لندن تسارع في إبرام اتفاقات تجارية مع تعقّد «بريكست»

وقعت مع سنغافورة وكينيا وكندا... وتهدئ العلاقات مع أميركا

بالتوازي مع تعقد مسار الانفصال مع الاتحاد الأوروبي... تعجل بريطانيا من عقد الاتفاقات التجارية الثنائية مع دول حول العالم (إ.ب.أ)
بالتوازي مع تعقد مسار الانفصال مع الاتحاد الأوروبي... تعجل بريطانيا من عقد الاتفاقات التجارية الثنائية مع دول حول العالم (إ.ب.أ)
TT

لندن تسارع في إبرام اتفاقات تجارية مع تعقّد «بريكست»

بالتوازي مع تعقد مسار الانفصال مع الاتحاد الأوروبي... تعجل بريطانيا من عقد الاتفاقات التجارية الثنائية مع دول حول العالم (إ.ب.أ)
بالتوازي مع تعقد مسار الانفصال مع الاتحاد الأوروبي... تعجل بريطانيا من عقد الاتفاقات التجارية الثنائية مع دول حول العالم (إ.ب.أ)

بينما تتعقد خيوط المباحثات الجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي حول اتفاقية التجارة بعد انفصال الأولى عن الثانية في نهاية الشهر الحالي، تسارع لندن الخطى لعقد أكبر قدر من الاتفاقيات التجارية المنفردة مع العالم.
وأعلنت وزيرة التجارة الدولية البريطانية ليز تروس الخميس توقيع بريطانيا اتفاقاً للتجارة الحرة مع سنغافورة لزيادة فرص وصول كلا البلدين لأسواق بعضهما بعضاً. وكتبت على صفحتها بموقع «تويتر»: «اليوم وقعت اتفاقاً مع سنغافورة يغطي تجارة بقيمة 17.6 مليار جنيه إسترليني، وهو ثاني أكبر اتفاق نوقعه في منطقة آسيا والمحيط الهادي». ونشرت صورة تظهر فيها تروس إلى جانب وزير التجارة السنغافوري شان شون. وأوضحت صحيفة «إندبندنت» أن هذا الاتفاق يلغي التعريفات الجمركية للبلدين في السوق البريطانية والسنغافورية لتسهيل إجراء المعاملات التجارية بينهما، كما يتعين تخفيض الحواجز غير التعريفية في أربعة قطاعات رئيسية تضم الإلكترونيات والسيارات والمستحضرات الصيدلانية والأجهزة الطبية والطاقة المتجددة.
ويتشابه هذا الاتفاق مع الاتفاق الذي أبرمته سنغافورة مع الاتحاد الأوروبي، وذكر بيان وزاري مشترك من الجانبين البريطاني والسنغافوري أنه بموجب الاتفاق ستظل التعريفات ملغاة لما يصل إلى 84 في المائة من جميع الخطوط التعريفية للصادرات السنغافورية لبريطانيا.
ويعد هذا أول اتفاق تجارة حرة تعقده بريطانيا مع دولة عضوة في رابطة دول جنوب شرقي آسيا، كما يعتبر اتفاقاً مهماً بالنسبة لسنغافورة التي تصنف بريطانيا كثالث أكبر شريك تجاري لها.
كما أعلنت وزيرة التجارة الكينية، بيتي ماينا الخميس، أن كينيا وقعت اتفاقية مع المملكة المتحدة لضمان استمرار شروط التجارة التفضيلية مع أكبر شريك أوروبي لها بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وذكرت وكالة «بلومبرغ» أن ماينا قالت إن كينيا، أكبر اقتصاد في مجموعة شرق أفريقيا، خالفت الأعضاء الآخرين في صياغة الاتفاق الثنائي لأنها مصنفة كاقتصاد نامٍ، ولن تكون مؤهلة للوصول التفضيلي الممنوح للدول الأقل تقدماً... موضحة أن الصادرات الكينية، بما في ذلك الشاي والزهور والفاكهة والخضراوات سوف تظل تتمتع بإعفاء من الرسوم الجمركية والحصص بعد مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي.
