خلافات داخل حزب تونسي حول الدعوة إلى «نشر الجيش»

محمد عبو ينسحب من «التيار الديمقراطي»

أطباء يشاركون في احتجاج في العاصمة التونسية يوم الثلاثاء للمطالبة باستقالة وزير الصحة بعد وفاة طبيب نتيجة خلل في مصعد أحد المستشفيات (أ.ف.ب)
أطباء يشاركون في احتجاج في العاصمة التونسية يوم الثلاثاء للمطالبة باستقالة وزير الصحة بعد وفاة طبيب نتيجة خلل في مصعد أحد المستشفيات (أ.ف.ب)
TT

خلافات داخل حزب تونسي حول الدعوة إلى «نشر الجيش»

أطباء يشاركون في احتجاج في العاصمة التونسية يوم الثلاثاء للمطالبة باستقالة وزير الصحة بعد وفاة طبيب نتيجة خلل في مصعد أحد المستشفيات (أ.ف.ب)
أطباء يشاركون في احتجاج في العاصمة التونسية يوم الثلاثاء للمطالبة باستقالة وزير الصحة بعد وفاة طبيب نتيجة خلل في مصعد أحد المستشفيات (أ.ف.ب)

كشفت استقالة محمد عبو، الأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي المعارض في تونس، من العمل السياسي والحزبي، عن خلافات في المواقف حول توصيف الوضع السياسي والاجتماعي الحالي في البلد. ففي حين دعا عبو، الذي شغل منصب وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد في حكومة إلياس الفخفاخ السابقة إلى نشر قوات الجيش الوطني، بإذن من الرئيس قيس سعيد، القائد الأعلى للقوات المسلحة، في كل المدن التي شهدت احتجاجات اجتماعية حادة، أعلن غازي الشواشي الرئيس الحالي لحزب التيار الديمقراطي، رفضه لكل ما يُروَّج من «دعوات رامية للانقلاب على الدستور أو على مؤسسات الدولة أو على المسار الانتقالي الديمقراطي».
وقال الشواشي، موضحاً خلافه في الموقف مع محمد عبو، إن «تعاسة المشهد السياسي وتردي الأوضاع على جميع المستويات، وحالة الإحباط والفوضى السائدة في تونس خلال هذه المرحلة الانتقالية»، كلها أمور لا تبرر الدعوات إلى الانقلاب على الدستور ومؤسسات الدولة التونسية، مشدداً على ضرورة التنديد بها من قبل الجميع والتصدي لأصحابها بالحجة والقانون.
وكان عبو قد أكد في تصريح إذاعي، إثر توسع رقعة الاحتجاجات الاجتماعية في تونس، أن رئيس الجمهورية يمكنه النظر، بمعية وزير الداخلية، في وضع الأشخاص الذين يمثلون خطراً على الدولة تحت الإقامة الإجبارية، إلى حين عودة القضاء إلى عمله، في إشارة إلى إضراب قضاة تونس عن العمل منذ نحو ثلاثة أسابيع. غير أن موقفه هذا خلّف موجة من الانتقادات الحادة اتهمته بتجاوز المؤسسات الشرعية بالاعتماد على تدخل الجيش، وهو ما يهدد مدنية الدولة في العمق، كما أن فرض الإقامة الإجبارية على الأشخاص دون إذن قضائي ودون احترام القوانين يهدد الحريات العامة والفردية، ويعود بالبلاد إلى مربع الاستبداد، بحسب رأي المعارضين لموقف عبو.
ولتجاوز هذا الخلاف مع القيادات الحالية لحزب التيار الديمقراطي الذي أسسه عبو سنة 2013، قال الأخير إنه قرر الاستقالة من الحزب بعد أن استقال من رئاسة الحزب سابقاً، كي «يخوض معارك بطرق غير تقليدية ويتحرر من ثقل المواقف الحزبية»، على حد قوله. ونفى، في المقابل، وجود أي خلافات مع قيادات حزب التيار، قائلاً إنه «لا يريد إحراج حزب التيار بمواقفه»، وإن استقالته لا علاقة لها بما حصل من اعتداءات متبادلة بالعنف تحت قبة البرلمان التونسي خلال الأسبوع المخصص لمناقشة ميزانية تونس للسنة المقبلة.
على صعيد متصل، اتهم محمد عمار، رئيس الكتلة الديمقراطية التي تضم حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب، ما سماه «ائتلاف قلب النهضة»، في إشارة إلى تحالف كل من «ائتلاف الكرامة» و«النهضة» و«قلب تونس»، بتمرير ما يريد ومنع ما لا يريد في قانون المالية المصادَق عليه صباح أمس (الخميس). وأشار إلى أن هذا التحالف البرلماني سعى إلى تخفيض الرسوم على اليخوت ولوبيات الطماطم والشوكولاته والمعكرونة واللوبيات التجارية الأخرى، وتغاضى، في المقابل، عن عدد من المقترحات التي تهم العاطلين عن العمل وأصحاب المهن الضعيفة والهشة.
من ناحية أخرى، أعربت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عن انشغالها الشديد بأوضاع حقوق الإنسان في البلاد، وحذرت من مخاطر باتت تهدد المكاسب التي تحققت بعد تسجيل بوادر تراجع في مجال الحريات العامة والفردية. وأكدت الرابطة، في بيان أصدرته أمس، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أنه رغم صدور دستور جديد سنة 2014 وإصدار قوانين عدة داعمة لحقوق الإنسان، فإن الالتزام بتطبيقها على أرض الواقع ما زال «دون المأمول»، على حد تعبير جمال مسلم رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
وفي السياق ذاته، نددت الرابطة بتواصل ممارسة التعذيب والممارسات المهينة دون تصدّ جديّ لمرتكبيها، وبقائهم دون عقاب. وطالبت السلطات التونسية بتحمل مسؤولياتها في هذا المجال واحترام التزاماتها في «التصدي للجلادين» والاهتمام بالناجين من التعذيب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.