المغربي أحمد رشيد الخطابي.

وقد انتظم على هامش هذا المؤتمر الإعلامي الكبير موكب رسمي تمَّ خلاله التوقيع على اتفاقية شراكة بين اتحاد إذاعات الدول العربية ومنظمة التحالف الإعلامي لدول أميركا اللاتينية.

وفي هذا الصدد، ثمَّن المهندس عبد الرحيم سليمان كون اتحاد إذاعات الدول العربية «نجح، بفضل شراكاته الدولية في القارات الخمس، والخدمات الاتصالية والتغطيات التلفزية والإذاعية عبر الأقمار الاصطناعية، في تلبية طلبات غالبية الدول ووسائل الإعلام العربية، وفي البلدان الشريكة للاتحاد في أوروبا وآسيا وأميركا، ما أسهم في مضاعفة موارده المالية». وذكر أن هذا «أسهم في الحد من تقديم إعلام عربي بديل عن مضامين إخبارية مكتوبة ومصوّرة عُرفت بالتزييف والتضليل».

وهنا يشار إلى أن الاتحاد هو المنظمة العربية الوحيدة التي تغطي، بفضل استثماراتها، حاجياتها المالية كلها، ولا تحتاج إلى دعم مالي من الدول العربية ومن مؤسسات الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.

الإعلام في مواجهة التزييف والتضليل

وعلى صعيد متّصل، عدّ جامعيون من كليات الإعلام التونسية والعربية والغربية شاركوا في الجلسات العلمية للمؤتمر أن من بين أولويات المرحلة المقبلة بعد تطورات في المشرق العربي «التصدي إعلامياً بأساليب مهنية» لما وصفه عدد من الخبراء العرب والأجانب بأنه «استفحال ظاهرة التزييف والتضليل» في نشر الأخبار والتقارير المصورة والتوثيقية عن النزاعات والحروب، وبينها الحرب في أوكرانيا، وفي فلسطين ولبنان خلال الفترة الماضية، وفي بلدان عربية وأفريقية وإسلامية عدة تفاقمت فيها معاناة الشعوب وملايين الفارين من القتال، من بينها السودان واليمن وسوريا وليبيا.

ولقد نُظّم على هامش هذا الحدث كذلك، ملتقى حواري حول «مستقبل الإذاعة والتلفزيون في عهد التقارب الرقمي والبث متعدد المنصات»، بمشاركة خبراء من فلسطين، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والصين، وفرنسا، وإسبانيا.