ويأتي ذلك في الوقت الذي بدأت فيه بريطانيا والاتحاد الأوروبي محاولة اللحاق بالفرصة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق تجاري بين الجانبين قبل دخول قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي حيز التطبيق مع بداية الشهر المقبل.
وكان رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قد عقدا جلسة محادثات مساء الأربعاء في بروكسل واتفقا على أن يوم الأحد المقبل هو الموعد النهائي لتقرير مصير خلافاتهما بشأن المحادثات التجارية المتعثرة بشدة بين الجانبين. وقال مسؤول رفيع المستوى في الحكومة البريطانية إن جونسون وفون دير لاين أجريا «مناقشة صريحة»، لكن ما زالت هناك عقبات كبيرة في المفاوضات. وأضاف المصدر: «ما زالت هناك فجوات كبيرة بين الجانبين؛ وما زال من غير الواضح ما إذا كان سيتم سدها».
وجاء ذلك بعد ساعات من توقيع بريطانيا وكندا اتفاقية لتنظيم العلاقات التجارية المستقبلية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وعلقت الوزيرة تروس مساء الأربعاء على الاتفاق: «هذا اتفاق عظيم لبريطانيا العالمية»، مشيرة إلى أن الاتفاق سيضمن «تجارة بقيمة 20 مليار جنيه إسترليني مع صديق وشريك يشاركنا الالتزام الواضح بالتجارة الحرة».
وكانت الدولتان قد اتفقتا على شروط الاتفاقية المشتركة في الشهر الماضي، وبموجب الاتفاقية يمكن تجارة السلع بين الجانبين ومن بينها السيارات ولحوم البقر والسلمون وشراب القيقب من دون جمارك.
وفي مسار موازٍ، قالت وزارة التجارة البريطانية الأربعاء إن بريطانيا ستعلق بدءاً من الأول من يناير (كانون الثاني) رسوماً جمركية فرضتها على سلع أميركية ضمن نزاع بشأن دعم طائرات، واصفة الخطوة بأنها محاولة لخفض تصعيد نزاع مدمر في التجارة الدولية.
ويعد هذا القرار أول انحراف لبريطانيا عن سياسة الاتحاد الأوروبي التجارية ويبدأ سريانه في يوم استكمال خروج بريطانيا عن القواعد واللوائح التنظيمية للتكتل، ويشير إلى طموح إقامة علاقات أوثق مع الولايات المتحدة.
ويرتبط نزاع الرسوم الجمركية المتبادلة التي تُقدر بمليارات الدولارات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بخلاف طويل الأمد بشأن دعم الدولة لشركتي إيرباص وبوينغ لصناعة الطائرات.
وقالت تروس في بيان: «في نهاية المطاف، نريد منع تصعيد النزاع والتوصل لتسوية عبر التفاوض كي يتسنى لنا تعميق علاقتنا التجارية مع الولايات المتحدة ووضع نهاية لكل هذا». ورغم أن بريطانيا انفصلت رسمياً عن الاتحاد الأوروبي في يناير الماضي، فإنه بموجب بنود مرحلة انتقالية مدتها 11 شهراً لترتيبات الانفصال فإنها انضمت للاتحاد الأوروبي في فرض رسوم جمركية على سلع أميركية قيمتها أربعة مليارات دولار في نوفمبر (تشرين الثاني). ووافقت منظمة التجارة العالمية على هذا الإجراء في أعقاب قرارها في 2019 بالموافقة على فرض رسوم جمركية أميركية على سلع من الاتحاد الأوروبي قيمتها 7.5 مليار دولار.
لكن بريطانيا قالت إنها ستعلق الرسوم الجمركية من جانبها بهدف إقناع الولايات المتحدة بالتوصل لتسوية، وإن كانت فعلت ذلك مع تحذير بإمكانية إعادة فرضها «ما لم يتم إحراز تقدم مُرضٍ نحو التوصل لتسوية مقبولة».



السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.