مخارج قانونية وأمنية ترجئ التحقيق مع حاكم «مصرف لبنان» و5 ضباط

TT

مخارج قانونية وأمنية ترجئ التحقيق مع حاكم «مصرف لبنان» و5 ضباط

لم تسفر الاستدعاءات القضائية لشخصيات من الصف الأول في السلطة اللبنانية، عن احتقان وأزمات سياسية، بل جرى احتواء التداعيات بالأسباب الأمنية، كما الحال في استدعاء حاكم «مصرف لبنان»، رياض سلامة، والمخارج القانونية التي تمثلت في الاستمهال القانوني لتقديم الدفوع الشكلية في ملف الضباط المتقاعدين.
وفي مواكبة قضائية لأسباب تدهور الملف المعيشي، لم يحضر حاكم «مصرف لبنان» رياض سلامة إلى جلسة الاستفسار التي دعته إليها المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون في قصر العدل في بعبدا، في ملف الصيارفة والدولار المدعوم، وأرسل كتاب اعتذار قال فيه إنّه لم يمثل بسبب ظروف أمنية. وأبدت القاضية عون تفهّمها، واستمعت إلى مدير العمليات النقدية في «مصرف لبنان» مازن حمدان.
وكانت القاضية عون استدعت سلامة للمثول أمامها أمس، للاستيضاح منه حول ملف الهدر الحاصل في الدولار المدعوم. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، بأن محامي «مصرف لبنان» شوقي قازان، ومدير المالية للمصرف مازن حمدان حضرا، على أن يُحدد موعد لاحق لجلسة الاستماع المقبلة مع سلامة الذي قدم بواسطة وكيله القانوني معذرة لأسباب أمنية.
وذكرت محطة «إل بي سي» أن سلامة أعلن استعداده للمثول أمام القاضية والإدلاء بإفادته في موعد لاحق لا يُسرّب توقيته للإعلام، الأمر الذي تفهمته القاضية عون. واستمعت عون مطولاً إلى إفادة مدير العمليات النقدية في «مصرف لبنان» مازن حمدان حول ملف الدولار المدعوم وكيفية توزيعه من قبل الصيارفة.
وفي سياق متصل بالاستدعاءات القضائية، استخدم الضباط المتقاعدون مخرجاً قانونياً تمثل في استمهال محاميهم لتقديم دفوع شكلية، ما دفع قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت شربل أبو سمرا إلى إرجاء النظر في ادعاء النيابة العامة الاستئنافية على 8 ضباط، بجرم الإثراء غير المشروع إلى 8 يناير (كانون الثاني) المقبل.
وحضر 5 ضباط من أصل 8 إلى القضاء، فيما لم يحضر قائد الجيش السابق جان قهوجي، وحضر عنه المحامي كريم بقرادوني، وعن العميد عامر الحسن حضر وكيله المحامي مروان ضاهر، وعن العميد كميل ضاهر حضر المحامي مارك حبقة.
وبعد أن استمهل المدعى عليهم لتوكيل محامين ووكلاء عدد منهم لتقديم دفوع شكلية، قرر أبو سمرا إرجاء الجلسة إلى 8 يناير المقبل، بعدما أمهل المحامين الذين طلبوا الاطلاع على الملف، مدة أسبوع لتقديم مذكرات دفوعهم، على أن يرسل مذكرة إلى النيابة العامة التمييزية للمطالعة وإبداء الرأي في الدفوع.
وبموجب قانون «الإثراء غير المشروع»، يتعيّن على الموظفين إثبات مصادر ثرواتهم بعد الادعاء عليهم جزائياً ودعوتهم إلى التحقيق، بمجرد بروز المظاهر الاجتماعية عليهم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.